1349107
1349107
روضة الصائم

الإنشاد فن يستهوي الشباب 15 - سليمان الراشدي : ألزم نفسي بتقديم اعمال اكثر احترافية

30 مايو 2018
30 مايو 2018

كل عمل يحمل بداخله خصوصيته المتفـردة ويظهر كمنظـومـــــــة لا تتلاشـــى -

اجرى الحوار: أحمد بن علي الذهلي -

منذ البدايات الأولى أحاول جاهدا ممارسة طقوس البساطة، محاولا تقديم محتوى فني يتسم بالإيجابية وروح الإنسانية، عبر كلمات تستسيغها آذان المستمعين، وتروق لها قلوب المتابعين ، مؤمنا بأن كل عمل يحتاج لعناء ومثابرة.

اعتدت منذ زمن، وعقب كل عمل أقدمه أن أستشرف من خلاله ردود الأفعال، فما بين مثمن للجهود،ومنتقد لاذع، أجد نفسي ملزما بتقديم أعمال أكثر احترافية محاولا توصيل الرسالة النبيلة، والمحتوى الفني الذي يجب أن يكون عليه فن الإنشاد بمختلف توجهاته الدينية أو الوطنية أو الاجتماعية، فهو من حيث المبدأ، ساحة واسعه لتقديم الأفضل للمجتمع، فالكل يتفاعل حسب استيعابه لما يصله من تفاصيل دقيقة، للحالة الشعرية التي كتبت عليها أبيات القصيدة المغناة أو لنقل الملقاة على المستمع، ففي كل خانة أحاول أن أضع نفسي في المكان المناسب، أجتهد قد المستطاع، وأدرك تماما حقيقة الأمر، وهي ربما أصيب في بعض الأمور فهذا من الله، وأحيانا لا يحالفني اجتهادي لنيل رضا فهذا نابع من نفسي والشيطان وأيضا أقول:(رضا الناس غاية لا تدرك).

أيقن تماما انني صاحب رسالة، وكل الأدوات التي أمتلكها أسخرها لخدمة أي عمل ملتزم، أخاطب به كافة شرائح المجتمع كلا بلغته واتجاهاته، معتمدا على المحتوى الفني الذي هو أساس أي عمل ناجح، وهدفه إيصال كل ما يهم المجتمع بمساراته المختلفة، وأجد دوما أن أتفاعل مع المجتمع بلغة التسامح، فهي السمة التي انطبع عليها مجتمعنا العماني بفئاته، أنثر في أرض الفضاء بذور المحبة في أرض لا تنبت إلا نباتا حسنا، فتخرج الأزهار فواحة بمحبة الناس وأكاليل النجاح...بهذه الكلمات عرف المنشد سليمان الراشدي قراء ملحق (روضة الصائم) عبر هذا الحديث الصحفي الذي خصنا به.

قيم تربوية واجتماعية

وحول الرسالة التي يهدف إليها الإنشاد من وجهة نظره أشار الراشدي إلى أن  الإنشاد في الأصل هو فن من الفنون الجميلة، والمعبرة عن مجموعة من الرسائل ذات دلالات ومعان عظيمة، فالإنشاد يعتبر صناعة يغذيها الصوت المفعم بالجمال والعذوبة فيلامس وجدان وقلوب المستمعين فيؤثر فيهم بشتى الطرق لكنه لا ينسى أن يخاطب عقولهم بلغة عصرهم، ويساند تطلعاتهم ويناقش قضاياهم، ومن هنا يمكن القول بأنه جسر التواصل بين فئات المجتمع فهو يوصل رسائله بشكل مباشر، ويمد أواصره النفسية التي تؤدي لتأسيس ثقافة فنية معززة للجوانب الإنسانية.

وأضاف: مجتمعاتنا العربية، تدرك أهمية وجود هذا الفن الهادف، وأهمية دوره في حياة الشعوب، فهو فن متأصل منذ القدم، نشأ في قالب واحد، لكن أدوات التطوير ظهرت عليه منذ أن أدرجت أنواع عدة من الرسالة الإنسانية ومنها ما يختص بالجانب التربوي والاجتماعي والوطني وجميعها تعكس الوجه المشرق للإنسان وتمثل فكره الاجتماعي الراقي ونمط أخلاقه المتفرد وتسلط الضوء على الشخصية العربية والعمانية بشكل خاص والتي تتميز بطباعها الإنسانية عبر امتدادها التاريخي وبعدها الحضاري.

العمل الفني (بعيشها لأجلي)

 وحول أهم أعماله قال: كل عمل فني يحمل بداخله خصوصيته المتفردة فهو في نظري إطار متكامل من منظومة عمل لا تتلاشى إحداثها وتنقص مجرياتها عن الأعمال الأخرى، لذا حاولت جاهدا التخاطب مع المجتمع من خلال التفاعل الفني من أجل أن يأخذ بعدا متفردا عن باقي الفنون وقد أطلقنا على العمل الفني (بعيشها لأجلي) وهو يحكي قصة شعورية يجب أن يتسم بها كلٌ منّا، وهي أن يعيش الإنسان لذاته، ويقدم لها ما يسعدها ويذكيها ويفتح لها آفاقًا أوسع للمضي في طرقات الحياة بلا كلل أو ملل.

