روضة الصائم

لقاء متجدد: أهم العبادات (3)

28 مايو 2018
28 مايو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

لا يجوز أن تزاحم جماعة أقيمت بجماعات أخرى

من العادات المتفشية في الصلاة تزاحم الجماعات، فكم تجد في المسجد الواحد من تعدد الجماعات في الوقت الواحد! ولربما تعللوا لذلك باختلاف الصلاتين بحيث تكون إحدى الجماعتين تصلي الظهر أو المغرب، والأخرى تصلي العصر أو العشاء، وهذه التعلة ليست مجدية شيئا، إذ لا يسوغ بحال أن تقام صلاة أخرى إذا أقيمت الصلاة في جماعة لما ثبت من طريق أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة»، أي التي أقيمت، وليس لأحد أن ينشئ صلاة أخرى ولا أن يقيم تلك الصلاة في جماعة أخرى، والحديث جاء بألفاظ متعددة تؤكد هذا المعنى منها: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت»، ومنها: «إذا أخذ المؤذن في الإقامة فلا صلاة إلا المكتوبة».

وقد شدد العلماء في هذا فقالوا لا تقام فريضة ولا نافلة بعد إقامة المؤذن لصلاة مكتوبة، حتى أن منهم من قال إن المستدرك في الظهر إن قام للاستدراك وأقيمت صلاة العصر عند المسافرين فسدت صلاته.

وإذا كان التشديد في هذا يصل إلى هذا الحد فما بالك بأولئك الذين لا يبالون أن ينشئوا جماعات أخرى حال إقامة الصلاة في الجماعة؟!! وقد بلغني أن الاستخفاف بالعبادة في هذا قد يصل ببعضهم إلى أن تتعدد الجماعات عندهم في مسجد واحد فتصل إلى ست جماعات في الوقت نفسه!!! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الصلاة عند هؤلاء هي أهون شيء، فلا يبالون بها أن تؤدى كيفما كانت من غير مراعاة لأحكامها الشرعية، وضرورة أدائها كما أمروا بها، وإنما يؤثرون هواهم - واستعجالهم من أجل دنياهم- على أدائها وفق أوامر الله سبحانه، وهو مما يرجع إلى ضحالة إيمانهم وضعف يقينهم باليوم الآخر، وإلا لفكروا في مصيرهم وكيف يستعدون له في الدنيا بفعل الواجبات على الوجه المشروع واجتناب المنهيات.

وليت شعري؛ ما الذي يدفع هؤلاء إلى مثل هذا التصرف الأهوج المقيت غير الجهل بالدين، وأن العبادات لا تعدو عندهم أن تكون عادات ألِفوها، فلا يبالون كيفما أدوها؟.