1310656
1310656
تقارير

خيارات محدودة في مواجهة قرار ترامب حيال القدس

17 أبريل 2018
17 أبريل 2018

دبي- (أ ف ب): يستبعد محللون أن يذهب قادة الدول العربية أبعد من إعلانهم الأخير خلال قمتهم السنوية عن رفضهم لقرار واشنطن حيال القدس، نظرا لقلة الخيارات المتاحة قبل شهر من موعد نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة التي تقع في صلب أحد أطول الصراعات في الشرق الأوسط.

كما أن الدول العربية الكبرى وفي مقدمها السعودية، بدت في القمة التي استضافتها الظهران الأحد الماضي غير مستعدة للمخاطرة بعلاقاتها القوية مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ظل مواجهة إقليمية مستمرة مع إيران. وقال الخبير في شؤون الشرق الأوسط في «المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية» دوني بوشار «بشكل عام، غالبا ما تكون القمم العربية خطابية أكثر منها عملية، ولا أظن ان الأمر سيتخطى العامل الخطابي» بعد قمة الظهران. وأضاف «بالنسبة الى السعودية، فان الأولوية هي للعلاقة مع واشنطن».

وتعتبر إسرائيل القدس بشطريها عاصمتها «الأبدية والموحّدة»، في حين يطالب الفلسطينيون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.

وكان ترامب أثار غضب الفلسطينيين حين أعلن في ديسمبر الماضي اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونيته نقل السفارة الأمريكية اليها في مايو المقبل.ويشكل هذا القرار قطيعة مع نهج دبلوماسي تبنته الولايات المتحدة طوال عقود.

وكانت إسرائيل احتلت القدس الشرقية في عام 1967، وأعلنتها عاصمتها في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة.

خيارات محدودة

وترى المحللة السياسية الفلسطينية نور عودة انه لم تكن هناك توقعات كبيرة قبل انعقاد القمة العربية حيال كيفية تعامل القادة العرب مع هذا القرار.

وأوضحت «الناس العاديون، والسياسيون، يدركون حجم المشاكل العربية، وان الحكومات العربية لن تواجه ترامب».

وأطلق على اجتماع الظهران تسمية «قمة القدس». وندد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في الجلسة الافتتاحية بقرار الولايات المتحدة، ولحقه في ذلك زعماء دول عربية آخرون. كما أعلن الملك سلمان عن تبرعات بقيمة 150 مليون دولار للقدس و50 مليون دولار للاجئين الفلسطينيين. وفي ختام القمة، اكّد المجتمعون في بيان انهم يرفضون القرار الأمريكي، معتبرين انه «غير شرعي».

وقال مسؤول عربي مشترطا عدم الكشف عن اسمه، ان «حتى أقرب حلفاء واشنطن (الرياض وأبوظبي والقاهرة) يدركون جيدا انهم لا يملكون الكثير من الخيارات الدبلوماسية».

وأضاف المسؤول «هدفهم تحسين موقف الفلسطينيين قدر الإمكان، انما لن يذهبوا الى حد المواجهة مع الإدارة» الأمريكية.

واعتبر من جهته الوزير السابق غسان الخطيب نائب رئيس جامعة بيرزيت قرب رام الله ان قادة الدول العربية «ليسوا على استعداد للمخاطرة بعلاقاتهم مع الولايات المتحدة».

ويأتي القرار الأمريكي حول القدس في وقت تشهد علاقة إدارة ترامب بالسعودية والإمارات ودول عربية أخرى، تقاربا كبيرا بعد سنوات من الجفاء مع إدارة الرئيس الأسبق باراك اوباما على خلفية الموقف من طهران، للرياض.

وتخوض السعودية وإيران منذ سنوات صراعات بالوكالة في الشرق الأوسط، من سوريا واليمن، الى العراق ولبنان. وتساند إدارة ترامب السعودية في هذه المواجهة، حتى انها ذهبت والى حد التلويح بإمكانية تمزيق الاتفاق النووي الموقع بين إيران ودول غربية في عهد اوباما. ويرى خليل حرب مدير تحرير موقع «جورنال» المتخصص بأخبار دول الخليج أن «السعودية والإمارات من الدول العربية الأساسية التي تشعر منذ الاتفاق النووي مع إيران (2015) أن واشنطن لم تأخذ بالاعتبار هواجسها من الحضور الإيراني القوي في المنطقة».

وتابع أن هاتين الدولتين تحاولان الآن «دفع إدارة ترامب لمراجعة الموقف الأمريكي من الاتفاق النووي. وفي لحظة سياسية كهذه، لا تريد الرياض إحراج او إغضاب الأمريكي».

بدوره يقول المحلل كريم بيطار من «معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية» ومقره باريس ان السعودية وحلفاءها «يشعرون بالقلق من التهديد الإيراني، ويعتبرون ان عليهم تنسيق جهود مكافحة إيران عبر الولايات المتحدة، وإسرائيل».

عنف أم سلام؟

وفي خضم الجدل الذي أثاره قرار ترامب بشأن القدس، حذر مراقبون من ان الخطوة قد تؤدي إلى أعمال عنف جديدة في المنطقة.

إلا ان بوادر انفتاح على إسرائيل، ودعوات غير مسبوقة للسلام مع دولة إسرائيل بدأت تخرج إلى العلن. وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان (32 عاما) في مقابلة مع مجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية قبل نحو أسبوعين ان للإسرائيليين الحق في ان تكون لهم أرضهم، معتبرا انه إذا تحقق السلام «فستكون هناك الكثير من المصالح بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي».

واتصل الملك سلمان بالرئيس الأمريكي بعد ساعات من هذه التصريحات، ليجدد موقف المملكة «تجاه القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في قيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس». وعشية قمة الظهران، نشرت صحيفة «الرياض» مقالا لنائب لرئيس تحريرها بعنوان «قمة الظهران..سلام مع إسرائيل ومواجهة مع إيران».

وأضاف في دعوة غير مسبوقة في صحيفة سعودية «لا خيار أمام العرب سوى المصالحة مع إسرائيل، وتوقيع اتفاقية سلام شاملة».