وأضاف الراشدي: العمل من كلمات الشاعر الدكتور علي الغامدي  الذي يعد من أبرز الشعراء في الخليج العربي، وله تعاون وطيد مع نجوم الصف الأول من الفنانين، وتعاونت في التوزيع الموسيقي مع المايسترو ياسر ماجد وتنفيذ مجموعة الدكتور هشام نبوي بإشراف مهندس الصوت عمر صلاح والمايسترو حسام صالح لتنفيذ عمليات المكساج والماسترنغ ، ولا أنسى التعاون المميز مع مجموعة (أمواج البحرين) لتسجيل الكورال، والأهم والأبرز في هذا الإنتاج يتمثل في فكرة إيصال رسالة شبابية مدعومة بالصور المدمجة بالفيديو، وهي من رسم وإبداع الفنان الرقمي العماني منير السليمي حيث شملني بمجموعة من أجمل الأفكار التي من الممكن أن تفتح آفاقًا جديدة بين الفنانين والتشكيليين ومن لديه صلة بالفن وأتوقع أن العمل حقق نجاحا.

وأضاف: قصيدة«بعيشها لأجلي»  قدمتها في العام الماضي حيث تقول كلماتها:

بعيشهــا لأجلـــي كفـــاية عشتـــلك يـامـا كثــــير

ودي أحــس إنـي طبيعي وعـايش بدنيــا البشــر

في كـل أحــوالي أنا عاشـــق راضـي بالمصيــر

حسيت بـي أو ماتحــس أو ضـاعت سنينـي هـدر

ما زلت أنا العاقل وساكن في هوى الطفل الصغير

 ما زلت بيدينــي اكسّــر وابكـي لـو شـي انكســر

كل شـي جايـز فـي حياتي وممكـن بلحظه يصير

               حتـى الحجارة تليـن رغــم القسـوة لات قلــي حجــر

مـو عيـب إذا شافــوا بعيونـي لهفــة الشيـخ الفقير

               اللــي تعـب طــول السنــين ومـا جمـع غيـر الفقـر

العيـب أشوفـك في عيونـي حلمي وعشقي الكبير

                 وتشوفنـي ذاك الغــريب اللي قضـى عمــره سفر

وردا على سؤال حول تأثره ببعض الفنانين فالوسط العماني والعربي  أجاب قائلا: كثيرون من أضعهم أمامي كنموذج احتذي به،واستلهم من أعماله الشيء الكثير، وأسعى جاهدا إلى اكتساب الخبرة من أعمالهم الخالدة فهناك عدد كبير من الأصوات التي لا تزال تعيش بيننا بالرغم من رحيل أصحابها، لكن أعمالهم باقية، تحافظ عليها الأجيال، جيلا بعد آخر، فهناك توارث مستمر.

فريق يضم نخبة من النجوم

وعن المجموعة التي تعامل معها المنشد سليمان الراشدي في إنتاج أعماله قال: الوسط الفني يعج بالكثير من الوجوه التي لها بصمتها الواضحة على الساحة، فهم يعدون نجوما في صناعة الفن الراقي المتزن فمن ضمن الذين أتعامل معهم شعراء من السلطنة الشاعر طارش قطن، ويوسف الكمالي وحمود المخيني وغيرهم، أما على المستوى الخليجي فهناك الشاعر السعودي علي الغامدي وغيره، وقد استطعنا - ولله الحمد - إتمام بعض الأعمال الفنية وبعضها لا يزال قيد التنفيذ وهناك أيضا عدد من الملحنين أتعاون مع الملحن حمود الحرش وفواز المكي وأحمد سيف، وكذلك أتعاون مع الموزع ياسر ماجد وأسامة سعيد وأحمد أسدي وخالد الشعيلي ومهندس الصوت حسين بركات وعمر صلاح والمجموعة الموسيقية المتميزة للدكتور هشام نبوي والمايسترو هاني فرحات من مصر.

وأضاف: وفي مجال تنفيذ الكورال لدي تعاون ملموس مع عدد من المجموعات العمانية والبحرين والإمارات والكويت،وعدد من الأسماء المساندة لنجاح المحتوى الفني الملتزم ، وضمان سيره بالشكل الصحيح من مبدعي السلطنة ومنهم الرسام الرقمي منير السليمي والمصوران عماد حسن وجاسم الحسني والمهندس المختار السيفي والخطاطان صالح الشكيري ومحمد الجديدي والعديد ممن له بصمة في تنفيذ أعمالنا وحريصين على الظهور بأعلى جودة يعمل عليها سوق الفن.

