humdah
humdah
أعمدة

بين الخطأ والخطيئة

13 مايو 2018
13 مايو 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

يجد البعض منا صعوبة شديدة في تجاوز الإساءة التي تصدر بحقه، والأدهى والأمر أننا نجد صعوبة أكبر في نسيان أخطائنا التي نمضي العمر في جلد ذواتنا بسببها، لكن نحتاج جميعا إلى بعض التسامح في حياتنا خاصة مع ذواتنا، لأننا جميعا خطاؤون، ويأتي يوم على كل منا سيلتمس فيها من الآخرين الصفح على زلة صدرت منه، تحضرني كثيرا في هذا المجال (خواطر الشعراوي الإيمانية) التي يتطرق فيها للتوبة بشكل جميل، لقد خلقنا رب العزة مختارين وكان بإمكانه أن يخلقنا مسيرين ويجبرنا على ممارسة الأعمال من باب الطاعة العمياء، لكنه أراد لنا أن نطيعه حبا، وطلبا لرضاه جلت قدرته، ومع الاختيار هذا تأتي مساحة للتجربة والخطأ، كما أنه لا يوجد إنسان خير طوال الوقت، ولا يوجد إنسان سيئ يعمل السوء كل الوقت، لذا وجدت التوبة لأن الله لا يريد للزلات أن تبعد المرء عنه فأرادها أن ترجعه إليه، التي يصفها الشعراوي رحمه الله بأنها أساس العمران، ويضيف بأن بعض الناس فيها خصال خير فاقعة بحيث يكون المرء كريما للغاية أو صادقا دائما لكنه يزل زلات صغيرة أحيانا، بعض الزلات تعدل موازين النفس البشرية فالصوفيون الذين عرفوا حلاوة الإشراق والمعرفة والتنوير عن رب العالمين، لديهم مقولة (رُبَ معصية أورثت ذلًا وانكسارًا خير من طاعةٍ أورثت عزًا واستكبارا)، لهذا يأتي رد الاعتبار للمجرم في القوانين الوضعية من أجل رده إلى حركة الكون، عوضا عن خسارة طاقاته، ليواجه المجتمع غير محمل بأوزار الماضي، جاءت امرأة تبكي عند سيدنا عمر لأن ابنها ضبط سارقا فقالت له، انه لم يسرق سوى هذه المرة، فقال لها: إن الله أرحم من أن يأخذه من أول مرة.

ويفرق – رحمه الله- بين الخطأ والخطيئة، فالخطأ يصوب لكن الخطيئة يعاقب عليها، خاصة إذا ما ترتب عليها تضييع حقوق الآخرين، لأن الله العدل تعهد أن يحفظ توازن هذا الكون، وأي حق سلبته ثق بأن الله العدل سيعيده لصاحبه إن عاجلا أو آجلا، فأحيانا نشفق على مؤمن وقع ضحية جريمة لم يرتكبها، وهو في الواقع يدفع ثمن جرائم أخرى، فهو جلت قدرته يظل ستارا على مسلم في خطاياه ثم يأخذه في جريمة لم يرتكبها.