Untitled-1
Untitled-1
روضة الصائم

لقاء الذكريات - محمد العليان : الخروج والصعود إلى أسطح المنازل ترحيبا برمضان من العادات القديمة في طاقة

19 مايو 2018
19 مايو 2018

تبادل الزيارات بعد التراويح في الليالي الأولى للتهنئة بالشهر الفضيل -

طاقة - أحمد بن عامر المعشني -

شهر رمضان الفضيل هو شهر الروحانيات والعبادة والإكثار من أعمال الخير تقربا لله عز وجل وطمعا في مضاعفة الأجر عن كل عمل صالح يقوم به المسلم في شهر رمضان الفضيل، ويعد استقبال رمضان من العادات المفرحة لدى أبناء السلطنة، وتختلف هذه العادات من ولاية إلى أخرى، وكلها في إطار المحبة والبهجة والسرور بقدوم الشهر الفضيل، وحول هذه الأيام الفضيلة لشهر رمضان المبارك التقينا بأحد أبناء ولاية طاقة؛ ليحدثنا عن رمضان وكيفية استقباله من أبناء الولاية قديما، وكان اللقاء مع الإعلامي محمد بن عبدالله العليان عضو الجمعية التاريخية العمانية OHAوعضو في الرابطة الدولية للكتاب العلميين ISWA.

فبدأ العليان حديثه قائلا: جرت العادة في ولاية طاقة قبل عهد النهضة المباركة أنهم إذا شهدوا هلال رمضان بادروا بالخروج إلى الأزقة والصعود إلى أسطح المنازل وإطلاق الأعيرة النارية ترحيبا بالشهر الفضيل كمن رأى غائبا ينتظره. وكانت الأسلحة التقليدية يدوية التعشيق كالكند أو أبو عشر والسكتون متوفرة لدى أغلب الرجال. ويستمر إطلاق النار إلى زوال الشفق وغروب الهلال. ولست هنا بصدد إصدار فتوى أو حكم فقهي، وإنما بصدد التوثيق التاريخي للعادات والمناسبات التي كانت يشهدها رمضان في طاقة قبل عهد النهضة المباركة أي قبل عام ١٩٧٠.

ومن العادات المتعارف عليها في شهر رمضان هو حرص الناس على أكل السحور في ساعات الليل الأخيرة، ويسمونها بالفلاح، وعادة ما تكون من السمك المقلي مع الأرز المخلوط بالسمن البلدي وشيء من التمر. ويساعد الترحيم في وقت السحور الذي يقوم به المؤذن الناس على الاستيقاظ للسحور.

ومما كان يقال في الترحيم حسبما ذكره والد هذا الكاتب رحمه الله:

قم يا نائم الليل كله .. عادك باتزور المقابر .. وباتنام الليل كله

قم يا نائم .. وحد الدائم .. اغنم الغنائم

وهناك صيغ أخرى وأحيانا يتلون آيات من القرآن الكريم. يفطر الرجال واليافعون جماعات، جماعات في فناء مسجد الشيخ العفيف وحواليه، غالبا على التمر وشيء من السمك المقلي والخبز المقلي بالسمن والسكر. وترسل أغلب البيوت قبضات من تمر إلى المسجد التماسا للفضيلة، ولقد كان مسجد الشيخ العفيف المسجد الوحيد في طاقة لأربعة قرون حتى عهد النهضة المباركة. كانوا يصلون التراويح مع الوتر ٢٣ ركعة يقرؤون فيها في كل ليلة آخر ١٤ سورة من القرآن الكريم فيقرؤون في الركعة الأولى سورة من هذه السور بالترتيب التنازلي وفي الثانية سورة قل هو الله أحد. ويبدأون من سورة التكاثر. ويذكرون ذكرا جماعيا برفع الصوت بعد كل ركعتين. نية صيام رمضان إذ يجهر بها الإمام و يتبعه المأمومون، وذلك كل ليلة من رمضان بعد صلاة المغرب وبعد صلاة التراويح. وتسبيحات رمضان جماعيا بعد صلاة الفجر وصلاة العصر وبعد ركعة الوتر من صلاة التراويح والتسبيحات هي: أشهد أن لا إله إلا الله، نستغفر الله، نسألك الجنة ونعوذ بك من النار. المدح اليومي بعد التراويح. ويشتمل المدح اليومي على أشعار وعظية وإنشاد قصيدة العتبى ثم دعاء رمضان اليومي ثم الخروج من المسجد إلى الصعيد المقابل مسافة يسيرة بنشيد الترحيب برمضان عدة أيام وباقي الليالي يخرجون بمدائح وقبل عيد الفطر ببضعة أيام يخرجون بنشيد توديع رمضان. وقصيدة العتبى مشهورة وأولها:

يا خير من دفنت في القاع أعظمه

فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

المولد أو قراءة السيرة النبوية الشريفة نثر ونظم من مولد الديبعي كل يوم خميس بعد صلاة الظهر. والديبعي هو العلامة ابن الديبع اليماني المتوفي عام ٨٦٦ هجرية الموافق عام ١٥٣٧ ميلادية. ذكره كتاب الأعلام للزركلي.

ختمة رمضان. وتقام في مسجد الشيخ العفيف ختمتان الأولى ختمة الشيخ عيسى في ٢٣ رمضان والثانية ختمة الشيخ العفيف في ٢٧ رمضان. ولا يقرأ في الصلاة إلا الحزب من سورة الضحى إلى آخر القرآن. وبعد الصلاة يدعون دعاء ختم القرآن ثم يقرؤون القوافي الفزارية التي تنسب إلى الشاعر عويف بن عقبة بن معاوية الفزاري الذي سمي عويف القوافي وكان من شعراء القرن الثاني الهجري. المشاهرة. وهي تبادل الزيارات بعد صلاة التراويح في الليالي الأول من رمضان للتهنئة بقدوم الشهر الفضيل. تهادي وجبات الطعام بين الجيران قبل وقت الإفطار طلبا للأجر وإشاعة للمحبة والتراحم، وقد وثقت هذه العادات والمناسبات وغيرها في كتابي الأخير (مسجد الشيخ العفيف والآثار الإسلامية الأخرى في طاقة)، كما صدر لي هذا العام كتاب (الدين والفلسفة ومسائل أخرى) الذي عرض في معرض مسقط الدولي للكتاب في فبراير المنصرم. ولي من المؤلفات كتاب (ذكرى السنبوق توثيق طريقة حياة)، ورسالة (الزميم عابر السبيل)، كما وضعت الفصل العاشر كتابة البرامج العلمية الإذاعية، من كتاب (دليل الإعلامي العلمي العربي) الذي نشرته الرابطة العربية للإعلاميين العلميين.

وقد كثرت المساجد في طاقة في عهد النهضة المباركة، وانقطعت عديد المناسبات والعادات التي كان يشهدها مسجد الشيخ العفيف في رمضان، وهو المسجد الوحيد في طاقة قبل عهد النهضة المباركة. وباقي المساجد في طاقة حاليا يصلون التراويح مع الوتر ١١ ركعة ويقيمون درسان علميان الأول بعد صلاة العصر والثاني عادة بعد الركعة الرابعة من صلاة التراويح أو قبل صلاة الوتر فضلا عن حلقات تحفيظ القرآن بأحكام التجويد. وفي العشر الأواخر من رمضان يصلون إضافة إلى التراويح صلاة قيام الليل ١١ ركعة تصلى عادة بعد منتصف الليل.