1351087
1351087
عمان اليوم

محافظ ظفار يؤكد: اكتفاء ذاتي بعدد المتطوعين في المحافظة

29 مايو 2018
29 مايو 2018

[gallery columns="4" size="medium" ids="597606,597605,597604,597602"]

انطلاقا من الانتماء الوطني والمبادرات الكثيرة -

رسالة التطوع: عامر بن عبدالله الأنصاري -

عدسة: فيصل البلوشي -

شملت التجهيزات الأولية والتخطيطات الاحترازية والبرامج الموضوعة للتعامل مع الحالة المدارية «موكونو» كافة مجالات البلاد دون استثناء، وأشغلت كافة الوزارات والجهات الحكومية كل حسب مجال اختصاصه، سواء بالتعامل مع الأوضاع قبل الحالة المدارية أو أثناءها أو بعد مرورها للتعامل مع ما خلفته من أضرار.

اكتفاء تطوعي

ورغم قيام كافة الجهات بمسؤوليتها المهنية والوظيفية، كان للجانب التطوعي أثر كبير انطلاقا من المسؤولية الوطنية والاجتماعية، لتتكاتف تلك الجهود مع بعضها مشكلة ملحمة وطنية في أبهى حلة جمعت أبناء السلطنة من أقصاها إلى أقصاها على بقعة واحدة، ما جعل محافظة ظفار تشهد اكتفاءً ذاتيا بعدد المتطوعين العاملين في الجانب الميداني سواء من الفرق الأهلية الرسمية أو من الأفراد الذين أبدوا استعدادا لخوض غمار إعادة الأوضاع إلى طبيعتها.

هذا ما أكده معالي السيد محمد بن سلطان البوسعيدي وزير الدولة ومحافظ ظفار، في تصريح نشر في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال: «نحن حاليا لدينا الإمكانيات الكافية لإدارة العملية، وبالتالي نطلب من عمليات الإغاثة أن لا يأتوا، لأنها سوف تضيف عبئا في ترتيب الجموع التي سوف تأتي، ونحن في الحقيقة مكتفون، وإن كان هناك أناس متطوعون يرغبون في الانضمام من الأفضل أن يتوجهوا إلى وزارة التنمية الاجتماعية أو الهيئة العمانية للأعمال الخيرية، لأن الجهتين هما المعنيتان».

إدارة المبادرات

وتعددت الجهات التطوعية، فقد شملت الفرق الأهلية الرسمية، والأفراد، وأصحاب المؤسسات التجارية ورواد الأعمال، وأما من ناحية التنظيم فكذلك تعددت الجهات، سواء من الهيئة العامة للأعمال الخيرية، ومن وزارة التنمية الاجتماعية، وغرفة تجارة وصناعة عمان فرع ظفار، ومكاتب الولاية، واللجنة الوطنية للشباب التي فتحت باب التسجيل لمن يرغب في التطوع من كافة أنحاء السلطنة.

وللوقوف على جزء بسيط من تلك الجهود، سلطنا الضوء على الفريق المؤقت المنبثق من غرفة تجارة وصناعة عمان فرع ظفار، تحت مسمى «فريق ظفار التطوعي»، فكانت لنا معهم وقفات تحدث فيها عدد من أعضاء الفريق، ومن ضمنهم رئيس الفرع المهندس حسين البطحري الذي أوضح لـ «عمان» بداية تشكيل الفريق المؤقت، والذي ضم عددا من الفرق التطوعية من مختلف محافظات السلطنة القريبة والبعيدة، وكذلك عددا من التجار ورواد الأعمال، إضافة إلى أعضاء المجلس البلدي وأعضاء الغرفة بطبيعة الحال.

كما أوضح بأن هناك مبادرات انبثقت من الغرفة، منها توفير مياه الشرب وصهاريج المياه والطعام والمساكن لبعض العوائل والأشخاص الذين قد يتعرضون للخطر، إلا أن عددا من رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات التجارية فور معرفتهم بأن الموضوع يتعلق بالحالة المدارية أبدوا استعداداهم لتوفير المتطلبات دون مقابل مادي، وخرجت تلك المبادرات بتوفير أكثر من 30 عمارة في أماكن آمنة لتأوي العوائل والأفراد المعرضين للخطر.

