الاقتصادية

أسعار النفط تتراجع مع زيادة التركيز على قرار أوبك

24 مايو 2018
24 مايو 2018

الغاز الطبيعي الأمريكي جاهز لغزو العالم -

عواصم (وكالات) - سجلت أسعار النفط أمس أكبر انخفاض يومي لها في أسبوعين في ظل زيادة التوقعات بأن تنهي منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) اتفاق خفض الإمدادات المطبق منذ بداية 2017 بفعل المخاوف بشأن الإمدادات من فنزويلا وإيران. تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 1.08 دولار إلى 79.72 دولار للبرميل في أكبر انخفاض يومي لخام القياس العالمي منذ الثامن من مايو، وانخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 86 سنتا إلى 70.98 دولار للبرميل.

كانت مصادر في أوبك وقطاع النفط أبلغت رويترز أن المنظمة قد تقرر في يونيو زيادة إنتاج النفط لتعويض تراجع المعروض من إيران وفنزويلا وسط مخاوف واشنطن إزاء موجة صعود في أسعار الخام. يتراجع إنتاج فنزويلا بسبب أزمة اقتصادية بينما أصبح الإنتاج الإيراني مهددا بعقوبات أمريكية.

كانت أوبك اتفقت مع بعض كبار منتجي النفط من خارجها على خفض إنتاج النفط 1.8 مليون برميل يوميا لدعم أسعار النفط والتخلص من تخمة المعروض.

وتجتمع أوبك والمنتجون المستقلون في فيينا يوم 22 يونيو.

وقالت شركة الخليج العربي للنفط (أجوكو) الليبية أمس: إنها رفعت إنتاجها النفطي إلى 180 ألف برميل يوميا بعدما كانت خفضته الأربعاء بسبب طقس حار على نحو غير معتاد أثر على إمدادات الكهرباء، وقال مسؤول في الشركة طلب عدم ذكر هويته: إن الإنتاج الذي انخفض الأربعاء إلى 146 ألف برميل يوميا سيزيد إلى ما بين 200 و220 ألف برميل يوميا اليوم الجمعة إذا ظلت إمدادات الكهرباء مستقرة. ويقل هذا عن متوسط الآونة الأخيرة البالغ 260 ألف برميل يوميا.

وقال مسؤول بميناء البريقة الليبي أمس: إن حقل الراقوبة النفطي الذي تديره شركة سرت للنفط وينتج خمسة آلاف برميل يوميا قد استأنف ضخ الخام إلى الميناء الواقع في شرق ليبيا بعد أن تسببت احتجاجات في توقف التدفقات يوم الأربعاء. وأجوكو وسرت للنفط تتبعان المؤسسة الوطنية للنفط. واضطرت أجوكو لوقف الإنتاج في حقل المسلة يوم الأربعاء بعدما زادت الحرارة إلى 49 درجة مئوية مما أثر على إمدادات الكهرباء. وواجه حقل السرير مشكلات مماثلة، ولم تعلن ليبيا عضو منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بيانات الإنتاج للشهر الجاري. كانت مصادر في القطاع قدرت الإنتاج بمليون برميل يوميا قبل انقطاع الكهرباء الذي أثر على أجوكو.

وفي حقل الراقوبة قال مسؤول في شركة سرت: إن بعض الشبان المطالبين بتحسين الخدمات الذين أوقفوا الإنتاج قد أنهوا اعتصامهم بعد تدخل الشركة.

وتُنظم احتجاجات من آن لآخر في منطقة مرادة النائية في شرق ليبيا التي تضم حقل الراقوبة وغيره من المنشآت النفطية لمطالبة السلطات بالتعامل على وجه السرعة مع المشكلات الناتجة عن غياب الحكومة ونقص الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات.

وقال المسؤول بعد اجتماع بين مسؤولي الشركة ومسؤولين محليين ومحتجين في البريقة «تم الإيضاخ لهم بخطورة ما أقدموا عليه وانعكاساته على الوضع الراهن، وأيضا تم إطلاعهم على خطط وبرامج المؤسسة بخصوص التنمية المستدامة في المناطق المحيطة بالحقول».

تجتاح الاضطرابات ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011.

وقال مسؤولون: إن بعض الشبان يحتجون أيضا بسبب عدم وجود طرق تربط بين مرادة وغيرها من المناطق وللمطالبة بفرص عمل، وهي أزمة عامة في ليبيا. وفجرت جماعات مسلحة خط الأنابيب القريب من مرادة مرتين منذ ديسمبر في ظل اضطراب الأمن في المنطقة الشرقية النائية.

الغاز الطبيعي الأمريكي جاهز

قامت الولايات المتحدة التي تنتج كميات كبيرة من الغاز الطبيعي مؤخرا بتسريع البحث عن أسواق عالمية في حملة تجارية يدعمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقالت برين دوهيرتي المتخصصة في هذه المادة الأولية في «سوسييتيه جنرال»: إن «الفترة 2018-2029 تعد منذ فترة طويلة فترة حاسمة للسوق العالمية للغاز الطبيعي».

