أفكار وآراء

بعض أحكام التحكيم بغرفة التجارة الدولية

23 مايو 2018
23 مايو 2018

عبدالقادر ورسمة غالب -

[email protected] -

في بداية التحكيم، يتقدم المدعي بطلب التحكيم والمادة (5) (1) من نظام مركز التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس تنظم المدة التي يجب علي المدعي عليه إيداع الرد. وتناولت المادة ما يجب أن يتضمنه الرد، في خلال 30 يوما من استلام المدعي عليه لطلب التحكيم من الأمانة العامة بباريس.

من الناحية العملية فإن 30 يوما قد تعتبر مدة قصيرة خاصة بالنسبة للقضايا الكبيرة التي تتضمن عددا هائلا من الأدلة والمستندات، ولذا أجازت المادة (5) (2) للأمانة العامة أن تمنح المدعي عليه مدة إضافية لتقديم الرد ولم تحدد المادة حدا أقصى للتمديد. وتبدأ المدة من تاريخ استلام المدعي عليه الدعوى من الأمانة العامة، وأحيانا يقوم المدعي بنفسه بإرسال نسخة إلى المدعى عليه في عنوانه، ولكن المدة التي حددها نظام التحكيم تبدأ من تاريخ استلام المدعي عليه اللائحة المرسلة من الأمانة العامة.

إذا لم يقدم المدعى عليه دفاعه في الوقت المحدد فإنه يتحمل المخاطرة في أن المحكمة قد تتخذ بعض القرارات قبل أن تسمع رأيه في موضوعات مهمة عليه الالتزام بها. مثل تقدير المصاريف الخاصة بالتحكيم؛ لأن أوراق الدعوي تعرض ضمن جدول أعمال محكمة غرفة التجارة التي تعقد مرة كل شهر من أجل الموافقة على تحديد المصاريف قبل بدء إجراءات التحكيم.

وبالرغم من أن النظام لم ينص، إلا أن العادة جرت على إثارة الدفاع المتعلق بالاختصاص قبل الدخول في موضوع الدعوي. وهناك أيضا احتمال أن يفقد المدعي عليه حقه في إبداء رأيه في بعض الأمور المهمة إذا لم يقدم مذكرة دفاعه في الوقت المحدد مثل تحديد مكان التحكيم أو عدد المحكمين إذا لم يتم الاتفاق عليهما.

على المدعى عليه أن يرفق مع رد الدفاع الدعوي المتقابلة والطلبات التحفظية، إن وجدت، ويجب التركيز هنا أن اتفاقية التحكيم يجب أن تنص على أن اختصاص المحكمين يتضمن الفصل في الدعوي المتقابلة الإجراءات التحفظية، مع ملاحظة أن تقديم الدعوي المتقابلة يؤدي إلي زيادة المصاريف. ويجب أن تطلب تناولت المادة (6) الأحكام المتعلقة بالاتفاق على التحكيم سواء تضمنه العقد المبرم بين الأطراف أو تم ذلك في اتفاق لاحق، مع العلم أن الاتفاقية هي التي تحسم موضوع اختصاص هيئة التحكيم وهي تحسم أيضا موضوع خضوع أطراف النزاع إلى نظام غرفة التجارة الدولية، وتكون مصدر سلطة المحكمين في الفصل في النزاع.

وأوردت المادة (6) أن الأطراف الذين يتفقون على اللجوء إلى التحكيم حسب نظام غرفة التجارة الدولية يخضعون لنظام التحكيم النافذ يوم رفع دعوى التحكيم ما لم يتفقوا على الخضوع للنظام النافذ في تاريخ اتفاقهم على التحكيم.

وبخلاف أنظمة التحكيم الأخرى، لم تشترط المادة (6) (2) أن يكون اتفاق التحكيم بين الأطراف مكتوبا، بل كل ما اشترطته أن يكون هناك اتفاقا، وأن يتم إثبات هذا الاتفاق بأي وسيلة من وسائل الإثبات وغالبا ما تأخذ محكمة التحكيم في غرفة التجارة بأدلة مكتوبة مثل المراسلات عن طريق الفاكس أو المراسلات العادية.

من الأحكام الأساسية والقواعد العامة، لا يمكن إلزام أي شخص باتفاقية تحكيم ليس طرفا فيها. وفي هذه الحالة يجب على محكمة غرفة التجارة أن تأخذ قرارا بشأن إدخال هذا الطرف من عدمه والعبرة هنا في مراعاة الظروف المحيطة بكل حالة على حدة. أي أن مجرد الادعاء لا يكفي، بل يجب أن تكون هناك ظروف تدعو إلى الاعتقاد وبدرجة معقولة بأن لهذا الطرف علاقة بالدعوى. ومن خلال القضايا التي اطلعنا عليها نلاحظ أن المحكمة تتشدد في قبول طرف في التحكيم إذا لم يكن موقعا على اتفاقية التحكيم.

وفي موضوع مرتبط بتعدد الأطراف يطرأ سؤال، هل يجب أن تكون هناك اتفاقية تحكيم واحدة يوقع عليها جميع الأطراف في التحكيم؟ وهل يكفي اتفاق واحد علي التحكيم لتغطية عدد من الاتفاقيات متتالية ومترابطة مع الاتفاق المنصوص فيه على التحكيم؟

هذا سؤال تشكل إجابته صعوبة كبيرة؛ لأن اتفاقية التحكيم تسري على الأطراف الموقعين عليها دون غيرهم ما لم يثبت للمحكمة أن إرادة الأطراف قد اتجهت صراحة على أن يشمل بند التحكيم الاتفاقيات الأخرى المرتبطة ولكنها لم تلتزم دائما بهذا الاتجاه.

وحيث إن المادة (6) (2) لم تحدد كيف ومتى يمكن أن تقرر هيئة التحكيم اختصاصها إلا أنه جرى العمل بأن مسألة الاختصاص يجب أن تثار، ويتم التطرق إليها قبل الدخول في موضوع النزاع وبالتالي فإنه في حالة غياب أي اتفاق بين الأطراف أو سكوتهم في اتفاقية التحكيم عن تحديد صلاحيات الهيئة في النظر في اختصاصها فإن الهيئة بذلك تكون حرة في القرار بشأن اختصاصها سواء قبل الدخول في موضوع النزاع أو بعد ذلك. وبطبيعة الحال فإنه كلما كان صدور القرار في الاختصاص في وقت سابق على الفصل في موضوع النزاع كان ذلك أفضل لتفادي حالة ما إذا وجدت الهيئة نفسها بعد الدخول في موضوع النزاع أنها غير مختصة.

تضمنت المادة (7) (2) أن المحكم قبل أن يتم تعيينه يجب أن يوقع على تعهد من جانبه يلتزم فيه أن يكون مستقلا وأن يصرح كتابيا للأمانة العامة عن الحقائق والظروف التي تؤدي إلى الشك في استقلاليته من قبل الأطراف وأن تقوم الأمانة بتقديم هذا التصريح لطرفي الدعوي وتحدد لهم وقتا للرد والملاحظات أو الاعتراضات إذا كان لديهم اعتراض. وهذا الإجراء مهم جدا ويجب التقيد والاهتمام به من كل الأطراف والأمانة العامة.

هذه بعض الأحكام الخاصة بالتحكيم الدولي، وسنتناول المزيد في مقالات لاحقة.