hamda
hamda
أعمدة

معجزاتي الصغيرة

27 مايو 2018
27 مايو 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

كنت أراجع بعض الملفات القديمة في جهاز الحاسوب الخاص بي كعادتي في جرد محتوياته بين فترة وأخرى عندما قادني بحثي إلى قائمة الأحلام التي وضعتها لنفسي قبيل سنوات، غالبيتها كانت مصنّفة في قائمة المستحيلات التي كنت أظن حينها أنه سيكون من الصعب تحقيقها، ولكن تنفيذًا لفكرة أدخلها أحد المدربين في ذهني آنذاك بأن أكتب أهدافا كبيرة فيها تحدٍ وأعتقد أنه من الصعب تحقيقها، كتبت تلك القائمة، هالني أن ما كنت قد صنفته بالمستحيل هو واقع أعيشه اليوم، للدرجة التي اعتدت فيها عليه، وأصبح أمرا معتادا، أمارسه بشكل تلقائي وبدون أن أتوقف للتفكير فيه.

فتحت صفحة «المقتنيات» التي احتوت على كثير من الأشياء التي بات الحصول عليها أمرا معتادا، كيف استصعبتها آنذاك وكيف تصورت أن تحقيقها أمرا محالا.

فتحت ملف الإنجازات وهو ملف اعتدت أن أكتب فيه كل يوم عشرة «إنجازات» كنت فخورة بها خلال اليوم، فدهشت من تفاهة القائمة، فقد احتوت هي الأخرى أمورا باتت في نسيج شخصيتي وسلوكيات وعادات يومية لا تتطلب حتى التفكير فيها.

لربما أنت أيضا لو راجعت شريط حياتك، ستكتشف مثلي بأن كثيرا من المعجزات قد تحققت لك فعلا، وأن معجزات شبه يومية تحدث لنا بشكل دائم لا ننتبه لها لأننا نادرا ما نعيش بوعي، إننا على الدوام نعيش متأرجحين بين ماضٍ إما أنه كان جميلا فنمضي العمر نتحسر عليه، وإما أنه كان حافلا بالمآسي فنعيش نستحضر مرارتها على الدوام، وبين مستقبل يحفه مجهول مخيف، إذ لا شيء يرعب المرء كما يرعبه المجهول، أو أمل بمستقبل جميل يجعلنا محلقين في أحلام يقظة دائمة، ونفوت بذلك عيش اللحظ الحالية، التي لو وعينا لاكتشفنا بأنها هي حياتنا، هذه اللحظات التي تمر من بين أيدينا سريعا، هي بعد عدة سنوات ستشكل ماضينا في الواقع، هي الوقت الوحيد الذي نستطيع أن نحقق فيه المستحيل ونستمتع به، ولا ننتظر حتى تمر السنون ونستذكره كلحظة مرت دون أن نستشعر فيها.

نظرة امتنان لما حولنا، ستجعلنا ندرك بأنه ومهما تكن أوضاعنا فإننا نعيش معجزات يومية، تتطلب فقط أن نتوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين.