روضة الصائم

الكمالي: الحقوق الإنسانية من أولويـــات القضاء العماني.. وفي صدارتها العــــدل والمساواة

18 مايو 2018
18 مايو 2018

القضاء ميزان العدل.. وكفاءته ونزاهته تنعكس أمانا وألفة بين أفراد المجتمع -

أكد فضيلة الشيخ عبدالقادر بن عبدالرحمن الكمالي قاضٍ بالمحكمة العليا، ورئيس لجنة التوفيق والمصالحة بولايتي دبا ومدحاء أن الحقوق الإنسانية هي من أولويات القضاء العماني وتتصدر قائمة الحقوق في العدل والمساواة.. وأن النظام الأساسي للدولة نظم الحقوق والواجبات تنظيما كاملا وواضحا حيث أرسى مبدأ المساواة بين الجميع أمام الأنظمة والقوانين السارية ومبدأ المساواة في جميع شؤون الحياة. مؤكدا أن القضاء هو من أهم ضمانات الدستور في حماية الحقوق والحريات والفصل في الخصومات فبالعدل ينمو الاقتصاد ويزدهر الاستثمار وترد الحقوق وترفع المظالم ويستقر الأمن والسلم الاجتماعي.

وأرجع فضيلته بطء إجراءات التقاضي وتأخر الفصل فيها إلى زيادة عدد القضايا والمنازعات، ونقص الكادر القضائي والوظيفي، مشيرا إلى أن إجراءات التقاضي بدأت في الإسراع مع دخول نظام الحاسب الآلي والإنترنت والتقنية الحديثة في جميع مراحل التقاضي وكذلك تعاون كافة الأطراف التي تشارك في التقاضي بدءًا من أجهزه الشرطة والمحامين ورجال القضاء للوصول إلى نتيجة مرجوة في سرعة التقاضي وإعادة الحقوق لأصحابها وتحقيق العدالة.. نقرأ المزيد في الحوار التالي مع فضيلته:

■ ■ فضيلة الشيخ.. يسرنا التعرّف عليك أولا ومعرفة تاريخ الالتحاق بسلك القضاء والمناصب التي تقلدتها حتى الآن؟

اسمي عبدالقادر بن عبدالرحمن الكمالي، خريج كلية الشريعة بجامعة الكويت، تتلمذت على يد القاضي حميد بن عبدالله الجامعي «أبو سرور» -رحمه الله- ثم عملت كنائب قاضٍ في ولاية صحم، بعدها أصبحت قاضيا بولاية بخاء، بعدها قاضيا لولاية دبا، ثم قاضيا لمحكمة الاستئناف في صحار ثم خصب، ثم قاضيا في المحكمة العليا، ورئيسا للجنة التوفيق والمصالحة بولايتي دبا ومدحاء. كذلك انتدبت لرئاسة لجان الفرز في انتخابات مجلس الشورى والمجالس البلدية.

■ ■ ما هي أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها القاضي في نظرك؟

تختلف الصفات بين واجبة ومستحبة، فالواجبة أن يكون مسلما بالغا عاقلا ذكرا حرا يسمع ويبصر ويتكلم، وأن يكون عدلا عارفا بما يقضي به. أما المستحبة أن يكون عالما بالكتاب والسنة، ورعا في دينه، وأن يتحلى بالصبر، وأن يكون حسن السيرة والسلوك، يتحلى بالوقار، وأن يكون حليما ورحيما على الأيتام والأرامل. وعليه أن يكون جزلا في تنفيذ الأحكام لا يخاف لومة لائم، ولا يغتر بأهل الجاه، وأن يكون الناس عنده في مجلس القضاء سواء، وأن يكون متيقظا لا غافلا.

■ ■ نفخر نحن العمانيين بحفاظنا على الزي الوطني وعلى الهوية العربية الإسلامية العريقة بما في ذلك زي القاضي الشرعي الذي يضفي عليه المزيد من الهيبة والوقار.. كيف ترى أهمية الالتزام بهذا الزي العماني الأصيل؟

لكل شعب من الشعوب عاداته وتقاليده، وله تراث يفخر ويعتز ويتمسك به، وكلما اعتز الإنسان بهويته وعاداته وتقاليده ازداد قَبولا بين الناس، ويزداد هيبة ورفعة، والزي العماني نابع من تراث عربي وإسلامي أصيل.

