1351604
1351604
الاقتصادية

في ثاني أمسيات الغرفة - مناقشة إمكانية تنظيم وتأطير المسؤولية الاجتماعية ودور القطاع الخاص

29 مايو 2018
29 مايو 2018

كتب - حمد بن محمد الهاشمي -

نظمت غرفة تجارة صناعة عمان أمس الأول ثاني أمسياتها الرمضانية، والتي كانت حول (المسؤولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص)، رعى الأمسية معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية، بمقر الغرفة الرئيسي بمسقط، بحضور عدد من أصحاب وصاحبات الأعمال والمهتمين بالمسؤولية المجتمعية.

ركزت محاور الأمسية حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية وإمكانية تنظيمها وتأطيرها بشكل أكبر في السلطنة، وتقييم دور القطاع الخاص العماني والجهود الوطنية الساعية للارتقاء بالمسؤولية الاجتماعية، كما قدمت الأمسية نماذج رائدة في المسؤولية الاجتماعية بالقطاع الخاص وجوانب المسؤولية الاجتماعية لدعم العمل الخيري في السلطنة.

أدار الجلسة الحوارية إسحاق الشرياني الرئيس التنفيذي لمركز الطموح الشامخ، كما شاركت شيماء بنت مرتضى اللواتية المؤسِسة والمديرة العامة للوجهة للاستدامة بورقة عمل، وتحدث خلال الجلسة هلال بن علي السناني نائب الرئيس التنفيذي للمسؤولية الاجتماعية والعلاقات العامة للمؤسسة التنموية في الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات في شركة تنمية نفط عمان، ومحمد بن مبارك الحسني رئيس الاتصالات والعلاقات التجارية في مؤسسة الزبير.

قانون المسؤولية الاجتماعية

أوضح معالي الشيخ محمد بن سعيد الكلباني وزير التنمية الاجتماعية أنه تم طرح الكثير من الأفكار التي تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية وأهميتها تعتبر نقلة نوعية في اهتمام القطاع الخاص في تقديم خدماته للمجتمع سواء في مناطق الامتياز أو مختلف مناطق السلطنة للمجتمع، حيث إن مثل هذه اللقاءات تدفع بالعمل في القطاع الخاص والأهلي للأمام وتحفيز مختلف الجمعيات الأهلية التي تعمل في مختلف ولايات السلطنة لتنشيط برامجها وتقديم برامج هادفة بدعم الشركات بالقطاع الخاص.

وحول وضع قانون المسؤولية الاجتماعية قال معاليه: إن المفهوم معروف ولا يوجد به اجتهادات، والحكومة تعمل على تبني أهداف التنمية المستدامة، بحيث تجمع كل شيء يتعلق بالإنسان والمجتمع، فمتى ما استطعنا تبني هذه الأهداف ونعمل على تحقيقها سنكون قادرين على إصدار (نظام أو قانون المسؤولية الاجتماعية)، ولكن كمفهوم لا بد من أن نعمل على تحديده.

وأضاف: إن الوزارة توجد لديها دائرة للاستثمار والدعم الاجتماعي وتعمل منذ سنوات في إطار التنسيق المباشر بين الشركات في القطاع الخاص والجمعيات الأهلية، وهناك أمثلة بارزة للمشروعات القائمة ومنها قطاع الإعاقة متمثلة في الجمعية العمانية للمعوقين وجمعية التوحد، ومبادرات مباشرة في قطاعات التعليم والطفولة بالتعاون مع الوزارة، ودائما تعمل الوزارة بالتنسيق مع القطاع الخاص لدعم هذه البرامج، مؤكدا على أن وجود ندوات ومؤتمرات تناقش تحديات وتطورات المسؤولية الاجتماعية يخدم تطور مسيرة هذا الجانب، في عام 2011 لم تكن هناك أية مبادرات من جانب الشركات بالسلطنة تعنى بشأن المسؤولية الاجتماعية، واليوم توجد لدينا 3 شركات عملت بنقلة نوعية لتعزيز مفهوم المسؤولية الاجتماعية تتمثل في شركة جسور بصحار، وشركة تواصل للمسؤولية الاجتماعية بالدقم، والمؤسسة التنموية للغاز الطبيعي المسال، إلى جانب تبني سوق مسقط للأوراق المالية لعدد من برامج المسؤولية الاجتماعية، التقليل من عدد الشركات التي تقدم أعمالها في المسؤولية الاجتماعية غير صحيح، بل هناك عدد جيد من الشركات تقدم مبادرات للمجتمع من منطلق مسؤوليتها الاجتماعية وجميعها تقدم للمجتمع وليس للحكومة، فقطاع الإعاقة من القطاعات المهمة إلى جانب غيرها في حاجة للفتة أكبر من القطاع الخاص.

