العرب والعالم

تقرير : أي مستقبل ينتظر الفرنسيين المعتقلين في سوريا؟

19 مايو 2018
19 مايو 2018

القامشلي (سوريا) - (أ ف ب) - لا يزال مصير توماس برنوين وايميلي كونيغ وعشرات غيرهم من الفرنسيين المعتقلين مع أطفالهم في سوريا غامضاً، إذ تؤكد باريس أنه ينبغي محاكمتهم حيث هم مع التطرق إلى إعادة البعض، على أن تدرس كل حالة على حدة.

ويقدر عدد الفرنسيين بنحو أربعين،معظمهم نساء وأطفال،معتقلون في مناطق سيطرة الفصائل الكردية في شمال سوريا التي تجتاحها الحرب منذ 2011. اعتقل هؤلاء بعد انهيار تنظيم داعش وهزيمته أمام تقدم القوات الكردية مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن وفرنسا عضو فيه.

وأعرب العديد من النساء عن رغبتهن في العودة إلى فرنسا حتى لو تعرضن فيها للسجن والمحاكمة.

ولكن أمام معارضة الرأي العام، ترغب فرنسا في محاكمة البالغين في سوريا على أن يحظوا «بمحاكمة عادلة».

ولكن محاميهم ينددون بعدم شرعية مثل هذه المحاكمات مؤكدين أن الإدارة الكردية غير معترف بها دولياً وبأن حقوقهم غير مصانة لديها.

مع ذلك، تدافع باريس عن موقف دراسة كل حالة بحالة بالنسبة لإعادة النساء والأطفال خصوصاً، مبقية على حالة من الغموض.

وأمام هذا الوضع، رفع محامو فرنسيات معتقلات ومن بينهم ماري جوزيه ووليام بوردون ومارتن براديل شكوى في فرنسا ضد «الاحتجاز غير القانوني».

ألفي فرنسي انضموا لـ«داعش»

انضم نحو ألفي فرنسي إلى تنظيم داعش في العراق وسوريا ابتداء من 2012.

ويؤكد المؤرخ العراقي هشام الهاشمي المختص بشؤون تنظيم داعش أن الكثير من «هؤلاء قتلوا في المعارك». لكن مصدراً مطلعا على التحقيقات يقول «إن بعض الفرنسيين عملوا لدى التنظيم محاسبين ومدرسين أو في فرع الاتصالات» في سوريا.

ويقول الهاشمي ان «بعضهم أدى دوراً مهماً في التجنيد في أوروبا وفي التمويل».

وتقول باريس أن 500 فرنسي جهادي لا يزالون في سوريا والعراق، وانهم معتقلون أو فارون.

ومن بين المعتقلين في سوريا، يعد توماس برنوين البالغ من العمر 36 عاماً الأكثر شهرة وهو من المنتمين إلى التيار الإسلامي منذ نحو عشرين عاما.

ويقول المصدر المطلع على التحقيقات انه «كان يؤدي دوراً دينياً بشكل خاص (مثل إعطاء دروس في الشريعة والدعاية) وكان ضمن الفرع الأكثر تطرفاً في التنظيم»، وهو يعد مقرباً من الأخوين كلاين اللذين تبنيا بصوتهما اعتداءات 13 نوفمبر 2015 التي أوقعت 130 قتيلا في باريس.

وتعتقل في سوريا كذلك ايميلي كونيغ وهي جهادية فرنسية معروفة ومتهمة بالتجنيد والدعوة لارتكاب هجمات في الغرب باسم تنظيم داعش.

لا شيء مؤكداً

ويوضح العديد من القادة الأكراد السوريين انهم يتعاونون مع السلطات الفرنسية ويقولون ان مثل برنوين وكونيغ، سيدانون في حال محاكمتهم بالسجن حتى 20 عاماً.

لكن ليس في حوزة هذه السلطات أدلة مهمة بحق كثيرين آخرين، في حين يركز القانون الجنائي الكردي في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والمعتمد منذ 2014 على مرتكبي أعمال العنف.

وعليه، أدينت النساء (السوريات) اللواتي حوكمن حتى الآن واللواتي تبعن أزواجهن ولم يقاتلن بأحكام مخففة أو برئن.

أما في فرنسا، فإن العائدين من سوريا والعراق حتى وأن لم يثبت أنهم قاتلوا مع التنظيمات المتطرفة فيمكن أن يحكم عليهم بالسجن من ثماني إلى عشر سنوات، وفق الخبير الجنائي انطوان ميجي في جامعة روان الفرنسية.

ما الذي سيحل اذن بالفرنسيين الذين سيفرج عنهم الأكراد سريعاً بقرار قضائي أو في خضم تطورات تشهدها هذه المنطقة المضطربة.

تقول المحامية دوزيه «ليس لدينا أي فكرة، وهذا أمر يمثل خطراً على الجميع».

ويقول المصدر المطلع على التحقيقات إن «برنوين وعدداً آخر من المعتقلين يمثلون خطراً ومصدراً ثميناً للمعلومات حول تنظيم داعش.

وليست لدى فرنسا اليوم أي رغبة في إعادتهم ولكنها قد تقرر ذلك لاحقاً لسجنهم أو إعادة محاكمتهم».

ويقول المحامون إن الجميع خاسر جراء الوضع الحالي: النساء والأطفال لوجودهم في مخيمات تسودها أجواء التطرف التي تمثل حالة خطرة، وفرنسا لأن ليس لديها ما يضمن عدم الإفراج عن المعتقلين الخطرين.

ويقول المحامي بوردون «يجب إعادة كل النساء، حتى لو اعتقلن بعد وصولهن، وكل الأطفال لوضعهم لدى عائلات تتولى تربيتهم».

ولكن ميجي وفابريس بالانش الاستاذ الجامعي المختص بشؤون سوريا، يقولان ان الحكومة تراعي أولا الرأي العام وستواصل الدفاع عن سياسة «كل حالة على حدة».

ويقول بالانش انه ربما اذا بُذل جهد لصالح الأطفال «اذ لا يُعقل أن يترك قاصرون فرنسيون يواجهون الأمرَّين في السجون الكردية أو العراقية».