■ ■ يقال إن الفطنة والذكاء صفتان مهمتان في القاضي يعينانه على إنجاح مهمته بكل ثقة واقتدار.. إلى جانب إلمامه بعلوم الشرع الحنيف.. ما هي المعايير التي على أساسها يتم اختيار القاضي لتبوؤ هذه المكانة المهمة؟

القاضي هو ظل الله في الأرض وحتى يكون القاضي جديرا بالقضاء يجب أن تكون لديه الكفاءة الخلقية والذهنية حتى يستطيع أن يفرق بين الحق والباطل ويجب أن يكون على علم بتطبيق القانون روحا ونصا ويقضى فيه بالخبرة والعلم والذكاء وأن يتحلى بالنزاهة واستقلالية التفكير ليحكم بين الناس وفق الشرع لا وفق هواه وميوله.

■ ■ ما هي أكثر القضايا شيوعا بين المجتمع التي تعج بها المحاكم؟ وما هي أسبابها في نظرك؟

في حقيقة الأمر لا توجد قضايا محددة نستطيع أن نصفها بأنها الأكثر شيوعا وذلك لطبيعة الاختلاف في المعطيات الاجتماعية والثقافية التي تقف وراء تلك القضايا، فمعطيات الريف ومراعيه ومزارعه وأفلاجه وبساطة الحياة فيه تختلف عن معطيات المدينة وبيوتها ومصانعها وأسواقها وخدماتها، وطبائع البشر في كل بيئة كذلك تتفاوت بما لا يسمح للقضايا أن تحمل ذات الشكل والمضمون بل تتعدد وتختلف بتعدد واختلاف المسببات التي تقف وراءها، ولكن أكثر القضايا المشتركة بين معظم الولايات هي قضايا الأحوال الشخصية.

■ ■ يشتكي البعض من تأخير الفصل في القضايا وبطء في إجراءات التقاضي.. هل ترى أنه آن الأوان لوضع قواعد وتشريعات تكفل حماية أمن الخصومة من أساليب المماطلة والتأجيل الطويل وتحديد سقف زمني معين للقضية؟

إنَّ العبء الملقى على عاتق القضاة كبير نتيجة الزيادة في عدد القضايا والمنازعات، وهم يبذلون في عملهم أقصى ما يطيقونه، والقاضي لا يرضى تحت أي ظرف من الظروف أن يخل بمسلّمات العدالة من التدقيق وضمان اتخاذ كافة الإجراءات التي تكفل تحقيق العدالة وكذلك قد يكون عدم علم المدعي بالنظام وإجراءات التقاضي سبب في تأخير التقاضي حيث لا تحال الدعوى إلى القضاء حتى تكتمل جميع أركانها وشروطها وصفاتها وكذلك من أسبابها الكثافة السكانية في بعض الولايات ونقص في الكادر القضائي والوظيفي، ولا يتحمل القاضي وحده بطء إجراءات التقاضي فهناك أجهزة أخرى معاونة للقضاء وإدارات أخرى مرتبطة بالقضاء وتحتاج إلى تنظيم اكثر حتى يتم الإسراع في إجراءات التقاضي.

أما الآن فالأمور تغيرت والكادر الوظيفي والقضائي يكاد يكون مكتملا ويوما بعد يوم نجد التحسن في إجراءات التقاضي، خاصة مع دخول نظام الحاسب الآلي والانترنت والتقنية الحديثة في جميع مراحل التقاضي وكذلك تعاون كافة الأطراف التي تشارك في التقاضي بدءا من أجهزة الشرطة والمحامين ورجال القضاء للوصول إلى نتيجة مرجوة في سرعة التقاضي وإعادة الحقوق لأصحابها وتحقيق العدالة.

