إشراقات

رعاية الفقراء والتعاون في أوجه الخير

03 مايو 2018
03 مايو 2018

إعداد: نادر أبو الفتوح -

يقول الدكتور السعيد محمد علي من علماء وزارة الأوقاف المصرية : إن الشريعة الإسلامية تهدف لتحقيق علاقات قوية بين أبناء المجتمع الواحد، والإسلام يأمر بالبر والإحسان في التعامل مع كل الناس داخل المجتمع، والبر من أعلى الدرجات في التعامل، مشيرا إلى أن منهج الإسلام في التعامل بالبر، شمل أيضا غير المسلمين، فأمر الإسلام ببر غير المسلمين، فقال الله تعالى في القرآن الكريم: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الآية 8 سورة الممتحنة]، لأن الإسلام يحرص على سعادة ورفاهية الناس جميعا، والبر والإحسان من السبل التي تقوي العلاقات بين أبناء المجتمع الواحد، بغض النظر عن أي اختلافات أخرى، ولذلك فقد أمرت الشريعة الإسلامية بهذه الأخلاق الكريمة، وطالبت المسلم بأن يتعامل بهذه الأخلاق مع كل الناس.

موضحا أن الشريعة الإسلامية، حملت الكثير من النصوص التي تطالب المسلم، بالالتزام بالبر والإحسان، والحق سبحانه وتعالى يقول في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الآية 90 سورة النحل]، والبر كلمة تدل على الخير كله، حيث عرف العلماء البر بأنه هو جميع الخير، ولذلك فهو نقيض الإثم، فكل ما هو ليس بإثم فهو بر، وكل ما ليس ضار فهو خير وبر، وكل عمل صالح بر، وكل طاعة وعبادة تدخل في أوجه البر، وكل إصلاح وبناء يدخل في دائرة البر.

ويضيف أن الله سبحانه وتعالى ذكر البر، جامعا لمعاني العقيدة والشريعة والأخلاق، حيث ذكر سبحانه وتعالى في سورة البقرة، خمس عشرة صفة للبر، خمس في العقيدة، وخمس في الشريعة، وخمس في الأخلاق، فقال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الآية 177 سورة البقرة]، ونلاحظ أن ختام هذه الآية الكريمة، شاهد على تناغم معاني البر مع معاني التقوى، ولذلك فإن وجوه البر كثيرة، ولكثرتها لا تقع تحت حصر، فربما كانت في مظاهر مرئية، يشاهدها الإنسان، أو سمع عنها من الآخرين وربما ابتكرها الإنسان نفسه، في مساعدة الناس وإخراج الصدقات، وغيرها من أوجه الخير الكثيرة .

مؤكدا أن الإسلام انتشر بالأخلاق والمعاملات الكريمة، وقد عاش المسلمون مع غير المسلمين طوال قرون عدة، وقد انتشر الإسلام في شرق آسيا وغيرها من بلاد العالم، نتيجة للأخلاق الكريمة التي تجسدت في معاملات التجار المسلمين، الذين كانوا يذهبون إلى هذه البلاد، فدخل الناس في الإسلام، نتيجة هذه القيم والأخلاق والمعاملات، التي تجسد لمعنى المواطنة الحقيقية في الإسلام، والشريعة الإسلامية وضعت ضوابط للتعامل بين جميع أبناء المجتمع، وحثت على أن يلتزم المسلم بهذه الضوابط، في التعامل مع المسلمين وغير المسلمين، وحذرت من الخروج على هذه القيم والمبادئ التي تقوم عليها الشريعة، لأن الخروج عليها يخل بالنظام العام في المجتمع، ويتنافى مع مبادئ المواطنة في الإسلام، فالإحسان والبر يعني كل أوجه الخير، في التواصل مع الجيران، وتقديم يد العون للضعفاء في المجتمع، والمساهمة في كل أنشطة الخير، ومن المهم جدا أن يكون ذلك خالصا لوجه الله سبحانه وتعالى، وليس الهدف منه تحقيق مصالح لأفراد أو جماعات.

ويشير إلى أن الله عز وجل، كتب الثواب العظيم لكل من يتعامل بالبر والإحسان، كما أن الشريعة الإسلامية رغبت في تنفيذ هذه التوجيهات، في التعامل مع الناس جميعا، فقال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الآيات من 41- 44 سورة المرسلات]، وهذه الآيات الكريمة تحمل البشرى لكل من يتعامل بالإحسان والبر مع الناس جميعا، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: (مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ)، والهدف من ذلك أن يسود البر والإحسان بين الناس داخل الوطن الواحد، فيساعد الغني الفقير، ويحمل القوي الضعيف، ولذلك نحن في حاجة لغرس هذه القيم والمبادئ لدى الناس جميعا، لأن هذه القيم تراجعت بالفعل في الوقت الحالي، نتيجة أمور كثيرة، ولذلك لابد من التوعية المستمرة، وحث الناس على كل أوجه البر والخير والإحسان، لأن ذلك يقوي من العلاقات بين أبناء المجتمع، ويجسد مبادئ ومعاني المواطنة في الإسلام، والتي من شأنها أن تؤدي لنهضة وتقدم ورقي المجتمع.