كما أشار إلى أن الفريق انبثقت عنه عدة لجان، تشكلت وفق الحاجة، ففي قطاع المأوى تشكلت لجنة قامت بتسكين عدد كبير من الناس، ما ولد تشكيل لجنة تتعلق بالغذاء لتوفير الحاجيات الأساسية من وجبات الإفطار والسحور والمياه لكل فرد في تلك المساكن، إضافة إلى بعض المناطق، وأضاف بأن لجنة التغذية دعت إلى تشكيل لجنة أخرى وهي لجنة النقل، إلى أن تشكلت لجنة تتعلق بالرصد وحصر الاحتياجات.

وتقوم تلك اللجان التابعة للفريق المؤقت بعملها بداية من الساعة الثانية عشر ظهرا وحتى ساعات الفجر من اليوم الثاني.

إضافة إلى ذلك تطرق رئيس فرع الغرفة إلى أعداد المتطوعين، حيث بلغوا أكثر من 250 متطوعا، مجتمعين في مقر الغرفة بصلالة، مشيرا إلى أن كافة الفرق التطوعية والفرق المنبثقة من الأندية الرياضية عملوا تحت شعار واحد وهدف واحد دون التعصب لفريق معين على فريق آخر.

وأشاد البطحري بإتقان بعض الفرق التطوعية في التعامل مع مثل هذه الحالات، مشيرا إلى أن الإعداد الجيد يعطي كافة الجهات الثقة لتلك الفرق بأن تتحمل المسؤولية وتخوض في العمل الميداني، سواء بتوزيع المؤن الغذائية أو بالتنظيف، كما انهم يقومون بعمليات دقيقة قبل الدخول إلى مجاري الأودية مهما بدت خفيفة الجريان، منها قياس قوة دفع المياه، وكذلك مستوى العمق والحمولة، وبناء على تلك المعطيات يقومون بقطع الوادي أو اتخاذ قرار بعدم المرور، ووصفهم بأن البعض منهم مدنيون بصفة عسكرية.

ولم يشر البطحري إلى فريق تطوعي بعينه، أو فريق من ولاية معنية، وذلك لأن كافة الفرق التطوعية عملت تحت لواء واحد وهو لواء خدمة الوطن، مؤكدا أن ذكر فريق دون آخر قد يسبب بعض الحساسيات، فقد يسهو عن ذكر أحد الفرق التطوعية التي شاركت بكل إخلاص وتفان ولا زالت تواصل عطاءها، وذلك بالتنسيق المباشر مع الجهات الحكومية والخاصة مثل الشرطة والجيش والبلدية وغيرها من الجهات.

مجهودات مساندة

ومن أعضاء الفريق الدكتور عماد الشنفري، الذي أكد بأن المجهودات التي قام بها فريق الغرفة المؤقت فاق ما تقوم به بعض الجهات الحكومية، ضاربًا بذلك مثالا بمبادرة أصحاب العمارات السكنية، والذين فتحوا المجال لكثير من العائلات التي تم إجلاؤها من «حاسك» و«الحالانيات» للسكن في شقق مفروشة، بدلا مما كان مفترضا أن يتم تسكينهم في مراكز الإيواء في المدارس، وأكد الدكتور الشنفري بأن ما قام به رواد الأعمال وأصحاب هذه المبادرة لتلك العائلات أمر مهم جدا، فتسكين عائلة في مراكز إيواء أمر صعب نسبيا، ما بيَّن الفارق الكبير في توفر الأعمال التطوعية من عدمها.

كما أشار إلى أن الفريق بادر بتوفير مساكن للقوى العاملة الوافدة التي كانت تسكن في منطقة «الحافة» في صلالة في وقت قياسي، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وبذلك خففت كثيرا على وزارة التنمية الاجتماعية، والتي بطبيعة الحالة لديها مسؤولية كبيرة يجب أن تنجزها خلال وقت قياسي. وبيَّن الشنفري عدد الذين تم إيواؤهم عن طريق الفريق، حيث بلغ العدد الإجمالي 7000 فرد موزعين على مراكز الإيواء والعمارات.

