روضة الصائم

لقاء متجدد: تعظيم القرآن (2)

22 مايو 2018
22 مايو 2018

أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة -

من أعجب ما بلغني أن كثيرا من الطلاب – في المدارس والجامعات – عندما لا يجدون ما يقعدون عليه ويريدون أن يقوا ثيابهم غبار الأرض وأدرانها يقعدون على كتب الدراسة!! والكيّس منهم من ينزع منها كتاب التربية الإسلامية، وهم لم يفكروا في أن كثيرا من تلك الكتب تحتوي على آيات من كتاب الله، وعلى العديد من أسمائه الحسنى، فكيف تصل بهم الوقاحة وقلة الأدب إلى القعود عليها؟ بل لو لم تكن تحتوي على شيء من ذلك، فإن العلم مهما كان يجب أن يقدر ويعظَّم، ولا يستهان به، فكيف يقعد طالب على كتاب يستفيد منه علما، وقد علمت كيف نبه القرآن على مكانة العلم وقدره؟؟.

وذكر برهان الدين الزرنوجي في كتابه تعليم المتعلم طريق التعلم ما يجب من مراعاة حرمات العلم والكتاب- وقد كنت أحضر حلقة يدرس فيها هذا الكتاب في أيام الصبا- ومما جاء فيه قوله: «قيل ما وصل من وصل إلا بمراعاة الحرمة وما سقط من سقط إلا بترك الحرمة».

وقوله: «ومن تعظيم العلم تعظيم الكتاب، فينبغي لطالب العلم أن لا يأخذ الكتاب إلا بالطهارة، وحكي عن الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني أنه قال: إنما نلت هذا العلم بالتعظيم، فإني ما أخذت الكاغد إلا بطهارة، والإمام السرخسي كان مبطونا في ليلة وكان يكرر درس كتابه فتوضأ في تلك الليلة سبع عشر مرة، لأنه كان لا يكرر إلا بالطهارة، وهذا لأن العلم نور والوضوء نور، فيزداد نور العلم به، ومن التعظيم الواجب أن لا يمد الرّجل إلى الكتاب، ويضع كتب التفسير فوق سائر الكتب، ولا يضع على الكتاب شيئا آخر، وكان أستاذنا شيخ الإسلام برهان الدين يحكي عن شيخ من المشايخ أن فقيها كان وضع المحبرة على الكتاب، فقال له: برنيابي برنيابي».اهـ.

وأذكر أن كلمة بَرُنَيَابِي فسرت في الحلقة التي كان يُدرس فيها هذا الكتاب بأنها كلمة فارسية تدل على أن من فعل هذا لا يبارك له في علمه.

وأنت ترى في هذا الكلام أن كتب العلم يجب التمييز بينها في أقدارها، فالأفضل منها هو الذي يترك فوقها جميعا، ولما كان تفسير القرآن هو أفضل العلوم على الإطلاق لأنه تفسير كلام الله تعالى وجب أن تكون كتب التفسير فوق سائر الكتب، وإذا كان هذا في ترتيب وضع الكتب بعضها فوق بعض، فما بالك بمن يضع شيئا من أدواته على الكتاب كالقلم أو الهاتف النقال أو الساعة أو المحبرة؟! .