الامتثال للقوانين

وقالت شيماء بنت مرتضى اللواتية المؤسِسة والمديرة العامة للوجهة للاستدامة ومستشار أول في الاستدامة والمسؤولية المجتمعية: المسؤولية المجتمعية هي مسؤولية المؤسسات في معرفة وتحمل آثار أنشطتها على البيئة والمجتمع من خلال ممارسات أخلاقية شفافة في المساهمة في التنمية المستدامة، بما في ذلك الصحة ورفاهية المجتمع، كذلك أخذ توقعات أصحاب الشأن في عين الاعتبار وأصحاب الشأن هم كل فئات المجتمع من أفراد وجمعيات ومؤسسات مجتمعية، وأيضا الامتثال للقوانين المعمول بها بالدولة وبما يتفق مع معايير العالمية الطبيعية وأن تكون هذه الشركات هي أول من يطبق القوانين ويحرص على الامتثال بها.

وأضافت: إن مشروعات المسؤولية الاجتماعية هي مشروعات مخطط لها جيدا، ويتم البدء بالتواصل فيها مع المجتمع قبل فترة كافية من الشروع فيه (أي قبل ظهور التحديات)، وذلك بهدف بناء الثقة والمصداقية بين الشركة والمجتمع من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وليس من أجل إيجاد (حلول سريعة) للتحديات التي تواجهها الشركة.

مشيرة إلى أن المسؤولية المجتمعية للشركات بمفهومها في المواصفات القياسية الدولية أيزو 26000 هي لإفادة جميع المتأثرين والمؤثرين، وليست ممارسة نظام (التبرعات) ومعاملة متلقيها كعالة على المجتمع.

وأشارت إلى أن المسؤولية المجتمعية توجد فرصا لاستفادة أفراد المجتمع، بحيث إن الاستفادة تكون بقدر عملهم وإنتاجهم والتزامهم بالمنفعة المتوفرة، كما أن هذه المسؤولية تكون متمخضة من حاجة المجتمع وتهدف إلى توفير حلول جذرية للتحديات التي يواجهها المجتمع، كما أنها تساهم في إيجاد أفراد مبادرين.

وفي مقارنتها مع التبرعات التي تقدم أشارت إلى أن التبرعات توجد أفراد معتمدين على غيرهم - متواكلين (عالة على المجتمع)، وأفراد غير مبادرين يعتبرون النفع جزءا من حقهم، ويكونون أكثر سخطا إن لم يتم تكرار توفير المنفعة، وأن أكثر هذه التبرعات تأخذ شكل فعاليات وأنشطة قصيرة المدى وعشوائية (متمخضة من حاجة عاجلة أو أزمة طارئة) ولا توفر حلول جذرية للتحديات وإنما حلول وقتية (ليس لها نمط الاستدامة).

وعن وضع المسؤولية المجتمعية في سلطنة عمان أشارت شيماء إلى أن العديد من المؤسسات تقوم بتبرعات مالية تأخذ طابع العمل الخيري، ولكنها تروج لها كمشروعات مسؤولية مجتمعية ينقصها الفهم العميق لكيفية تنفيذ وإدارة مشروعات مسؤولية مجتمعية طويلة المدى، كما أنه ينقصها التقييم ودراسة أثرها، بحيث إنه لا يوجد تقييم فعلي محايد لبرامج المؤسسات.

وأضافت: إن التواصل المجتمعي الذي يكون بين المؤسسة والمجتمع مباشرة، هو ليس من الطرق المفضلة للوقوف على احتياجات المجتمع وربطها باستراتيجية المؤسسة، حيث يتوجب وجوب إشراك المجتمع المشاركة الفعالة.

وأضافت اللواتية: كذلك إلى أن للسلطنة جهودا مشجعة لتوجيه مشروعات المسؤولية الاجتماعية نحو تحقيق الاستدامة، ولكن توجد هناك بعض التحديات ومنها تدريب وتطوير المهارات الصحيحة للعاملين في مختلف القطاعات لقيادة دفة الاستدامة في السلطنة، كذلك عدم وجود التشريعات والقوانين المنظمة للممارسات المتعلقة بالاستدامة، وعدم وجود التقييم المستمر لبرامج المسؤولية المجتمعية.

تحديد الأولويات

كما تحدث هلال بن علي السناني نائب الرئيس التنفيذي للمسؤولية الاجتماعية والعلاقات العامة للمؤسسة التنموية للشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال في هذه الأمسية حول دور وتجربة الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال في المسؤولية المجتمعية، مشيرا إلى أن الشركة تضع 1% من صافي أرباحها لخدمة المجتمع.

وأوضح أن وجود عناصر مشجعة ومحفزة تدفع المؤسسة لخدمة ودعم المجتمع ومن بين هذه العناصر التي تمتلكها الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال هي رسالة المؤسسة منذ بدايتها واستمراريتها لدعم الأعمال والمشروعات المجتمعية دافع لها للمواصلة.

