sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: هيه وهاعه

09 مايو 2018
09 مايو 2018

شريفة بنت علي التوبية -

من لم يتذوق القهوة العُمانية بنكهة ورد الجبل الأخضر فهو لم يعرف مذاق القهوة الحقيقي، فلا الكابتشينو ولا اللاتيه ولا الموكا تعادل فنجان قهوة بمذاق ونكهة الورد في قطافه الأول، ليأتي المذاق مشبعا بأنفاس الورد وعطره، ومن لم يتذوق الخبز العُماني المغمس بشاي الكرك على وجبة الإفطار، فكأنه لم يتناول وجبة إفطار شهية، وإن كان فطورا عالميا في أفخم الفنادق وأرقاها، ومن لم يجرب مذاق (سحناة القاشع) أو قبولي العوال أو مرقة السمك بخلطة البهارات العُمانية مع الليمون المجفف فكأنه ما عرف مذاق المأكولات البحرية أبدا في حياته، ومن لم يتذوق قروص العسل أو (الشوب المدعوص) بالسمن المقشود ودبس النخيل فكأنه ما ذاق طعم (البان كيك) في نسخته العُمانية، ومن لم يتذوق شوربة الحب باللحم الرمضانية فهو لم يعرف مذاق الشوربة في حياته أبدا، ومن لم يتناول الحلوى العُمانية بالزعفران أو بقية النكهات الأخرى فهو كمن لم يتذوق الحلوى في حياته أبدا، ومن لم يأكل من تمر الخلاص أو الفرض أو الخنيزي فهو كمن لم يعرف مذاق التمر وحلاوته وسكره، إنها عُمان في ثقافتها المتنوعة بمذاقها ونكهتها وحلواها وتمورها ومطبخها العامر بأشهى أنواع الأكلات والأطباق، وإنها عمان المتفردة بخصوصيتها وجمالها ومذاق أطباقها وثقافتها الأصيلة، وأزيائها الملونة.

لذلك ولأسباب كثيرة لست أدركها أعشق عُمان وكل ما هو عماني، وأعشق تلك الصورة القديمة للمرأة العمانية المرتدية ثيابها التقليدية الملونة، وأعشق دروب الحارات القديمة وبيوت الطين المتراصة بشكل حميمي أنيق، أعشق تلك النظرة الخجلى التي ما زلت أراها حتى الآن في عين أمي، أعشق اللهجة العمانية في (الهيه والهاعه) وأعشق حرف الشين ليس لأنه الحرف الأول في اسمي، بل لأنه حرف التأنيث عند مخاطبة الأنثى، أعشق حركة الكسر في نهاية الكلمة بالجملة الدالة على الاستفهام، وأعشق حرف القاف سليما معافى في النطق دون تحريف أو تبديل، ويؤلمني جدا اغتراب البعض منا في طريقة حديثه بلهجة مختلطة فتبدو غريبة كغربة الناطق بها، رغم أنه يملك أصول اللهجة الضاربة في قواعد اللغة العربية، وتؤلمني تلك الغربة في طعامنا وملابسنا وطريقة حياتنا وتقليدنا لكل ما هو غريب، دون أن نحاول إبراز هويتنا الجميلة وسط هذا الانفتاح الثقافي الواسع، يؤلمني أن نمتلك كل شيء ومع ذلك نبحث عن اللاشيء، لذلك من لم يعشق عُمان فكأنه ما جرب العشق يوما ولا عرفه أبدا.