humdah
humdah
أعمدة

معلمتي فيون

06 مايو 2018
06 مايو 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

للوهلة الأولى ظننا بأننا وحدنا في مكتب صاحب استقدام الأيدي العاملة الذي أشار لنا بالدخول لانتظاره، لكن لمحنا عند دخولنا فتاة إفريقية صغيرة تجلس في الزاوية، يبدو على ملامحها الخوف والارتباك، دخل معها زوجي في حوار، محاولا تهدئة روعها، سردت له في عشر دقائق قصتها كاملة، بأنها جاءت منذ شهرين للعمل في السلطنة، تفاجأت بحجم البيت الذي ستعمل فيه والذي تقطنه عدة عائلات.

لم يكن لدى صاحبة المنزل على ما يبدو الوقت لتعليمها، فضلا عن الصبر عليها لتتعلم ذاتيا، فبدأت المشاكل بينها والعائلة، فأصرت عليهم إعادتها إلى المكتب رافضة العمل، ثم أردفت: جئت من قرية صغيرة يمتهن سكانها الفلاحة لم أر في حياتي الأجهزة التي أنا مطالبة بتشغيلها، أحتاج إلى شهر كامل لحفظ قائمة البهارات، وشهر آخر لمعرفة أنواع أطباق الأرز في بلادكم، فمن حيث جئت نقلع البطاطا أو الكسافا من الأرض ونسلقها بدون كل هذه الإضافات، أريد أن أعمل، وأرغب في أن أتعلم لكن أحتاج إلى من يعلمني ويصبر علي، أحتاج أن يرى مخدومي أنني إنسانة، لا قدرة عليّ على خدمة عشرين فردا في آن واحد بشكل متواصل طوال اليوم، إن هذا فوق طاقتي كبشر.

شعرت بأن تلك الفتاة كانت تعطيني درسا، كنت أصغي إليها بانتباه، وأسترجع شريطا من الذكريات للعاملات اللائي مررن ببيتي، جئن من بلدان آسيوية مختلفة وثقافات مختلفة، إلا أن القصة واحدة والمعاناة واحدة، فتيات صغيرات يتم تزوير تواريخ ميلادهن أحيانا من أجل جعلهن صالحات للعمل، ثم يلقى بهن في المجهول، تتلقفهن وكالات التشغيل، والأسر المقتدرة كأسرتي، بدون أي ضمانات. وجدتني اسألها أمام دهشة زوجي: هل تودين العمل معنا، فأجابتني: هل ستعاملينني كإنسان، وتصبرين عليّ حتى أستوعب العمل. شعرت بأن القدر وضع هذه الفتاة في طريقي في هذا الوقت بالذات، لتعلمني درسا أحتاجه في هذه المرحلة من حياتي رغم أنني كنت ذاهبة بنية مقابلة فتاة أخرى من جنسية مختلفة وبمواصفات معينة، لست أعرف بعد ما هو هذا الدرس إلا أنني واثقة بأنها لم تدخل في حياتي بهذه الطريقة عبثا.