وأشار السناني إلى أن الشركة نظمت أكثر من 6000 مبادرة ومشروعا في مختلف القطاعات وفي مختلف محافظات السلطنة، كما أن للشركة مبادرة لإقامة مشروعات كبيرة كل خمس سنوات بحيث تقوم بتقديم مشروع كبير متخصص، ومنها مشروع مستشفى صور والمشروع العلمي للسلاحف و26 سيارة إسعاف ومركز للتوحد وغيرها من المشروعات والبرامج لمختلف أفراد المجتمع.

وحول التحديات التي تواجه مؤسسات وشركات القطاع الخاص في تنفيذ مشروعات المسؤولية الاجتماعية هو عدم التمكن من تحديد الأولويات لبرامج المسؤولية الاجتماعية، وعدم وجود مظلة واحدة منظمة لمشروعات المسؤولية الاجتماعية تقوم بتنظيم ومتابعة وتقييم هذه المشروعات.

الاستثمار في المجتمع

كما استعرض محمد بن أحمد الغريبي مدير الشؤون الخارجية والاتصالات بشركة تنمية نفط عمان جهود الشركة في مجال المسؤولية الاجتماعية، مشيرا إلى أن للشركة العديد من المبادئ تدفعها لتبني مشروعات المسؤولية الاجتماعية ومن هذه المبادئ التركيز على الإنسان الذي هو محور التنمية، كذلك فإن إيمان الشركة الراسخ بأن نجاح الشركة هو من نجاح المجتمع، كما أن الاستثمار في المجتمع هو من ضمن الأركان التي تقوم عليها الشركة، مضيفا أن للشركة عدة سياسات في الاستثمار الاجتماعي ومنها التقليل من تأثيرات المشروعات التي تقوم بها الشركة والتي من بينها الآثار البيئية والصحية وغيرها وذلك خدمة للمجتمع، وتعظيم المشروعات التي يمكن تنفيذها.

وأشار الغريبي إلى أن شركة النفط العمانية تركز في مشروعاتها في الاستثمار الاجتماعي على البحوث وتنمية البنية الأساسية للمجتمع والمياه والصحة والسلامة.

وأضاف: إن مشروعات تنمية نفط عمان في التنمية الاجتماعية متعددة مثل بناء المستشفيات وحفر الآبار وتحلية المياه وتمكين النساء ذوات الدخل المحدود في المشروعات التجارية، مشيرا إلى أن عدد المشروعات التي تم تنظيمها أكثر من 80 مشروعا تتراوح من 18 إلى 20 مليون ريال عماني.

استدامة الشركات

وأوضح محمد بن مبارك الحسني رئيس الاتصالات والعلاقات التجارية بمؤسسة الزبير أن عدد الشركات الفاعلة في المسؤولية الاجتماعية بالسلطنة لا تتعدى 50 شركة.

مشيرا إلى أنه توجد مدرستان في مجال المسؤولية الاجتماعية. المدرسة الأولى ذكر مؤسسها أن الهدف الرئيسي لأي شركة هو تحقيق الربح والأهداف الأخرى تعتبر أهدافا جانبية، حيث إن الكثير من الشركات الأوروبية تعتمد على هذه المدرسة، ولكن أوروبا تعاملت مع تلك التحديات من خلال وضع القوانين والتشريعات التي تنظم المسؤولية الاجتماعية فيها.

أما المدرسة الثانية فقد ذكر مؤسسها أن للشركات أهدافا متعددة من ضمنها الربحية بالإضافة إلى الأهداف الأخرى، وهذه الفلسفة نفسها التي تنتهجها شركة تنمية نفط عمان والشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال من خلال تنمية البشر والموظفين وغيرها.

وتحدث الحسني عن مفهوم الاستدامة، قائلا: يمكن استدامة الشركات من خلال تحقيقها لأهدافها في البيئة المناسبة، بمعنى أن يكون هناك استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي، حيث إنه إذ لم تتوفر تلك العوامل لن تتمكن من تحقيق أهدافها.

وأوضح أن الاستقرار يكون أيضا في المنطقة التي تقع فيها الشركة، فبعض الأحيان يتطلب من تلك الشركة أن تصنع علاقات طيبة مع سكان المنطقة التي تعمل فيها.

وقال الحسني في حديثه: في الوقت الحالي ترتبط المسؤولية الاجتماعية بموضوع التقبل المجتمعي، حيث يجب على الشركات بعد الحصول على الموافقات الحكومية أن تحصل على موافقات من المجتمع التي تمارس فيه عملها، وإذا هذه الموافقات لم تبن ببرامج طويلة المدى في أي لحظة يمكن أن تلاقي هذه الشركات تحديات ومخاطر.

وأكد أن قطاع المسؤولية الاجتماعية كان سابقا عبارة عن تبرعات ودعم المجتمعات الأهلية، أما الآن فقد تطورت لبناء مؤسسات وغيرها من الخدمات طويلة المدى.