1332046
1332046
الاقتصادية

منتدى التنوع الأحيائي يختتم أعماله بجلسات عمل حول الابتكار الرقمي للزراعة

09 مايو 2018
09 مايو 2018

مناقشة الاستغلال الأمثل للموارد الوراثية -

شهد اليوم الثاني والأخير من منتدى المنافع الاقتصادية للتنوع الأحيائي بمركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية انعقاد جلسات حول إمكانيات التكنولوجيا الأحيائية البحرية بالنسبة للشركات الصيدلانية، والابتكار الرقمي للزراعة الذكية المناخية وبحضور أكاديميين ذوي خبرة واختصاصيي أعمال قائمة على التنوع الأحيائي من سلطنة عُمان، واليونان، والمغرب، وتايوان، والمملكة المتحدة حيث تم تبادل المعلومات والآراء، وأظهر هذا المنتدى الرائد أن ثروة سلطنة عُمان من التنوع الأحيائي لا تعتبر ميزة يمكن الاستمتاع بجمالها وركيزة أساسية لتراثنا يجب الحفاظ عليها فحسب بل تعتبر كنزًا ومن الفرص المربحة لرواد الأعمال العُمانيين المهتمين بالبيئة.

حيث يأتي تنظيم هذا المنتدى مواكبة للتحول العالمي للوصول إلى الاستغلال الأمثل للموارد الوراثية، حيث إن ما يقوم به البشر من أنشطة حول العالم في الوقت الراهن سيبقى أثرها على المدى البعيد، مما سيؤثر على الأجيال القادمة في حين يمكن تسخير ما وهبنا إياه الخالق من ثروات وإمكانات، واستغلالها الاستغلال الأمثل لتوفير حياة رغدة وهادفة لكل سكان الكوكب.

وشارك مجمع الابتكار مسقط في فعاليات منتدى المنافع الاقتصادية للتنوع الأحيائي، وذلك بمعرض مصغر استعرض فيه نموذج مجمع الابتكار مسقط الجديد الجاري إنشاؤه حاليا في منطقة الخوض، الذي يعكس مجموعة المرافق والمكونات التي تضمها المنطقة العلمية، والتي تهدف إلى احتواء الباحثين والمبتكرين ورواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبما يرقى إلى تحقيق آمالهم في مساعدة السلطنة للتحول نحو اقتصاد المعرفة، فضلا عن توضيح الفرص والعروض الاستثمارية التي يقدمها المجمع للجهات الراغبة في إنشاء مراكز للبحث والتطوير في المجالات الأربعة التي يركز عليها المجمع بشكل أولي.

ويعد مجمع الابتكار مسقط أبرز المبادرات العلمية الوطنية، التي يقوم مجلس البحث العلمي بتنفيذها، كبناء يتم تشييده في منطقة الخوض، على أرض تقارب مساحتها من 540,000 متر مربع مخصصة للبحوث والابتكار، ويقدم المجمع عدة برامج دعم للمشاريع الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومزودي الخدمات والاستشارات من المهتمين بدفع عجلة الابتكار في قطاعات أربعة متمثلة في: المياه والبيئة، والطاقة والطاقة المتجددة، والغذاء والتكنولوجيا الحيوية، والعلوم الصحية، ويستهدف المجمع استقطاب الشركات المحلية والأجنبية للاستثمار في إنشاء مراكز بحث وتطوير، بهدف تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية، والمساهمة في رفد الاقتصاد الوطني بمخرجات قائمة على المعرفة، وتحقيق الفائدة في التبادل المعرفي والإداري والتقني من الشركات المحلية أو الأجنبية.

