أفكار وآراء

رؤية أمريكية مختلفة لحل الدولتين

15 مايو 2018
15 مايو 2018

عاطف الغمري -

ضمن عدد كبير من الدراسات والتقارير لمجموعة متنوعة من مراكز الفكر السياسي، لسياسة الرئيس ترامب في الشرق الأوسط، خرجت إلينا آراء وتحليلات، لم تستطع تجاوز قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقضية حل الدولتين.

من بينها، ما نشره معهد الأمن القومي Institute For National Security من دراسة بعنوان «الشرق الأوسط: أفكار متجددة عن تحديات طويلة المدى»، وتقول: إن منطقة الشرق الأوسط التي عرفت طويلا بأنها منطقة معقدة، فإنها تبدو الآن أكثر تعقيدا.

وفي إطار طرح المعهد للتحديات التي تواجهها المنطقة، فقد ضمَّنها: برنامج إيران النووي، وإرهاب داعش، واحتمالات إيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية، يقوم على مبدأ حل الدولتين، وعلاقات إسرائيل بالعالم العربي بشكل عام.

واقترابا من هذا الطرح، جاء تقرير مركز الفكر السياسي الذي يعرف باسم «برنامج أمن الشرق الأوسط»، والذي تحدث عن إيجاد نظام أمنى لحل الدولتين يستجيب لاحتياجات إسرائيل، ويتفق مع احتياجات الفلسطينيين للأمن والسيادة والكرامة.

وهو ما يعنى تحقيق توازن في المواقف بين كل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وكان برنامج أمن الشرق الأوسط قد بدأ في عام 2017 في تنظيم مناقشات موسعة شارك فيها خبراء متخصصون في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه المناطق الإقليمية، وتدور حول التحديات العاجلة، والأخرى بعيدة المدى، تجاه المصالح الأمريكية. وتحديد المشكلات الأكثر إلحاحا في منطقة الشرق الأوسط المضطربة. وجرى تنظيم هذه المناقشات في إطار ورش عمل دامت نحو ستة شهور.

وفي هذا السياق عرض الكاتب الأمريكي أيان جولد بيرج - من مركز الأمن الأمريكي الجديد - رؤيته التي تقول إن استراتيجية الأمن القومي الجديدة التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب، قد ماتت فور إعلانها، لأنه ثبتت استحالة تطبيقها من إدارة لا تثق في المبادئ التي وضعها خبراء متخصصون من قبل توليه الرئاسة، وهو ما يزيد من صعوبة إيجاد استراتيجية متكاملة لأي مشكلة. ثم يضيف بأن الرئيس ترامب قد أوفد نائبه مايك بنس إلى المنطقة بعد قراءة قرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وأن المسؤولين في البيت الأبيض كانوا يتوقعون أن يمر الفلسطينيون بفترة يحدث خلالها تبريد لحرارة الموقف، وبعدها يعودون إلى مفاوضات بناءة ترعاها الولايات المتحدة.

لكن بدلا من الانتظار الصبور لتبريد سخونة مشاعر الفلسطينيين، فإن إدارة ترامب ألقت بالوقود على النار. وكان ذلك بالطبع بعد ما أعلنته من أنه لا تراجع عن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. من ثم جاء رد فعل الفلسطينيين الغاضب متوقعا.

هذه المناقشات كانت تجرى بمحاذاتها مداولات أوسع نطاقا، تتطرق إلى مفهوم الأمن الإقليمي، من زاوية الإدراك بأن أمن كل طرف في المنطقة، يتداخل مع أمن الأطراف الأخرى. وأن هناك اعتمادا أمنيا متبادلا في حدود جغرافية المنطقة.

كذلك لم يذهب بعيدا عن هذه الدائرة، تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، في عرضه للتحديات والأزمات في الشرق الأوسط، وأنها جميعا تشكل جوانب متعددة لمنظومة الأزمات في المنطقة. وهو ما يعنى أنك لا تستطيع أن تركز جهودك على واحدة منها، بشكل منفصل، وتستبعد الجوانب الأخرى، لأن ذلك معناه أنك تسعى لتهدئة التوترات في جبهة معينة، وتتركها ملتهبة في الجبهات الأخرى.

ويشير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى أن المجال الأمني المتغير في الشرق الأوسط، يثير تساؤلات عن التغيير في الأدوار التي تلعبها القوى الدولية والإقليمية في إدارة الأزمات، وفي ضمان الاستقرار في المنطقة. مع ملاحظة أن الأزمات المشتعلة في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن، مستمرة في إفراز عواقب وخيمة سياسية وإنسانية. مع عدم تجاهل تورط أطراف في هذه الأزمات، على رأسها منظمات الإرهاب، وهى منظمات عابرة للحدود، وقادرة على التسلل من دولة إلى أخرى.

من ثم كان التساؤل عن وجود فرص لتدخل إيجابي من الولايات المتحدة، بمثابة تساؤل يعبر عن قلق مشروع، طالما لا يلقى إجابة عليه حتى الآن.