■ ■ تتميز السلطنة بكوادر قضائية وطنية تحمل على عاتقها أمانة القضاء، وتدير شؤون المحاكم بكفاءة مشهودة.. ما هو شعورك تجاه هذا الحس الوطني؟

القضاء بما يمثله من ميزان عدل في المجتمع، وصمام أمان ومرجع للمتخاصمين فإن كفاءة ونزاهة هذا القضاء تنعكس أمانا ووئاما وألفة بين مختلف الأفراد، والدولة التي يسود فيها العدل والأمان هذا بحد ذاته يلبي حاجة عميقة في شعور أي إنسان وهو الإحساس بالإنصاف والأمان في بلده.

■ ■ تطبيق مبدأ المساواة الذي تفرضه العدالة نهج إسلامي أملته علينا شريعتنا السمحة، وهذا النهج الذي حرص جلالة السلطان قابوس المعظم على تطبيقه في القضاء العماني بإعطائه الاستقلالية والحرية المطلقة بعيدا عن أي ضغوط.. إلى أي مدى وصل القضاء العماني في تطبيق هذا النهج الإسلامي؟

الحقوق الإنسانية هي من أولويات القضاء العماني وتتصدر قائمة الحقوق العدل والمساواة، فبالعدل يتحقق الرضا والمساواة والقناعة على مستوى الأفراد والمؤسسات وهذا المبدأ تعتمده الأنظمة السياسية لجميع الدول. والتقوى هي أساس التكافؤ بين العباد ولا تمييز بين أبيض ولا أسود ولا صغير أو كبير أو رفيع أو وضيع ولا قوي ولا ضعيف. وعلى هذا قام النظام الأساسي للسلطنة فقد نظم الحقوق والواجبات تنظيما كاملا وواضحا بحيث أرسى مبدأ المساواة بين الجميع أمام الأنظمة والقوانين السارية ومبدأ المساواة في جميع شؤون الحياة الاجتماعية. والقضاء هو من أهم ضمانات الدستور في حماية الحقوق والحريات والفصل في الخصومات وبالعدل ينمو الاقتصاد ويزدهر الاستثمار وبالعدل ترد الحقوق وترفع المظالم ويستقر الأمن والسلم الاجتماعي لهذا فان أكثر ما يهم كل من تشرف بالعمل في القطاع العدلي هو الاستزادة من العلم وتنمية القدرات والمهارات والخبرات التي من شأنها فتح أبواب المعرفة.

■ ■ ثقة المواطن والمقيم في القضاء العماني والأحكام الصادرة عنه وآلية تنفيذها هي من عناصر بناء دولة العدالة.. كيف يتم بناء هذه الثقة في نظرك؟

تبنى هذه الثقة عن طريق نزاهة الأحكام، وعن طريق العدل والمساواة، فيتولّد لدى المواطن أو المقيم الشعور بأنه لا يمكن أن يظلم، وأنه في دولة تقوم على العدل والإنصاف.

■ ■ تتوق نفس المسلم في أيام وليالي شهر رمضان الفضيل إلى أن تسمو إلى أعلى مراتب التقرب إلى خالقها بحيث يستغل وقته الاستغلال الأمثل ليعطي الجانب الروحي الاهتمام الأكبر.. كيف يوفق القاضي بين عمله الذي يأخذ كل وقته وفكره من أجل الفصل في قضايا الناس وبين ما تتجاذبه نفسه نحو هذا السمو المنشود؟

العمل عبادة، والإصلاح بين المتخاصمين عبادة أخرى عظيمة الأجر، لذا فإن الإنسان يؤجر على نواياه الحسنة أثناء عمله.

■ ■ هل ترى أن القضايا التي تصل المحاكم تقل حدتها خلال الشهر الفضيل؟ وكيف تأول ذلك؟

بلا شك تقل حدة القضايا، ذلك أن الصيام ينهى عن كثير من المشاحنات، ووازع الإنسان الديني يزداد مع الشهر الفضيل نظرا لكثرة العبادات والقرب من الله، أمر آخر أن الصائم قد يؤجل قضاياه لما بعد رمضان احتراما لحرمة الشهر الفضيل.

■ ■ هل من كلمة تودون قولها في هذه الأيام المباركة من الشهر الفضيل؟

جعل الله صومكم مقبولا، وأعلى درجاتكم، ووفقكم لصيامه حق الصيام، وقيام لياليه حق القيام، وبلغكم ليلة القدر.. وأعاد رمضان علينا وعلى أمة المسلمين وهم أحسن حال.