oman-logo-new
oman-logo-new
كلمة عمان

ضرورة الحماية الدولية للشعب الفلسطيني

15 مايو 2018
15 مايو 2018

في هذه الساعات والأيام الصعبة، التي يعيشها الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة والضفة الغربية، بسبب الممارسات الإجرامية، والتي ترقى إلى ما يمكن تسميته «إرهاب الدولة»، وهو أمر اعتادته إسرائيل، فإن الكلمات تفقد في الواقع معناها، أمام الدماء الغزيرة، ومواكب الشهداء، الذين تجاوز عددهم المائة، منذ 30 مارس الماضي، ومنهم ستون شهيدا أمس الأول فقط، وأكثر من ألفين وسبعمائة جريح، منهم العشرات في حالة الخطر.

وإذا كانت واشنطن قد عرقلت إصدار مجلس الأمن لبيان رئاسي حول مجزرة غزة، ورفضت كذلك تشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على حقائق ما حدث، برغم أنه معروف للجميع، فإن التناقض الصارخ أمس الأول بين مشاهد نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، لا يمكن إلا أن يكون له تأثيره وصداه، غير الإيجابي، على مستويات كثيرة بالنسبة لدول وشعوب هذه المنطقة، التي أملت كثيرا في أن يكون للولايات المتحدة دور إيجابي لاستعادة السلام والتوصل إلى تسوية شاملة ودائمة وعادلة في هذه المنطقة المضطربة التي عانت وتعاني شعوبها على مدى العقود الماضية وتتوق فعلا إلى السلام والاستقرار بإيجاد دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية لتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل ولتدخل المنطقة مرحلة جديدة تحتاجها، دولها وشعوبها بالفعل، وليتوقف مسلسل العنف والتصعيد الذي يعصف بأمن واستقرار الشرق الأوسط والعالم من حوله قطعا.

وإذا كانت إسرائيل قد سمحت لقواتها باستخدام الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدموع بشكل مفرط في مواجهة الفلسطينيين العزل، وفي انتهاك فاضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية، وهو ما أدانته كل دول العالم تقريبا باستثناء دول قليلة محدودة ومعروفة مواقفها ودعمها غير المحدود لإسرائيل تحت كل الظروف، فإن مواكب تشييع الشهداء الستين أمس، ومنهم أطفال ونساء وشيوخ، وهي المواكب التي لن تتوقف في الواقع، تفرض على العرب والمجتمع الدولي كذلك العمل بكل السبل من أجل إيجاد نوع من الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الشقيق في الضفة الغربية وغزة، وهو ما سبق وطالب به الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل سنوات، صحيح أن إسرائيل رفضت مثل هذه الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، كما رفضت أية محاولات للتحقيق الدولي في ممارساتها التعسفية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ولكن الصحيح أيضا أنه لا يمكن ترك الفلسطينيين لمواجهة ممارسات إرهاب الدولة على النحو الذي يقوم به الجنود الإسرائيليون بدم بارد، ولذا فإنه من المهم والضروري أن تعمل الاجتماعات العربية، في إطار جامعة الدول العربية، والاجتماعات الإسلامية، في إطار منظمة التعاون الإسلامي، والدول العربية والإسلامية في تحركاتها الفردية والمتعددة الأطراف داخل الأمم المتحدة وفي كل المنظمات الدولية ذات الصلة، من أجل إقناع كل الأطراف الدولية بتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني حتى يتم التوصل إلى تسوية عادلة وشاملة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ليعيش الفلسطينيون ككل الشعوب في دولتهم في أمن وسلام واستقرار وهو شرط ضروري، وبدونه لن يتحقق الأمن لإسرائيل، فالشعوب المغتصبة حقوقها تنتصر في النهاية، مهما عظمت التضحيات.