1331468
1331468
روضة الصائم

الإنشاد فن يستهوي الشباب - عدنان المبسلي: المنشدون يركزون على الابتكـــــار والتجـديد

21 مايو 2018
21 مايو 2018

اجرى الحوار: أحمد بن علي الذهلي -

المنشد عدنان بن محمد بن خميس المبسلي بدأ فن الإنشاد الهادف منذ أن كان في الصف الثالث الابتدائي، كما كان لوالديه الفضل الكبير في اكتشاف هذه الموهبة وهما اللذان دفعا به في سن مبكر لتعلم القرآن الكريم الأمر الذي ساعده على تعلمه وتلاوته بصوت جميل، ومن خلال تشجيع معلم القرآن خلفان بن سعيد الحبسي له وإعطائه الكثير من الثقة، بدأ عدنان يبحر في تلاوته، واستمع لقراء مشهورين مثل القارئ الشيخ مشاري العفاسي، وهو أيضا كان مشهورا بأناشيده التي كان لها دور في توجيه المجتمع، فبدأ يقلد أناشيده، واكتشف أمتلاكه موهبة الإنشاد. من بعدها بدأ بالمشاركة في طابور الصباح في المدرسة بتقديم عدد من الأناشيد ومن ثم ظهر في المسابقات الإنشادية وحصل على مراكز متقدمة، وهذا الأمر جعله يجتهد ويطور من موهبته في الإنشاد.

ويرى المبسلي أن الإنشاد بشكل عام يناقش قضايا مجتمعية بحتة تساعد في توجيه وتقويم المجتمع، وهو ليس مختصا بأمور الدين فقط، وإنما يناقش جميع جوانب الحياة، وفي الآونة الأخيرة تنوعت المواضيع بشكل كبير مما ساعد على توسيع نطاق رسالة النشيد في مجتمعنا.

وحول مشاركاته الماضية قال: هنالك العديد من المشاركات الداخلية والخارجية، وكلها مهمة بالنسبة لي، ولكنني سأتطرق لذكر البعض منها، فلقد مثلت السلطنة في أكبر مسابقة إنشادية على مستوى العالم العربي والإسلامي في الشارقة سنة 2011 وشاركت في الكويت في مهرجان حب المصطفى، وشاركت في احتفالات العيد الوطني في المملكة المتحدة، وأبرز مشاركاتي الداخلية كانت في مهرجان الإنشاد العماني الأول الذي أقامته وزارة التراث والثقافة.

الصوت الجميل غير المتكلف

• ما المقومات الأساسية التي يجب أن تتوفر في المنشد الجيد حتى يستطيع الوصول إلى الجمهور بسهولة؟

هنالك عدة جوانب يجب أن تتوفر في المنشد لينجح ويصل بكل سلاسة إلى قلوب الجمهور: أولها المحافظة على رسالة النشيد الهادفة وبثها بروح صادقة، وأيضا الصوت الجميل غير المتكلف وإن استطاع أن يلم بعلوم النشيد فيعتبر هذا عاملا مهما لقدرة المنشد على تفرده وإتقانه لجميع ألوان وأنواع الأناشيد مما يسهل عليه إرضاء جميع الأذواق.

• دائما طرقات الحياة غير معبدة بالورود، فثمة عثرات قد تعترض الطريق، وربما تكون حجر عثرة في طريق بعض من يدخل مجال الإنشاد الديني، فحبذا لو تحدثنا عن هذا الجانب بصفة عامة والتطرق إلى أبرز التحديات؟

- حتى الآن لا توجد معنا مدارس لتعليم الإنشاد وتدريب الصوت وتطويره، فالكل هنا يعمل باجتهاد فردي، وقلة الدعم لمثل هذا الفن تجعله فنا يصعب الاستمرار فيه لسنوات عدة إلا من رحم ربي، فقد يلجأ الجميع إلى تكوين فرق إنشادية لتلم شملهم ويتعلمون من بعضهم البعض لضمان الاستمرارية، ولا يزال هناك العديد من المنشدين يعانون لقلة وجود مثل هذه الفرق.

• هناك ملاحظة تظهر في الأفق، وتتمثل في توجه البعض نحو الإنشاد الديني، ولكنه سرعان ما يحيد عن طريقه، ويتجه نحو الغناء وأحيانا يحدث العكس.

