صحافة

جائزة ألمانية للرئيس الفرنسي

12 مايو 2018
12 مايو 2018

أسبوعية «لو بوان» الفرنسية تناولت موضوع تَسَلُّم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس الماضي، جائزة شارلمان الألمانية من المستشارة ميركل التي حصلت بدورها على هذه المكافأة ونالتها عام 2008.

تكتب الأسبوعية الواسعة الانتشار في عددها الصادر الجمعة، أنَّ شارلمان وَحَّد أوروبا في القرن التاسع بواسطة فعل السيف وإيمانويل ماكرون اختار فعل الكلمة ليجمع الأوروبيين حول مشروع إصلاحي هيكلي مستقبلي. إنها جائزة رمزية تُمنَح لشخصيات تكرِّس عملها من أجل الوحدة الأوروبية.

الرئيس الفرنسي في هذه المناسبة ألقى خطابه الأوروبي الرابع بعد الذي ألقاه في جامعة السوربون، وفي أثينا، وفي ستراسبورغ أمام البرلمانيين الأوروبيين. انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني، جعل الرئيس الفرنسي يغيِّرُ محور خطابه فأصرَّ على ضرورة العمل الطارئ لمواجهة عالم بات أمنه غير ثابت طالباً من ألمانيا أن تساهم في جعل أوروبا أقوى. في ليلة تسلمه الجائزة كان ملفتاً أن يكون بين الحضور الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي مارتن شولز الذي حصل على هذه الجائزة عام 2015، ورئيسة ليتوانيا التي نالت الجائزة عام 2013، وكان حاضراً كذلك رئيس وزراء اللوكسمبورغ، كزافييه بيتيل، ورئيس وزراء بلغاريا، بويكو بوريسوف، والرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو.

بعض المراقبين استغرب كيف أن الرئيس الفرنسي يحصل على جائزة شارلمان وهو في السنة الأولى من عهده ولم تكتمل بعد كل تصوراته للمستقبل الأوروبي. الجواب على هذا الاستغراب جاء من قصر الإليزيه الذي اعتبر الجائزة الأوروبية الممنوحة للرئيس الفرنسي، كتشجيع مُستَحَقّ، فليست ألمانيا التي تكافئ الرئيس الفرنسي، إنما السلطات المحلية في مدينة «آخن» أي « إيكس لا شابيل» عاصمة الإمبراطور شارلمان، حيث تأسست هذه الجائزة في عام 1949. هذه السلطات المحلية في «آخن» «إيكس لا شابيل» أرادت تكريم الرئيس الفرنسي على خلفية حملته الانتخابية التي أظهر فيها حماساً كبيراً للوحدة الأوروبية ودوره في انعقاد القمة المناخية «كوكبنا واحد» التي تلت قمة باريس الكبرى للمناخ التي انعقدت في ختام عهد الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند ونجم عنها اتفاق باريس الدولي حول المناخ. من جهة ثانية وفي فرنسا أيضاً انشغلت الأوساط الاقتصادية بموضوع أزمة إضراب عمال وموظفي شركة الخطوط الجوية الفرنسية. فهل سيتم إنقاذ هذه الشركة المندمجة إداريا وماليا ومصيرياً مع الخطوط الملكية الهولندية؟ سؤال طرحته جريدة «لو فيغارو» الفرنسية بعد أن استقال رئيس مجلس إدارة هذه المؤسسة الكبرى. لقد مرَّت شركة الخطوط الجوية الفرنسية بأزمة تواجه فيها موظَّفوها مع إدارتهم منذ شهر فبراير الماضي حتى اليوم. وزير مالية فرنسا وجَّه الملامة لكل قبطان أو قائد طائرة عبر هذه الخطوط، إذ انهم جميعاً في أساس الحركة الإضرابية، واصفاً إياهم بعديمي الحس بالمسؤولية، وبقصر النظر، والتسبب بهلاك مؤسستهم. الجريدة الفرنسية تعتبر أن الحل لهذه الأزمة يجب أن يكون ببيع الحصة الحكومية الفرنسية في هذه الشركة وبالتالي عرضها للخصخصة. بالنسبة لليومية الفرنسية، إنَّ الأمل بالخلاص يكمن في خصخصة الشركة المشتركة للخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الملكية الهولندية. لقد عرض الرئيس السابق للشركة خطة إنقاذية رفضها مع الأسف عمالُ وموظفو الشركة. إذاً المسؤولية المشتركة تقع اليوم على عاتق الموظفين والإدارة الجديدة المعيَّنة حديثاً، للخروج من هذه الأزمة الكبرى التي نجمت عن عدم تنفيذ مشروع استراتيجي إنقاذي. إذا نظرنا عن قرب لوجدنا أن الشركة الهولندية تحقق أرباحاً بينما الفرنسية تخسر. هذا يعني أن وحدة الشركتين لم تعطِ الثمار المرجوة منها. إضافة إلى ذلك، الفرنسيون يُضربون لوحدهم وهم يضرُّون بشركتهم الفرنسية كما يضرّون في الوقت ذاته بشريكتهم المؤسسة الهولندية التي تعتبر جوهرة الشركات في بلادها. فإذا كان الحل يكمن في إعادة فصل الشركتين المندمجتين، يجب أن يتم ذلك في أسرع وقت. من الممكن أن تُنقَذ اليوم الخطوط الجوية الفرنسية الهولندية ولأجل ذلك لا بد من الخصخصة لأن وضعها كمؤسسة عامة أعاق تقدمها وحرمها من القدرات التنافسية. إن الحكومة الفرنسية يجب ألَّا تحتفظ بأسهمها التي تبلغ 14 بالمائة من أسهم الشركة الفرنسية.

وهذا هو الحل المنظور في الوقت الراهن.