جلسات عمل اليوم الثاني

وتضمن اليوم الثاني من المنتدى أربع جلسات عمل مهمة، وحملت جلسة العمل الأولى عنوان النباتات الطبية في العالم الحديث، حيث استخدمت النباتات الطبية منذ العصور القديمة لمعالجة ومداواة الأمراض وتحسين الصحة والرفاهية، ولقد تم العثور على أقدم دليل خطي على استخدامها على لوح طيني سومري عمره 5 آلاف عام في ناغبور بالهند، ولقد احتوى اللوح على 12 وصفة لإعداد العقاقير، وأشار اللوح إلى أكثر من 250 نباتا، واليوم لا تزال النباتات الطبية تلعب دورا كبيرا في توفير الرعاية الصحية، وتشير التقديرات إلى أن في العالم أكثر من 10 آلاف نوع من النباتات التي تستخدم لأغراض طبية كأدوية تقليدية في المقام الأول، وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن 80 من الناس في الدول النامية يعتمدون على الأدوية التقليدية تأتي أغلبها من أصول نباتية في الرعاية الصحية الأولية، ولكن استخدام النباتات الطبية لا يقتصر على الدول النامية، حيث تحتوي عقاقير الوصفات الطبية في الولايات المتحدة على حوالي 25% من مستخلصات نباتية أو مواد فعالية معدة من هذه النباتات.

بعد ذلك أقيمت جلستا عمل متزامنتان، كانت الأولى بعنوان البقايا العضوية: الاقتصادي التدويري، حيث تأتي أهمية الجلسة من واقع أن حوالي ثلث الغذاء المنتج يهدر في جميع أنحاء العالم، وهي مشكلة تستوجب الحل فهناك 400 مليار دولار من الغذاء الملقى في مكبات النفايات من مخلفات الطعام إلى ما يتخلص منه المزارعون والأسواق المركزية من المنتجات الفاسدة كل عام، والذي يتسبب في إنتاج 3.3 مليار طن متري من الغازات الدفيئة سنويا، وتعد المزارع المصانع والمنازل بالإضافة إلى المطاعم والأسواق المركزية من أهم مصادر المخلفات الغذائية في العالم، وسلطنة عمان على حد سواء، ومع ذلك فإن هذه المخلفات يمكن أن توفر فرص أعمال رائجة.

أما جلسة العمل المتزامنة الثانية فحملت عنوان الميكروبات البحرية: البحر مستقبلنا، حيث تشكل الأنواع البحرية حوالي 10% من إجمالي الأنواع المعروفة فقط، ومع ذلك استمرت الأبحاث لمزيد من الاكتشافات بعالم البحار والتي من أهمها اكتشاف التنوع الحيوي في الأنظمة البحرية بما في ذلك اكتشاف نظام بيئي كامل مبني على التمثيل الكيميائي في الفتحات الحرارية المائية، ووصف شعبة ميتازون لم يتم تصنيفها من قبل وهي حملات الدروع المصفحة، بالإضافة إلى أحد الاكتشافات في مطلع الثمانينات لبدائيات نوى بحرية ضوئية التغذية، والتي تبين أنها من أكثر الكائنات الحية وفرة للتمثيل الضوئي.

وتناولت إحدى جلسات العمل “الابتكار الرقمي: مناخ متغير، وقواعد متغيرة”، حيث إن أنماط الطقس المتغيرة لها أثر كبير على سبل معيشة المزارعين والصيادين في جميع أنحاء العالم، حيث إن المرحلة القادمة لن تكون سهلة في ظل ما يشهده العالم من آثار التغير المناخي، ووفقا لتقديرات البنك الدولي ستحتاج الدول النامية إلى حوالي 100 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات الجديدة سنويا لمقاومة الآثار المستقبلية للتغير المناخي خلال السنوات الأربعين القادمة، وفضلا عن ذلك أصدر سيتي بنك دراسة في منتصف عام 2015م تشير إلى أن العالم قد يخسر ما يصل إلى 72 تريليون دولار أمريكي من إجمالي الناتج المحلي بسبب الأثر العكسي للتغير المناخي في القرن الحادي والعشرين، ولوضع ذلك الرقم نصب الأعين لا بد من مراعاة أنه في عام 2014م بلغ إجمالي الناتج المحلي للعالم أجمع حوالي 78 تريليون دولار أمريكي.