ترى ما الدوافع التي تحدث لحدوث تلك المفارقات؟

- الإشكالية هنا تكمن في الهدف الأسمى للمنشد فتجده في كر وفر مع نفسه لا يركز على رسالة النشيد الأصيل، ويبدأ الانجراف في البحث عن الشهرة من أوسع أبوابها، وهنا لا يملك سوى صوته، ولا يوجد فن آخر سوى الغناء من بعد الإنشاد له جمهور كبير في كل البقاع الأمر الذي يشجعه على التحول لمخاطبة تلك الفئة فقط من أجل ضم أكبر جمهور ممكن، وينسى بأنه منشد والإنشاد فن ملتزم. إضافة إلى ذلك بعض المنشدين لا يقتصرون على سماع الأناشيد فحسب، وإنما يستمعون للغناء مدعين أن الهدف من وراء ذلك هو تطوير الصوت وإتقان ألوان مختلفة من شأنها أن تساعد على الوصول للاحترافية، ولكن سرعان ما يجد نفسه منجرفا وراء الغناء وبدأ بالتنازل عن مبادئه كمنشد وترك الإنشاد من أجل الغناء.

عمل فني واحد يكلف مئات الريالات

• بنظرة إلى الماضي، كيف استطاع الإنشاد الديني أن يؤثر في المجتمع خاصة مع قلة الإمكانيات، وضعف الإقبال عليه في فترة من الفترات، الأمر الذي دفع عددا من المنشدين إلى ترك هذا المجال بدون عودة ؟

- الإنشاد في الماضي كان مقتصرا على مواضيع معينة رئيسية لا تخرج عنها هي: المدائح والابتهالات، فتجد أن جميع المنشدين لا ينشدون مواضيع غير الذي سبق ذكره، وهنا اضطر البعض منهم إلى التوقف لعدم إمكانية الخروج عن مثل هذه المواضيع.

• من الملاحظ أيضا أن بعض الأصوات تظهر بقوة، ولكن سرعان ما تتلاشى رويدا رويدا، إلى أن تسجل غيابا مفاجئا عن الساحة، ترى ما الأسباب من وجهة نظرك؟

- السبب الرئيسي من وجهة نظري هو قلة الدعم لمثل هذه المواهب النادرة، حيث لا يوجد من يأخذ بيد المنشد في هذا الزمن فالكل يعمل على نشر إنشاده بجهود فردية كما ذكرت سابقا. فتسجيل عمل فني واحد يكلف مئات الريالات.

وتمنى عدنان المبسلي من جميع المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة الوقوف مع المنشدين ومساندتهم وتخصيص مبالغ لإعانتهم، فهذه تعتبر خدمة للمجتمع.

• بعض المنشدين يعتذر عن المشاركة في بعض الفعاليات الصغيرة التي تنظمها الفرق الأهلية، على الرغم من أن مشاركتهم في تلك المحافل، وإن كانت بسيطة سوف تساهم في تحفيز الأصوات الناشئة على دخول هذا المجال. ما وجهة نظرك في ذلك ؟

- هنا نلوم الطرفين؛ لأن أغلب هذه المشاركات تكون بدون عوائد مالية أو مكافآت، وبما أن بعض المنشدين لا يملكون القدرة المالية على التنقل والمشاركة في مثل هذه المحافل. أحيانا يضطرهم الأمر إلى عدم المشاركة، ومن جانب آخر يجب على جميع المنشدين عدم التخلي عن مثل هذه المشاركات؛ لأن لها عائدا معنويا أكثر من العائد المالي على المستوى الفني للمنشد.

قلة الوعي بالنشيد وأهدافه

• هل العائد المادي والشهرة هي سبب مقنع في تغيير بعض المنشدين لرسالتهم ومبادئهم في مجال الإنشاد الديني ؟

- نعم، الشهرة لها سلبياتها وإيجابياتها، ومن الممكن أن تؤثر تأثيرا مباشرا على قرارات المنشد وعلى استمراريته في المجال، وأما العائد المادي فلا أعتقد له تأثير كبير على عدم استمرارية المنشد.

