1324065
1324065
المنوعات

مروة البشير تصدر كتاب «فن الإنشاد الديني»

01 مايو 2018
01 مايو 2018

القاهرة، «العمانية»: صدر عن الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة كتاب جديد بعنوان «فن الإنشاد الديني»، للصحفية مروة البشير، ترصد فيه تاريخ هذا الفن في مصر منذ القدم، وتطوره عبر الحقب الزمنية.

وتستعرض المؤلفة نماذج متنوعة من الإنشاد عند الفراعنة وفي المسيحية والإسلام؛ محاولة التأكيد أن المضمون واحد في كل الأحوال، فـ«كلٌّ يناجي ربه على طريقته، ويلجأ إلى خالق الكون يستمد منه القوة والمدد». وتوضح أن البحث في هذا المجال لم يكن سهلًا، فالمتاح «إما مراجع قديمة تتحدث عن فترات تاريخية سابقة، أو دراسات أكاديمية تهتم بالعنصر الموسيقي في الإنشاد»، وليس هناك كتب حديثة موجهة للقارئ العادي توثق تاريخ وحاضر الإنشاد الديني في مصر، والدور الذي يلعبه في نفوس المصريين.

وتعرض المؤلفة لرأي علماء الدين في فن الإنشاد، ومنهم الإمام الشاطبي والإمام الغزالي والإمام ابن عبدالبر، والشيخ عبد الغني النابلسي، الذي قسم الغناء بشكل عام إلى ثلاثة أقسام: محرم ومباح ومندوب، وهذا الأخير هو لمن غلب عليه حب الله تعالى والشوق إليه.

وتؤكد أن مصر هي أول دولة في العالم عرفت الإنشاد الديني، وهو الإنشاد المصاحب للطقوس والعبادات، وإقامة الشعائر والصلوات داخل المعابد عبر مجموعة من الترانيم ذات نصوص دينية عادة ما تكون غامضة المعنى. وجاءت أشهر هذه الأناشيد على الإطلاق للملك الفرعون إخناتون.

وتشير إلى النصوص والتراتيل الجنائزية التي وُجدت منقوشة على جدران بعض الأهرامات وتوابيت الموتى، مؤكدة أن الباحثين لم يتوصلوا بعد إلى الطريقة التي كانت تؤدى بها تلك التراتيل، لكن المرجح أنها كانت تؤدى بطريقة الإلقاء أو التلاوة.

وتضيف أن أشهر هذه الأناشيد هو نشيد إخناتون، الذي ربط بعض الباحثين بينه وبين المزمور 104 من مزامير داود، من حيث المضمون.

ويتناول الكتاب قصائد المديح النبوي التي تعدّ عماد الإنشاد الديني الإسلامي، بدءًا من نشيد «طلع البدر علينا» باعتباره أول إنشاد في الإسلام، وإن كانت هناك دراسات تشكك في صحة هذا النشيد، خاصة فيما يتعلق بلغته وكلماته وعدم اتساقها مع اللغة الشائعة في هذا الوقت.

وتقول المؤلفة إن من النقاط المهمة التي استند لها د.أنيس بن أحمد بن طاهر الإندونيسي، عضو هيئة التدريس بكلية الحديث بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، في تفنيد هذا النشيد، أن منطقة «ثنيات الوداع» تقع ناحية الشام، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام، ويرجَّح أن يكون هذا النشيد من أناشيد القرن الثالث الهجري.

وتوضح أن الرواية الأقرب للصحة عن استقبال الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم، جاءت في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، بأن الرسول قدم المدينة ليلًا، فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله، فقال: «أنزل على بني النجار، أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك»، فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطريق ينادون: «يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله». وتصف المؤلفة الصحابي حسان بن ثابت بأنه فارس هذا النوع من الشعر، وأشهر من نظم أشعار المدح النبوي، مشيرة إلى أن شعره في الرسول يمتاز بالصدق والإخلاص، حتى إن السيدة عائشة عندما سُئلت عن وصف الرسول قالت: (والله كما قال فيه شاعره حسان بن ثابت: مَتى يَبدُ في الداجي البَهيمِ جَبينُهُ/‏‏ يَلُح مِثلَ مِصباحِ الدُجى المُتَوَقِّدِ). وتحدثت عن الإنشاد الديني بعد عهد النبوة وكيف انتشر وازدهر، حيث تحول في العصر الأموي إلى فن له قوالبه وأصوله وقواعده، فخلال تلك الفترة ذاع صيت إبراهيم وإسحاق الموصلي أشهر الموسيقيين وقتئذ، والفتى زرياب، تلميذ إسحاق الموصلي الذي كان من أهم من قاموا بغناء وتلحين الأناشيد الدينية. كما ذاع صيت مدينة حلب السورية في هذا اللون من الإنشاد خلال هذه الحقبة.

وتورد المؤلفة أسماء أشهر المنشدين والمنشدات، وفي صدارتهم المنشد وقارئ القرآن نصر الدين طوبار، وأستاذ المداحين الشيخ سيد النقشبندي، ومداح النبي محمد الكحلاوي، والشيخ طه الفشني.

والجدير بالذكر أن الإنشاد الديني يعدّ من أشهر الفنون التي اشتُهرت بها مصر، وهو فن ارتبط بمناسبات ومواسم دينية، وله قاعدة عريضة من الجمهور المحبّ له.