وقد هدف منتدى المنافع الاقتصادية للتنوع الأحيائي إلى نشر الوعي في القطاعين العام والخاص ومجتمع الأعمال المتنامي في عمان حول أهمية الموارد الوراثية المتنوعة في السلطنة، وكذلك الترويج لاستغلال الموارد الوراثية وصونها بطريقة مستدامة ومربحة من أجل تنويع الاقتصاد العماني إلى جانب الجمع بين الخبراء المحليين والدوليين لبحث ومشاركة الفرص التي يمكن أن يتيحها الاستغلال والصون المستدام للموارد الوراثية من خلال مشاركة الأدوات والمنهجيات الخاصة بكيفية تحقيق ذلك، وسيكون المنتدى حلقة وصل بين المشاركين والخبراء المحليين والدوليين ورواد الأعمال وخبراء الأعمال والمشاريع الزراعية والمنتجين الزراعيين وصانعي السياسات ومختصي التسويق والتعبئة والعلامات التجارية والتقنية والمستثمرين ورواد الفكر في هذا المجال.

كنوز عمان

وقالت الدكتورة نادية السعدية، المديرة التنفيذية لمركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية: “لقد تخطى المنتدى أقصى توقعاتنا من خلال تسليط الضوء على الفرص التي تقدمها المجموعة الثرية من الموارد الوراثية في سلطنة عُمان وفتح حوار حول فرص العمل المستدامة الحقيقية في قطاعات تبدأ من الطب ومستحضرات التجميل وصولا إلى إنتاج الأغذية وإدارة النفايات.”

وأردفت قائلة: “من خلال تعريف مجتمع الأعمال والجمهور بفرص إقامة المشاريع وتوفير فرص العمل التي تنطوي عليها الثروة الطبيعية للسلطنة، فإننا نأمل في تعزيز الوعي بضرورة حماية هذه الهبة العظيمة والحفاظ عليها من أجل أجيال المستقبل ومن أجل خير البشرية ورفاهيتها.”

وواصلت الدكتورة نادية السعدية كلمتها قائلة: “إنني أود أن أؤكد أنه عندما نتحدث عن الإمكانيات التجارية للموارد الوراثية، فإننا لا نتحدث عن ملاءمة هذه الإمكانيات للتطوير من جانب المؤسسات الكبيرة. فكما أظهر منتدى المنافع الاقتصادية للتنوع الأحيائي أن التنوع الأحيائي النباتي والحيواني والبري والبحري يوفر فرصًا مذهلة لرواد الأعمال المحليين الطامحين والشركات الصغيرة لتحقيق طموحاتها. وتعتبر شركة نوى من الأمثلة الممتازة على هذا الأمر وهي شركة “محلية” لمستحضرات التجميل تم تدشينها في هذا المنتدى. فمن خلال استخدام أشجار النخيل التي تعتبر من أشهر نباتات السلطنة والتي تمثل جزءًا من تراثنا وتقاليدنا، طورت شركة نوى مجموعة متميزة من مستحضرات وكريمات العناية بالبشرة من زيت بذور أشجار النخيل. لقد تأثرت شخصيًا من براعة فريق عمل شركة نوى الذي يعمل تحت قيادة الدكتور سالم الرواحي وأتطلع بشدة إلى رؤية نجاح هذه المبادرة العُمانية الجديدة في الأسواق المحلية والدولية.

وأعربت الدكتورة نادية السعدية عن خالص امتنانها لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لدعمها الفني للمنتدى وكذلك للجهات المعنية من القطاعين العام والخاص التي قدمت الدعم للمنتدى، والشكر إلى المحاضرين بالمنتدى على تبادل خبراتهم وإسهاماتهم الهامة في مشاورات ومناقشات المنتدى، وأضافت الدكتورة نادية السعدية قائلة: “يهدف مركز عُمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية إلى توليد القيمة من الموارد الوراثية ولا يساورني أدنى شك في أن منتدى المنافع الاقتصادية للتنوع الأحيائي الذي يعتبر الأول من نوعه قدّم مساهمة كبيرة لجهودنا في هذا الشأن. إننا نتطلع إلى رؤية البذور التي غرسناها خلال اليومين الماضيين تُزهر في عقول أولئك المتطلعين لبدء مشروعاتهم الخاصة الصغيرة، وأولئك الذين يسعون لتطوير مشروعاتهم القائمة، وأولئك المهتمين بخيارات الاستثمار في التنوع الأحيائي. كما أرجو أن نرى جميعًا العديد من هذه الأفكار الوليدة تؤتي ثمارها في منتدى المنافع الاقتصادية للتنوع الأحيائي لعام 2019.”