• هل ترى أن هناك نوعا من القصور في الفهم لدى بعض شرائح المجتمع العماني، وبعض مؤسسات المجتمع المدني حول أهمية الإنشاد الديني؟

- نعم، هناك قصور كبير وقلة وعي بالنشيد وأهدافه فترى هنالك شريحة كبيرة في المجتمع لا تتقبل هذا الفن إلى يومنا هذا، ويعتبرونه دخيلا، وفي الجانب الآخر هنالك العديد من الأشخاص تأثروا بالنشيد وغيروا الكثير في حياتهم بفضل الصوت الجميل الذي يرسل الكلمة الهادفة، فترق القلوب لها وتساعد على تصحيح الكثير.

• الفرق الإنشادية عملت على تقييم عدد من الأعمال، والسؤال: هل المنشد يفضل العمل بشكل منفرد أم لا يجد بريقه أكثر عندما ينتمي إلى إحدى الفرق الإنشادية ؟

- حسب رأيي الشخصي أن الفرق الإنشادية هي الطريق المفضل لدى أغلبية المنشدين لأن في الاتحاد قوة فتجمع المنشدين مع بعضهم يساعد على تقويم الأخطاء والتطور السريع من حيث الالتزام بالتدريب والمشاركات بينما الإنشاد بشكل منفرد يتطلب جهدا كبيرا ومالا أكبر، وفي هذه الحالة يكون المنشد معرضا للتوقف بسبب قلة الدعم المعنوي والمالي.

• هناك اعتقاد لدى بعض أفراد المجتمع بأن تطور الإنشاد الديني ساهم في الخلط ما بينه وبين الغناء خاصة بعد إدراج الموسيقى في العديد من الأناشيد والمؤثرات الصوتية بشكل ملفت. كيف تردون على ذلك؟

- أرى أن الموسيقى وإدخالها في النشيد هي السبب الرئيسي الذي أدى إلى مثل هذا اللبس لدى مختلف أفراد المجتمع، وهنا أؤكد على أن السبب يعود بالدرجة الأولى إلى المنشد ذاته، فكان حريا به أن يحافظ على هوية النشيد، فالتوزيع الفني بالآهات البشرية له روحانية جميله، ومحبب لدى الناس فلم الانجراف لإدخال الموسيقى وخلط الأمور في بعضها!.

قليل من الشعراء يكتبون بالمجان

• هناك نظرة تشاؤمية لدى البعض في أن الإنشاد يحمل في مضمونه عبارات الوعيد والترهيب، ويبتعد عن أسلوب الترغيب والتحفيز خاصة أن العديد من المنشدين يتبنون قالب الحزن والألم والعذاب في الكثير من أعمالهم؟

- أتوقع أن هذا النوع من الأناشيد انقرض في عصرنا الحالي؛ لأن الاتجاه أصبح تقديم نشيد يناقش قضايا عديدة تخدم المجتمع بشيء من الإيجابية التي تخدم المجتمع بشتى فئاته.

• وسط الفضائيات المنتشرة، هل نحتاج إلى إطلاق قنوات إسلامية تبث مواد إنشادية على غرار قنوات الأغاني أم أن الموجود يفي بالغرض؟

- هنالك بعض القنوات بدأت بالفعل تبث الأناشيد بشكل يومي، وهذا ساعد العديد من المنشدين على التنافس والاجتهاد والاستمرارية، ولذا أتمنى أن تكون هناك قناة عمانية مختصة في نشر أناشيد تهتم بما يقدمه المنشد العماني.

• هل يتحمل كتاب الشعر جزءا من قلة المنتج في مجال الإنشاد الديني أم أن هناك وفرة من الشعر واللوم يلقى على بعض المنشدين وعزوفهم عن التنويع في الأعمال التي يقدمونها ؟

- أعود في هذا الجواب، وأكرر الحديث عن موضوع الدعم للشعراء؛ فهم يحتاجون إلى الدعم، وقليل من الشعراء من يكتبون للمنشدين بالمجان، فتجد أغلب المنشدين لا يستطيعون تحمل الأتعاب المالية للشاعر، وهناك سبب آخر يتمثل في أن البعض لا يكتبون للإنشاد فهم منحصرون في مواضيع أخرى لا يمكن أن تستخدم للإنشاد، والمنشد الناجح هو من يختار الكلمات بعناية مما يساعد على التنوع والخروج عن الرتابة.

