صحافة

تداعيات الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي

14 مايو 2018
14 مايو 2018

استحوذ قرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران على اهتمام الصحف البريطانية التي أشارت إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان قبل توليه الرئاسة يعارض ويحتج ضد هذا الاتفاق، ويهدد بانسحاب أمريكا منه حتى أنه كان في جولات حملته الانتخابية يصف باستمرار هذا الاتفاق النووي بأنه كارثة ومصيبة و(أسوأ اتفاق ممكن).

وحينما فاز ترامب برئاسة الولايات المتحدة، أصبح لديه الصلاحية لإلغائه، وها هو قد فعلها بإعلانه يوم الثلاثاء الماضي انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني، منهيا بذلك جزءا كبيرا ومهما من إرث السياسة الخارجية لسلفه الرئيس باراك أوباما.

وذكرت التقارير الصحفية أن الرئيس ترامب كان يحيط به مستشارون معتدلون مثل وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشارة الأمن القومي هيربرت ريموند ماكماستر، وكانا ينصحانه بالبقاء على الاتفاق. لكن ترامب أقال هذين الرجلين، وعين بدلا منهما مايك بومبيو للخارجية، وجون بولتون للأمن القومي، وكلاهما معاديان لإيران، وبالتالي فهما نصحاه بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني.

صحيفة “التايمز” كتبت في افتتاحيتها بعنوان “الخيار النووي” تقول: إن قرار الرئيس ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران يعد “مخاطرة كبيرة”، وأضافت أنه ليس أمام أوروبا إلا أن تكون على مستوى التحدي والعمل على تحضير اتفاق جديد، موضحة أن قرار الانسحاب لم يكن مفاجئاً، فترامب أكد في كلمته أن “الولايات المتحدة لا تطلق وعوداً لا يمكنها الإيفاء بها”، وقال عن نفسه: “إنه عندما يعد يفي بوعده”.  وترى الصحيفة أنه ليس أمام إيران سوى العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يتضمن بنوداً أفضل. كما ترى أيضا أن قرار ترامب إذا كان صادقا فهو انتصار لسياسته، وإذا كان خاطئا فسيذكر التاريخ أنه أدخل المنطقة في حرب أوسع.

وفي الختام قالت الصحيفة: إن «العيون الآن متجهة إلى أوروبا التي حاولت جاهدة لشهور عدة إقناع ترامب بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي».

وفي صحيفة «الجارديان» كتب باتريك وينتور مقالا تحليليا بعنوان «هل الاتحاد الأوروبي في أزمة بشأن تحدي الولايات المتحدة أم لا؟». قال فيه: إن قادة الاتحاد الأوروبي عازمون على محاولة إنقاذ الاتفاق النووي الموقع مع إيران حتى لو أدى ذلك إلى صدام مع الولايات المتحدة. ونقل الكاتب عن طوني بلينكين نائب وزير الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما قوله: إن «قدرة أوروبا على إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران تعتمد بشكل كبير على قدرتها على جني الفوائد الاقتصادية حتى من دون الولايات المتحدة». وتابع «هذا الأمر سيتضح مع مرور الوقت حيث سيعتمد على رد فعل الشركات على الوضع الجديد وكيف ستحاول أمريكا معاقبة الشركات التي تتعامل مع إيران».

وختم الكاتب بالقول: إن «القادة الأوروبيين أمام مفترق طرق، إما المخاطرة بحدوث اضطراب في منطقة الشرق الأوسط أو تحدي أقرب حلفائهم (ترامب) بشأن سياسته الخارجية».

وفي مقال تحليلي كتبه ديفيد اوزبورن لصحيفة «آي» سلط فيه الضوء على تداعيات قرار ترامب على منطقة الشرق الأوسط، قال فيه إنه «عندما سيطر تنظيم (داعش) على أغلبية الأراضي في العراق في عام 2014، سارعت إيران بتسليح وتدريب الآلاف من المقاتلين في العراق لمحاربة التنظيم الإرهابي».

وفي حال فشل الاتفاق النووي بعد انسحاب أمريكا فإن إيران قد تشجع بعض ميليشياتها على شن هجمات ضد القوات الأمريكية؛ لذلك يرى الكاتب أن إيران المشاركة بالحرب في سوريا منذ عام 2012، ولن تسعى لمنع حزب الله في لبنان من شن هجمات على إسرائيل.

ونشرت صحيفة «إندبندنت» مقالا للكاتب ديفيد أوزبورن تحت عنوان «ترامب وعد وأوفى لكنه فبرك وضلل طول الطريق»، يقول فيه: إن قرار الرئيس دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية مع إيران كان متوقعا، وإنه نابع من رغبته في الوفاء بوعوده الانتخابية، «فهو مهووس بفكرة الوفاء بوعوده الانتخابية»، خاصة أنه وصف الاتفاقية بأنها أسوأ صفقة في التاريخ، و«المجنونة»، و«كان يجب ألا توقع أبدا».

ويشير الكاتب إلى الفوضى التي تتسم بها سياسة ترامب الخارجية، حيث خرج من اتفاقية التجارة الحرة مع دول الباسيفيك، وفكر مرة أخرى بالعودة إليها، وخرج من اتفاقية باريس للمناخ وفكر بالعودة، وبدأ حربا تجارية عالمية عندما فرض تعرفة على الفولاذ، ولا نعلم هل سيتراجع أم لا».

ونشرت صحيفة «ديلي تلجراف» تقريرا على صفحتها الأولى بعنوان «عندما أوعد أفي بوعدي»، ذكرت فيه أن الرئيس الأمريكي «منفتح على توقيع صفقة جديدة أوسع» مع إيران من شأنها أن تعالج برنامج الصواريخ الباليستية للبلاد وتدخلها في سوريا واليمن. وتقول الصحيفة: إن دونالد ترامب قال إنه يريد «حلا حقيقيا وشاملا ودائما».