ومما تطرق إليه الدكتور عماد ما يتعلق بمساعدات التغذية، حيث أوضح بأن الخطوة الثانية تتمثل في المساعدات العينية للأسر المتضررة أملاكهم، مؤكدا أن الدور القادم على مبادرة المؤسسات الخاصة بتوفير تلك المستلزمات لهم، وعلى المواطنين الراغبين في التطوع يفضل التطوع بالمعدات، مثل الأثاث والإلكترونيات وغيرها التي تدمرت بفعل الحالة المدارية، وأبدى الشنفري انطباعه الجيد بما سيتحقق في هذا الجانب.

التغذية

فيما أشار المهندس أحمد بن محمد بيت علي سليمان عضو المجلس البلدي، وهو أحد أعضاء الفريق التطوعي المشكل من الغرفة إلى آلية عمل اللجنة الغذائية، حيث تتلقى من لجنة الإيواء عدد الوجبات المطلوبة، وذلك لأن العدد في تغير مستمر، وأوضح بأن عدد الوجبات قد تجاوز في أحد الأيام أكثر من 6000 وجبة.

وتتوفر تلك الوجبات عن طريق تعاقد الفريق مع المطاعم والمطابخ الشعبية، وبالنسبة للتوزيع يكون هناك تنسيق مع مجموعة كبيرة من المتطوعين وتقسيمهم على مناطق الايواء.

مؤكدا رغم كثرة أعداد الوجبات، إلا أن عدد المتطوعين الكبير والتنظيم الجيد لهم كان له الأثر في سرعة الإنجاز والتوصيل.

تنسيق

وممن تحدثت «عمان» معهم سالم بن أحمد المردوف الكثيري أمين سر المجلس البلدي لمحافظه ظفار، وأكد في حديثه أن هناك طاقات كبيرة تنصب في المجال التطوعي، وهذه الطاقات يجب أن يتم استغلالها الاستغلال الأمثل لتعطي نتاج إيجابية، وبمعنى آخر أكد على ضرورة التنسيق ومتابعة التعليمات الصادرة من الجهات الأمنية وأخذها بعين الاعتبار، إضافة إلى التنسيق وتوزيع الأدوار بطرق منظمة ولكي لا تكون هناك ازدواجية في العمل بين المتطوعون.

ولمزيد من التنسيق اقترح أمين سر المجلس البلدي أن يكون هناك تنسيق مع مكتب أصحاب السعادة الولاة إذا ما كانت الجهود التطوعية تقصد ولايات أخرى غير ولاية صلالة، فيكون هناك تفاهم وترتيبات تذلل كل الصعوبات، وبالتالي تترجم تلك الجهود إلى نتائج إيجابية.

مشاهد ملحمية

وإضافة إلى عمل غرفة تجارة وصناعة عمان فرع ظفار، تقوم وزارة التنمية الاجتماعية كذلك بالتنسيق مع بعض الفرق التطوعية وإدارة أمورها، كما يفضل أن يتم التنسيق المباشر لأي فريق تطوعي يرغب بالمشاركة في إعادة الأوضاع إلى طبيعتها أو بتوفير الأساسيات أن تقوم بهذا التنسيق، وذلك بهدف إدارة العملية التطوعية وعدم تضارب المصالح.

ومن جانب الأفراد، تشكلت فرق عمل ميدانية من أبناء المناطق المتضررة، وقد وقفت «عمان» على عدد من تلك الفرق، يتشارك فيها الكبار والصغار، في عملية جمع المخلفات وإزالة كميات الأتربة التي غطت الشارع، في صورة ملحمية تبشر بإعادة الأوضاع إلى طبيعتها خلال الأيام القادمة، ويقوم المتطوعون من أبناء المناطق بالأعمال الميدانية بكل همة ونشاط وبأعداد كبيرة في أوقات الصيام، ولم تثنهم بطونهم الخاوية عن العمل في مناطقهم بكل أمانة وإخلاص، فيقومون بجمع المخلفات في مناطق متفرقة، وبالنسيق مع شركة «بيئة» يتم نقل تلك المخلفات.

إلى جانب العديد من المشاهد التي وثقتها عدسة الكاميرا وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، من قيام المتطوعين بعمليات التنظيف، والإيواء، وتوزيع المستلزمات الأساسية من مواد التغذية، مشاهد سيوثقها التاريخ والعالم للعمانيين في تلاحمهم وتعاونهم، ليس العمانيون فحسب، بل كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.