روضة الصائم

لقاء متجدد: أهم العبادات «1»

26 مايو 2018
26 مايو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

إن للعبادات آثارا عظمى في حياة الناس، الشخصية والنوعية، وفي علاقاتهم الخاصة والعامة، وهي تختلف في مشروعيتها بحسب اختلاف حاجة النفوس إليها، وإلى ممارستها، وللناس غفلة عن كثير من أحكامها، ولست الآن بصدد إحصاء أخطائهم فيها، فإن ذلك يستوجب إفراد تلك الأخطاء بمؤلف خاص، ولكنني أنبه على أهم العبادات وأقدسها وأعمقها أثرا وأبلغها تأثيرا، وهي الصلوات الخمس التي فرضت على كل مسلم ومسلمة متكررة في كل يوم وليلة، وما ذلك إلا لأهميتها وضرورة حياة الناس إليها.

وكم تُرْتَكب فيها من أخطاء من قبل مؤديها، ولذلك فُقِدَ تأثيرها في النفوس؛ لأنها أصبحت عادة من العادات تتوارثها الأجيال، فيرثها الولد عن والده، وقد بيَّن -صلى الله عليه وسلم- أنها إن لم تؤد على الوجه المشروع صارت كأنها لم تؤد، فقد ثبت عن جماعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد وقال: «ارجع فصل، فإنك لم تصل»، فرجع يصلي كما صلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل، فإنك لم تصل» ثلاثا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني، فقال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، وافعل ذلك في صلاتك كلها».

فأنت ترى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر الرجل الذي صلى أن يعيد صلاته لأنه لم يصل، أي لأنه لم يأت بالصلاة المشروعة على وجهها الشرعي، وما ذلك إلا لأنه أضاع فيها ما كان يجب عليه من الطمأنينة في ركوعه وسجوده، وفيما بينهما وبين السجدتين، إذ الصلاة يجب أن يقبل عليها المسلم وقد قطع علاقاته عن الدنيا وأقبل بكله على الله، فلا يشغل ذهنه عن الله شاغل، ولا يصده عن التوجه إليه صاد، فلا يعجله أمر أن يراعي ما يجب عليه في صلاته من السكينة والطمأنينة وعدم العجلة في أدائها، فهو عليه أن يكون في وقوفه بين يدي الله تعالى مطمئنا وكذلك في ركوعه وسجوده، وفي رفعه من الركوع أو السجود، فلا ينقر نقر الديكة كما لا يلتفت التفات الثعالب.