1340354
1340354
تقارير

سوريون يصنعون حياتهم في غازي عنتاب التركية

16 مايو 2018
16 مايو 2018

غازي عنتاب - (تركيا) - (أ ف ب): في مدينة غازي عنتاب التركية التي تبعد نحو مائة كيلومتر عن حلب ويقيم فيها نحو نصف مليون لاجئ سوري، تشهد مئات مشاريع الأعمال السورية ازدهارا يشكل دعما للاقتصاد المحلي ولهذه الجالية.

وهناك أكثر من 3.5 مليون سوري مسجلين في تركيا، يستفيد غالبيتهم من مساعدات إنسانية تقدمها أنقرة وجهات مانحة دولية، لكن قسما كبيرا منهم انخرطوا في العمل. ووصل اللاجئون إلى تركيا ومعهم خبراتهم وزبائنهم. واستأنف قسم منهم مزاولة أعمالهم السابقة لصنع حياتهم أو مواصلة المهنة التي كانوا يمارسونها قبل النزاع المستمر في سوريا منذ عام 2011.

وتم تسجيل أكثر من 6500 شركة انشأها أو ساهم في تأسيسها سوريون على الأراضي التركية منذ 2011، بحسب نقابة غرف التجارة والبورصات في تركيا. ويقول المنتدى الاقتصادي السوري الذي يُعنى بتنمية مبادرات الأعمال بين الجالية السورية ان هذا العدد يجاوز العشرة آلاف إذا تم احتساب القطاع غير الرسمي.

وفي مستودع كبير في المنطقة الصناعية من غازي عنتاب استأنف عامر حاضري النشاط الصناعي الذي كان يمارسه في حلب. وقال لوكالة فرانس برس «نصنّع ماكينات لصنع وتعليب رقاقات البطاطس منذ أكثر من عشرين عاما».

وتابع حاضري من مكتب شركته «ذروة» وأمامه أكياس البطاطس من مختلف الأنواع «في السابق كنا نصدر إلى العالم العربي لكن ومنذ انتقلنا إلى تركيا حققنا حلمنا بالتصدير إلى كل أنحاء العالم»،.

وأضاف أن أكياس البطاطس تحمل عبارة «صنع في تركيا» التي تشكل «ضمانة للجودة» بالنسبة إلى الأسواق الأوروبية.

أما رامي شرّاك المدير التنفيذي المساعد في المنتدى الاقتصادي السوري، فقد أكد هذا الميل الى التصدير. وقال «في غازي عنتاب - الأمر ينطبق على كل الأراضي التركية - أكثر من 95% مما ينتجه السوريون مخصص للتصدير».

هناك أكثر من 1250 شركة سورية مسجلة لدى غرفة التجارة والصناعة في غازي عنتاب المدينة القريبة من سوريا حيث يصل عدد كبير من المنتجات المصنعة في تركيا.

وتابع شرّاك أن السوريين يساهمون بهذا الشكل في الاقتصاد التركي الذي سجل نموا تبلغ نسبته 3% في 2016 بحسب خبراء في تقرير لمنظمة الأزمات الدولية بتاريخ يناير 2018.

وتشجع السلطات التركية السوريين على خوض قطاع الأعمال وتجيز لهم لفترة بدء أعمال تجارية دون تسجيلها، بحسب شرّاك. وأوضح عمر كدكوي الباحث المساهم في مركز «تيباف» للدراسات في أنقرة أن هذا الأمر «ينطبق خصوصا» على «أصغر» الشركات التجارية. وأسس مصطفى تركمان اوجلو المتحدر من حلب والذي غادر سوريا قبل خمس سنوات شركة للنسيج في غازي عنتاب. ويقول «كل الأعمال التجارية تدر أرباحا بالدولار من الخارج»، مضيفا «نحن نستفيد وغيرنا أيضا».

وتشيد رئيسة بلدية غازي عنتاب فاطمة شاهين بالتعاون بين أرباب العمل الأتراك والسوريين. وتقول لفرانس برس «اتقان السوريين للغتين هما الانجليزية والعربية يشكل ميزة مهمة خصوصا للتجارة مع الخارج». بالإضافة إلى هذه الشركات التي تركز على التصدير إلى الخارج، بعض أرباب العمل السوريين يفضلون العمل في السوق المحلية.

وأسست دانيا عبد الباقي وهي مهندسة أتت من حماة في سوريا في 2013 حضانة في العام 2016 لأطفال من مختلف الجنسيات تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر وخمسة أعوام.

وأوضحت عبد الباقي «كان هناك حاجة إذ لم تكن هناك حضانة في حي الأعمال هنا»، لكن الآن بات بوسع الأمهات العاملات ان تكن «أقرب إلى أطفالهم وتفقدهم خلال الاستراحة».

ولتحقيق مشروعها تابعت عبد الباقي تدريبا في إدارة الأعمال مع منظمات غير حكومية في غازي عنتاب بينما جمع زوجها الأموال من أقاربهما لتمويل المشروع. وينص القانون التركي على أن كل ترخيص عمل لمؤسس أو مساهم في شركة في تركيا يجب أن يقابله توظيف خمسة أتراك على الأقل. الا ان كدكوي السوري الجنسية يقول «ليس هناك أي قانون يستثني السوريين من هذه القاعدة لكن يبدو انه تم تعليقها في الوقت الحالي في ما يخصهم».

ويوضح تركمان أوجلو الذي يوظف أربعين سوريا في مشغله وخمسة آخرين في متجره أن الأتراك يطلبون الرواتب الأعلى وهم أكثر تطلبا بالنسبة إلى الضمانات.

ويتابع كدكوي انه ورغم منح تراخيص بالعمل للاجئين السوريين منذ يناير 2016 فإن أقل من 1% منهم لديهم ترخيص بينما الثلثان في سن العمل.

ولدى سؤالهم من قبل فرانس برس برر العديد من الموظفين السوريين الذين يعملون بدون تراخيص ذلك بتعقيد الإجراءات الإدارية الا ان كدكوي يشير أيضا إلى الخوف من خسارة المساعدات الاجتماعية في حال تسجلوا رسميا في سوق العمل.

وقال كدكوي محذرا «صحيح انهم سيخسرون المساعدات الاجتماعية لكنها لا تستمر الى الأبد. وأضاف «كلما تسجلوا بشكل أسرع في عمل رسمي كلما يضمنون راتبا على المدى الطويل».