روضة الصائم

فـــتاوى: الجنابة حدث أكبر كالحيض.. وكما لا يصح صيام الحائض كذلك الجنب

26 مايو 2018
26 مايو 2018

لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة:-

هل الطهارة من الجنابة شرط في صحة الصوم؟ وما قولكم في قول الإمام الصنعاني في سبل السلام: (إن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث عائشة)؟ حديث عائشة الذي يشير إليه السائل: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من جماع ثم يغتسل ويصوم»، وحديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح جنبا أصبح مفطرا»؟

الجنابة حدث أكبر كالحيض، وكما لا يصح صيام الحائض كذلك الجنب، ودليله حديث «من أصبح جنبا أصبح مفطرا»، أما دعوى النسخ فتحتاج إلى دليل ولا دليل لمدعيه، والأصل في تعارض دليلين يدل أحدهما على مشروعية حكم والآخر على عدمه أن يقدم ما دل على المشروعية في العمل، لأن الدليل الآخر استصحب الأصل، وقد ثبت رفع حكم الأصل بالدليل الناص على مشروعية الحكم، ولم يثبت أن ذلك الحكم نسخ بعد مشروعيته، ومن ناحية أخرى، فإن هذا الحكم يعتضد في هذه المسألة بالنظر، من حيث إن الصيام عبادة بدنية خالصة، فإن لم تشترط لها الطهارة من الحدث الأصغر فلا بد لها من الطهارة من الحدث الأكبر، ويؤكده اشتراط الطهارة له من الحيض والنفاس، والجنابة كالحيض والنفاس في حكم الحدثية، فهي إذا مثلهما في منافاتها لصحة الصوم . والله أعلم

وقال الشيخ - حفظه الله - في جواب آخر لنفس السؤال: حديث أبي هريرة يترجح في هذه المسألة على حديث عائشة وأم سلمة- رضي الله عنهما- بأمرين: أولها: أن تعارض الدليلين المختلفين في شغل الذمة وبراءتها يقضي بترجيح ما شغل الذمة، لأن البراءة هي الأصل قبل ورود الدليل، فإذا ورد الدليل الشاغل للذمة كان الشغل هو الأصل، وحمل ما عارضه على الأصل السابق قبل التعبد بما شغل الذمة، لأن رفع هذا الشغل يحتاج إلى دليل يثبت نسخ الحكم، والنسخ لا يكون بالاحتمال، فكيف يرفع الحكم بما يحتمل أن يكون وروده مقارنا للبراءة الأصلية لا بعد الاشتغال.

ثانيها: أن الجنابة حدث أكبر كالحيض، وقد أجمعت الأمة على عدم صوم الحائض فكذا الجنب. والله أعلم.