وبفضل تقنيات الاستغلال الجديدة في الأحواض الصخرية وخصوصا في منطقة الابالاش في شمال شرق البلاد أصبحت الولايات المتحدة منذ 2009 أول منتج للغاز الطبيعي في العالم. وقد بلغت الكمية التي استخرجتها في 2017م أكثر بقليل من ملياري متر مكعب يوميا. وتصدر الولايات المتحدة جزءا من هذه الثروة الوفيرة عبر أنابيب الغاز إلى كندا والمكسيك. لكن لبلوغ أسواق أبعد تعول الولايات المتحدة على الغاز الطبيعي المسال الغاز المكثف بشكل سائل لتصديره بالطرق البحرية، وبدأت صادرات الغاز الطبيعي المسال ترتفع في 2016 عندما استأجرت شركة «شينيير اينرجي» للمرة الأولى ناقلة انطلاقا من منشآتها في سابين باس في ولاية لويزيانا، وحتى ذلك الحين لم تكن الولايات المتحدة تصدر الغاز سوى من مرفأ في الاسكا أغلق في 2015.

وارتفعت الصادرات بمقدار أربع مرات خلال عام ما جعل من الولايات المتحدة دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال للمرة الأولى منذ ستين عاما.

وأكثر من خمسين بالمائة من هذا الغاز يتم تصديره إلى المكسيك وكوريا الجنوبية والصين، وحوالي الثلث إلى أوروبا.

ويتوقع أن ترتفع هذه الصادرات بشكل كبير إذ أن مجموعة «دومينيون اينرجي» تدير مرفأ جديدا في كوف بوينت بولاية ميريلاند على الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وقد بدأ عمله في مارس بينما يفترض أن تنجز أربعة مشاريع أخرى بحلول 2019.

وستبلغ قدرة الولايات المتحدة على التصدير حينذاك 272 مليون متر مكعب يوميا.

ثالث دولة مصدرة في العالم

النتيجة حسب الوكالة الأمريكية للمعلومات حول الطاقة هي أن الولايات المتحدة ستحتل المرتبة الثالثة بين الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد أستراليا وقطر متقدمة على ماليزيا. ويمكن للشركات الأمريكية الاعتماد على طلب قوي على الغاز. فقد ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن الطلب سيرتفع بنسبة 1,6 بالمائة سنويا حتى 2040، مقابل 0,5 بالمائة للنفط و0,2 بالمائة للفحم. ويشجع الرئيس دونالد ترامب على ازدهار هذا القطاع.

فمنذ أن تحدث في يونيو 2017 عن «الهيمنة الأمريكية في مجال الطاقة» أشاد ترامب مرات عدة بمزايا الغاز الطبيعي الأمريكي، وتحدث مثلا خلال زيارة إلى بولندا الصيف الماضي عن مصلحة الدول الأوروبية في تنويع مصادر تزودها بهذه المادة.

وآسيا مستهدفة بشكل خاص. فقد ذكرت وكالة الطاقة الدولية أن ثمانين بالمائة من زيادة الطلب على الغاز حتى 2040 تأتي من الدول الناشئة وعلى رأسها الصين والهند. وأكد وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين هذا الأسبوع أن قضية صادرات النفط والغاز الأمريكية تأتي في صلب المفاوضات التجارية مع الصين. وقال مسؤولون أوروبيون: إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني الذي يمكن أن يمنع طهران من استغلال احتياطاتها الهائلة من الغاز، أو انتقاداتها الأخيرة لمشروع أنبوب الغاز «السيل الشمالي 2» (نورد ستريم 2) الذي يربط بين روسيا وألمانيا، هما طريقة لتمهيد الطريق أمام الغاز الطبيعي الأمريكي. إلا أن دوهيرتي رأت أنه «من المبالغة القول إن الطاقة هي الدافع الأول لهذه القرارات».

وأضافت أن هذه القرارات «لها مضاعفات لا شك فيها على سوق الطاقة» لكن «حاليا ليست لدينا أي رؤية لعواقب هذه الأفعال».

وتابعت أن «الشركات الأمريكية تتخذ القرارات الخاصة بها حسب الأرباح والخسائر التي يمكن أن تولدها».

روسيا والسعودية واتفاق النفط

قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك أمس: إن لدى روسيا والسعودية موقفا مشتركا إزاء مستقبل الاتفاق العالمي لخفض إنتاج النفط في حين قالت شركة لوك أويل الروسية: إن الاتفاق ينبغي أن يظل مطبقا لكنه يحتاج لتعديل. وقال نوفاك خلال منتدى اقتصادي في سان بطرسبرج من المتوقع أن يحضره وزير الطاقة السعودي خالد الفالح: «لدينا موقف مشترك». واتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول بقيادة السعودية وغيرها من كبار منتجي النفط وأبرزهم روسيا على خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام. وعبرت بعض أطراف السوق عن القلق بشأن نقص محتمل في النفط في ظل تراجع الإنتاج في فنزويلا بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الموقع مع إيران. وأكدت السعودية أنها قد ترفع إنتاجها النفطي لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات. وقال وحيد علي كبيروف رئيس لوك أويل ثاني أكبر شركة نفط روسية تنتج أكثر من 1.7 مليون برميل يوميا: إن الوقت حان لزيادة إنتاج النفط في ظل وصول السعر إلى 80 دولارا للبرميل، وهو ما لم يحدث منذ نهاية 2014. وتجتمع أوبك ومنتجون غير أعضاء في يونيو في فيينا لمناقشة التعاون فيما بينهم ومستقبل الاتفاق، وقال علي كبيروف: «آمل أن نجتمع مع الوزير نوفاك قبل الاجتماع ... سعر 80 دولارا لبرميل النفط مرتفع بالفعل». وقالت وكالة الإعلام الروسية إن نوفاك أبدى اعتقاده أن متوسط أسعار النفط سيتجاوز 60 دولارا للبرميل في 2018.