اكتشاف المواهب الصاعدة

• في الآونة الأخيرة كثرت برامج المسابقات للإنشاد الديني، وترصد جوائز قيمة للفائزين، من وجهة نظركم ما الجوانب الإيجابية التي تقدمها والمقترحات لتطويرها؟

-أولا: أتقدم بالشكر الجزيل لجميع المؤسسات الحكومية والخاصة التي ساعدت بهذه المسابقات على إيجاد جو تنافسي أدى إلى تطور ملحوظ في الوسط الفني بالنشيد، فهي تقدم جانبا إيجابيا كبيرا أهمه الدعم المالي الذي من الممكن أن يتحصل عليه المنشد في هذه المسابقات، وأيضا يساعد على اكتشاف المواهب الصاعدة، وفي بعض المسابقات أقيمت حلقات تدريبية فنية أثرت الساحة بالعلم اللازم لكل منشد، وبالتالي أصبح تطور المنشدين في المجال الفني سهلا وفي متناول الجميع.

• ومن وجهة نظرك: ما المنطلقات التي يركز عليها الشعراء أو الملحنون في تقديمهم للأعمال التي تخص الإنشاد الديني ؟

- في الآونة الأخيرة، أصبح الجميع يركز على الابتكار والتجديد في أسلوب الطرح لجذب المستمع ومواكبة التطور في هذا المجال.

• هل كل صوت إنشادي له سمة تميزه عن غيره أم أنهم ينطلقون من قالب واحد ويستطيعون تأدية كل ما يقدم إليهم ؟

- نعم، بالطبع هنالك اختلاف في الأصوات ولكل منشد سمة معينة يتميز بها عن غيره، ولكن الجميع يحمل رسالة واحدة تأتي من قاعدة واحدة فيتوجهون جميعهم إلى التنافس والاجتهاد في تأدية كل ما يستطيعون في هذا الفن الأصيل.

ضعف المعروض وقلة الاجتهاد

• وسط الكثير من الفعاليات والمناشط، هل يمكننا أن نقول: إن الإنشاد الديني حقق جميع أهدافه التي يسعى إليها، أم أن الطريق طويل لبلوغ المدى؟

- لا يمكن لنا أن نقول: إن النشيد حقق كل المرجو منه في الساحة الفنية، فكلنا كمنشدين نتمنى أن يكون للنشيد شأن أكبر عما هو عليه الآن؛ لتحقيق جميع أهدافه والوصول إلى المستوى المرجو منه بتكاتف الجميع.

• الجانب الآخر والمهم: إلى أي مدى يسعى المنشد إلى تحقيقه، وهل هناك سقف محدد لجميع الطموحات ؟

- الطموح لا يتوقف والسعي والاجتهاد يجب ألا يتوقفا عند حد معين فيمكن لنا أن نصل بالنشيد إلى ما كان عليه سابقا فهو الفن الأصيل والباقي دخيل علينا ولكن لضعف المعروض وقلة الاجتهاد أصبح النشيد مهمشا في بعض الأحيان.

• ما أوجه الدعم التي تراها مناسبة حتى يستطيع الإنشاد الديني النهوض والانطلاقة بشكل أفضل ؟

- فتح الباب للمنشدين باستقطاب الدعم من المؤسسات بجميع قطاعيها، وعلى وسائل الإعلام بذل دور أكبر في تقديم الدعم اللازم للمنشدين، وأيضا تأسيس جمعية خاصة بالمنشدين مثل باقي الفنون في السلطنة.

• في الأخير، ما النصحية التي تتوجه بها إلى كل من يمتلك الإمكانيات التي تؤهله ليكون منشدا في المستقبل؟

- نصيحتي لهم بأن يحددوا أهدافهم في مسيرتهم الفنية، ويجب التخطيط لها والاجتهاد والبحث عن الطرق الصحيحة لتطوير الصوت، فهنالك العديد من الوسائل التي أصبحت في متناول الجميع أهمها مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل كل هذا إخلاص النية لله سبحانه وتعالى.