روضة الصائم

حقوق المرأة

25 مايو 2018
25 مايو 2018

جمعة بن خلفان البطراني -

الإسلام رفع من شأن المرأة، وسوى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة، ومساوية له في جزاء الآخرة، ولها حق التعبير، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله، ولها حق التملك، تبيع وتشتري، وترث، وتتصدق وتهب، ولا يجوز لأحد أن يأخذ مالها بغير رضاها، ولها حق الحياة الكريمة، ولا يُعتدى عليها، ولا تُظلم، ولها حق التعليم، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها، ومن إكرام الإسلام لها كذلك أن أمرها بما يصونها، ويحفظ كرامتها، ويحميها من الألسنة البذيئة، والأعين الغادرة، والأيدي الباطشة؛ فأمرها بالحجاب والستر، والبعد عن التبرج، وعن الاختلاط بالرجال الأجانب، وعن كل ما يؤدي إلى فتنتها، ومن إكرام الإسلام لها أيضا أن أمر الزوج بالإنفاق عليها، وإحسان معاشرتها، الحذر من ظلمها، والإساءة إليها، بل ومن المحاسن أيضا؛ أن أباح للزوجين أن يفترقا إذا لم يكن بينهما وفاق، ولم يستطيعا أن يعيشا عيشة سعيدة؛ فأباح للزوج طلاقها بعد أن تخفق جميع محاولات الإصلاح، وحين تصبح حياتهما جحيما لا تطاق، وفي المقابل فقد أباح للزوجة أن تفارق الزوج إذا كان ظالما لها، سيئا في معاشرتها، فلها أن تفارقه على عوض تتفق مع الزوج فيه، فتدفع له شيئا من المال، أو تصطلح معه على شيء معين ثم تفارقه.

ومن صور تكريم الإسلام للمرأة أن أنقذها من أيدي الذين يزدرون مكانها، وتأخذهم الجفوة في معاشرتها؛ فقرر لها من الحقوق ما يكفل راحتها، وينبه على رفعة منزلتها، ثم جعل للرجل حق رعايتها، وإقامة سياج بينها وبين ما يخدش كرامتها.

ومن الشاهد على هذا قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) البقرة: ٢٢٨، فجعلت الآية للمرأة من الحقوق مثل ما للرجل؛ وإذا كان أمر الأسرة لا يستقيم إلا برئيس يدبره فأحقهم بالرئاسة هو الرجل الذي شأنه الإنفاق عليها، والقدرة على دفاع الأذى عنها، وجمهور الفقهاء على أن الرجال أولى بالمناصب السياسية والإدارية من النساء، وعلى ذلك جرت سنة الخلافة الراشدة، كما جرت سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم– من قبل، فلم يسند منصب رئاسي للمرأة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن الفرس ولوا بنت كسرى ملكة عليهم أنه قال: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، وهذا ما استحق به الدرجة المشار إليها في قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) النساء: ٣٤، بل إن الله -عز وجل- قد اختص الرجل بخصائص عديدة تؤهله للقيام بهذه المهمة الجليلة مهمة القوامة، ومن تلك الخصائص ما يلي:

أ- أنه جُعل أصلها، وجعلت المرأة فرعه، كما قال تعالى: (أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء: ١.

ب- أنها خلقت من ضلعه الأعوج، كما جاء في قوله-عليه الصلاة والسلام-: (استوصوا بالنساء؛ فإن المرأة خلقت من ضلَع أعوج، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه؛ إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج؛ استوصوا بالنساء خيرا).

ج- أن المرأة ناقصة عقل ودين، كما قال-عليه الصلاة والسلام-: (ما رأيت ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم منكن)، قالت امرأة: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين؟ قال: (أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، وتمكث الليالي لا تصلي، وتفطر في رمضان؛ فهذا نقصان الدين)، فعلى هذا لا يمكن للمرأة أن تستقل بالتدبير والتصرف.

د- ما يعتري المرأة من العوارض الطبيعية من الحمل والولادة، والحيض والنفاس، فيشغلها ذلك كله عن مهمة القوامة الشاقة، قال الشيخ الغزالي: (ولما كان الرجل بعيدا عن مشاغل الحيض والنفاس والرضاع كان أجلد على ملاقاة الصعاب، ومعاناة الحرف المختلفة، وكان الضرب في الأرض ابتغاء الرزق ألصق به هو).

هـ- أنها على النصف من الرجل في الشهادة كما قال الله سبحانه: (فإن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) البقرة: ٢٨٢، فقد قرر الإسلام الاستيثاق من شهادتها بضم الأخرى إليها فكان ذلك متمشيا مع ما أكده الطب من تغيرات عامة ومهمة تطرأ وتصيبها باستمرار، وكذلك هي نصف الرجل في الدية، والميراث، والعقيقة، والعتق، هذه بعض الخصائص التي يتميز بها الرجل عن المرأة.