إنتاج عمل «تخرجنا»

وعن آخر أعماله الفنية قال: سعيا منا لإيجاد منظومة فنية مختلفة، وطموح منا أن تأخذ بعدا متفردا عكفنا على طرح عدة أفكار لبيان مسار إنتاج عمل «تخرجنا»، ومدى تأثيره فالوسط الفني والمجتمع بشكل عام، فقد عملت على التعاون المباشر في كتابة الفكرة والأبيات مع الشاعر يوسف الكمالي، ثم دخلنا لمرحلة التلحين من خلال الاستعانة بالفنان فواز المكي وفي توزيعها الموسيقي كان مع المايستروا أسامة سعيد، ومجموعة( نغم) من دولة الكويت لتسجيل الكورال.

 وأضاف: في الحقيقة لم يكن من السهل إيجاد هذه التوليفة المتكاملة، والتي أخذت منا الكثير من الجهد في التخطيط والتفكير، وقد استعنت ببعض من المقربين لدي في هذا الجانب ولذا أتمنى أن يأخذ هذا الإنتاج بعدًا متميزًا ومساحة كافية،وأن يكون مقربا من ذوق الجمهور.

ورد على سؤال حول الصعوبات التي يواجهها الكثير من الفنانين العمانيين من قلة الإمكانيات أجاب قائلا: أعتقد أن الفنان هو الداعم الأول لموهبته قبل كل شيء، وهذا يأتي من خلال إيمانه التام بالرسالة النبيلة التي يقدمها للمجتمع، وأسس هذا الدعم الذاتي يتجلى في عملية صقل الموهبة التي يمتلكها بالشكل الصحيح وهناك عدة طرق منها: التزود بأدوات فن الإنشاد، كنقاء الصوت، وحسن الألفاظ ، وأيضا الصفات الإنسانية كالأخلاق والفضائل، وأيضا يجب عليه انتقاء الأعمال الجيدة لما يتم إنتاجها في الساحة بشكل يسهم في زيادة قدراته، إلى ذلك يجب عليه البحث الجاد عن كل ما هو جديد ومفيد خاصة فيما يتعلق بتقصي مواقع القوة في الأعمال التي تقدم بشكل مستمر، ويسعى إلى المشاركة في الفعاليات وخوض غمار التجارب الجادة، كذلك هناك أمور يجب أن يتمسك بها أي فنان هو كيفية استفادته من الخبرات الموجودة على الساحة، وهذا أمر اعتقد بانه بالغ الأهمية، من منطلق: تعلم، فليس المرء يولد عالما أو اخو علم كمن هو جاهل. وأضاف: هناك الدعم المادي والمعنوي الذي يجب أن تقدمه مؤسسات المجتمع المدني من خلال إيجاد فظلة متكاملة تهتم بفن الإنشاد وغيره من الفنون الجميلة.

وفي رد آخر عن رؤيته إذا كان هناك ثمة نوع من القصور في فهم رسالة فن الإنشاد لدى بعض شرائح المجتمع العماني،وبعض المؤسسات قال: دعني في البدء أقول: ان فن الإنشاد علامة بارزة في المشهد الثقافي العماني، وأصبح - ولله الحمد - يثبت حضوره الفاعل من خلال مشاركة المجتمع سواء في الاحتفالات الوطنية أو الدينية، وأرى أنه من الطبيعي أن لا تجتمع رؤى جميع فئات المجتمع على هذا الفن أو غير ، وهذا القصور ربما ظاهرة طبيعية لكن مستوى الإدراك أصبح أكثر وضوحا في الجيل الجديد، ولكن نتمنى أن يكون هناك اهتمام أكبر من المؤسسات الحكومية والخاصة بأهمية هذا الفن ودوره في توجيه الرسائل المجتمعية وأيضا أهميته في طرح قضايا الشباب ويدعوهم للبذل والعطاء.

تطور الحراك الفني الإيجابي

وعن أهم مشاركاته السابقة قال: لقد أتيحت لي الفرصة في المشاركة في العديد من الفعاليات والمحافل المحلية والدولية ومنها مهرجان الإنشاد العماني، ومهرجان القدس في دولة الكويت ومهرجان «رسل السلام» بالمملكة العربية السعودية وصيف أبها كذالك بالمملكة ومهرجان صيف الشمالية بدولة الإمارات وملتقى الثقافات بجمهورية ماليزيا وغيرها الكثير من المشاركات الخاصة والمشاركات الأهلية والمجتمعية.

 وحول طموحه والخطوات القادمة التي يجد في الوصول اليها أكد قائلا: أتمنى فعلاً أن يكون لي دور في تطور الحراك الفني الإيجابي والملتزم الذي يناقش قضايا الشباب سواء في السلطنة او الوطن العربي والعالم ، وذلك لإيصال كل الرسائل الإنسانية لمختلف الأطياف وبكل السبل المتاحة، وذلك من منطلق أن بلادنا الغالية عمان تمتلك المقومات التي تؤهلنا لتكون منفتحة على جميع أقطار العالم ، ونكون رسل سلام للعالم أجمع، كون السلطنة صديقة للجميع وأبناؤها الأوفياء إخوان للجميع وتجمعهم كل الروابط الحسنة والمشاعر الصادقة، وأتمنى بذلك أن يعم الخير والسلام والحب كل بقاع الدنيا.