abdullah
abdullah
أعمدة

رماد: قلوبٌ بيضاء

09 مايو 2018
09 مايو 2018

عبدالله بن محمد المعمري -

[email protected] -

لم يكن لقسوة الزمان عليه مجرد ظلام دامس يخيم على ناظريه، بل كان ضياء ينير له الطريق نحو الأمام، ذلك أن من حوله اتسموا بقلوب تشرق في ذلك الظلام، وتفتح له أبواب فكره في كل لحظة ينغلق فيها باب الأمل، وتشعره بالحياة لا بالموت، فما أعظمها من قلوب.

قلوب جملها الله بالرحمة، وزينها بالرقة، وجعل منها مصدرا لكل فعل حميد، قلوب لا تعرف للحقد طريق، ولا للضغينة باب، ولا للمكر والدهاء موضعا، تسمو بذاتها وبمن حولها إلى التقدم، وتشعر من حولها بطمأنينة الحير في الحياة الدنيا، بل وتتعمق في كل ما يجري حولها ببصيرة ملؤها التفاؤل الذي ينثر نوره في كل زاوية من زوايا الظلام، ليهون على النفس ما وقع عليها من كدر.

مع أن هذا النوع من القلوب يتواجد في محيط حياتنا بنسب قليلة، ولكنها تغني عن ألف قلب معاكس لها في الصفات، فهي القلوب البيضاء النقية، تسير بصاحبها إلى الأخذ بيد ذلك القاعد على قارعة طريق اليأس، وترفع من همته ليعلو ويصل بها إلى القمة، فما أجملها من قلوب.

قلوب بيضاء نقية، وإن كان الجسد الذي يحويها أرهقته الحياة وأذبلت تفاصيل الجمال في ملامحه، أو إن احتوتها أجساد لا تحمل الجمال، ولكنها تبقى بذلك النقاء أجمل، فجمال السريرة النابع من بياض القلب لهو أكثر أنواع الجمال الإنساني ديمومة، حتى بعد الرحيل.

إن أصحاب القلوب البيضاء يستحقون منا كل الحب والفداء، والمحافظة على وجودهم أمر واجب على كل من تلمس بياض قلوبهم، وتجمل بجمالها، وانغمس في نعيم رحمتها وطيبتها، ونسج من ذلك الوجود لباسا يواري حزنه ويتلطف به في حركته ومسيره بين البشر في زمانه، فحفظ الله كل قلب نقي تقي يرافقنا في مشوار الحياة، وأدام وجوده سعادة ورحمة وخيرا ما بقينا.