المنوعات

كتاب عن الخلود والطريق للحياة الأبدية ومغزاها

13 أبريل 2018
13 أبريل 2018

ميونخ، (د ب أ)-العمر المديد هو حلم البشر منذ الأزل. يبدو أن الإنسان قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا الحلم من خلال الطب الحديث والتقدم التقني.

زار الكاتب مارك أوكونيل أُناسا نذروا أنفسهم لتحقيق هذا الحلم حيث يرى أن «الخلود» هو تقرير مطول يصف مستقبلا محتملا بنظرة متشككة ولكنه ليس بالضرورة مستقبلا مرغوبا فيه.

«إنها ثورة ضد الوجود البشري بالشكل الذي أُهدي إلينا، وهو ما يصف جيدا دوافع البشر الذين تعرفت عليهم أثناء البحث الاستقصائي الذي قمت به من أجل تأليف هذا الكتاب» حسبما كتب أوكونيل الحاصل على الدكتوراه في الأدب العلمي والصحفي.

أضاف المؤلف: «يريد هؤلاء الناس التخلي عن هديتهم مقابل شيء أفضل، شيء من صنع البشر».

غالبا ما يُعرف هؤلاء الناس أنفسهم، وفق البريطاني أوكونيل، بحركة ما بعد الإنسانية والتي تقوم على قناعة مؤداها بأننا نستطيع استخدام التقنية، بل وعلينا أن نستخدمها، من أجل مراقبة التطور المستقبل لنسلنا البشري مستقبلا «ولكني..لست من أنصار هذه الحركة» حسبما أكد أوكونيل في مستهل كتابه، موضحا أن أصحاب هذا الفكر يسعون لاستئصال التقدم في العمر كسبب للوفاة وتحسين جسم الإنسان وتفكيره باستخدام التقنية «ويمكن أن يكون التعريف الواسع لذلك هو: ما بعد الإنسانية هي حركة تحرير تعمل من أجل التحرر الشامل من علم الأحياء».غير أن البعض لا يرون حسب المؤلف أي تحرر بل استعبادا نهائيا وشاملا من خلال التقنية. قابل أوكونيل رجلا يرغب في تجميد نفسه بعد وفاته في منشأة خاصة بذلك في الولايات المتحدة، إنها مؤسسة ألكور لايف اكستنشن فاونديشن في مدينة سكوتسديل بولاية أريزونا «حيث كانت ألكور المكان الذي جاء إليه أصحاب فكر ما بعد الإنسانية عندما ماتوا وذلك أملا في ألا تكون للموت الكلمة الأخيرة، مكان أصبحت فيه التصورات المجردة عن الخلود حقيقة ملموسة». يقول المؤلف إن هناك في هذه المؤسسة مستودعا به نحو 120 «مريضا» في أسطوانات على ارتفاع مترين ونصف مصنوعة من الفولاذ غير قابل للصدأ.

مرْضى وليس جثثا وذلك لأن القائمين على المؤسسة وعملاءهم يرون هذه الخدمة امتدادا لطب الطوارئ.

التقى أوكونيل بعالم في الأعصاب يشتغل بالتخزين الرقمي للوعي البشري في آلات ويهدف بذلك إلى التحرر من الشكل البشري السائد الذي يراه أصحاب هذا المذهب قد أصبح قاصرا «فربما كنا حيوانات ضئيلة جدا لأننا لا نستطيع أن نقبل طبيعتنا الحيوانية، لا نقبل حقيقة أننا نموت ميتة حيوان».التقى المؤلف البريطاني أيضا بأناس على قناعة يقينية بأن الذكاء الاصطناعي سيعني نهاية البشرية «حيث تستثمر الآلاف من حياة الأشخاص ومليارات الدولار في تطوير هذا الذكاء» حسبما نقل المؤلف عن نات سواريس من معهد الذكاء الآلي في مدينة بيركلي الأمريكية «ولكن من يعملون من أجل الأمن أقل من عشرة أشخاص على مستوى العالم يعملون بدوام كامل».تحدث أوكونيل عن مؤتمر وعن أموال وفرها مستثمرون من أجل تطوير هذا الذكاء.

عن ذلك يقول المؤلف: «استغربت كثيرا وإن كنت لم أفاجأ بشكل خاص من أن هؤلاء المستثمرين أصحاب المليارات الكثيرة رأوا في هذا الخطر الافتراضي خطرا أكبر يستحق الاستثمار من خلال تطوير تقنية غير موجودة أصلا وضخ أموال في هذه الأبحاث أكثر على سبيل المثال من الأموال التي يرصدونها من أجل الاستثمار في توفير مياه نقية لسكان الدول النامية أو من أجل حل مشكلة الهوة المتباعدة الغريبة في الدخل بين أبناء بلدان هؤلاء المستثمرين أنفسهم».بذل مارك أوكونيل الكثير من الجهد في كتابه وسافر كثيرا وأبلغ قارئه بذلك بشكل أكثر إسهابا مما ينبغي.

ويرى المؤلف أن «الخلود» ليس مجرد كتاب موضوعي يستند إلى حقائق مفصلة بل تقريرا مطولا شيقا ومثيرا عن التطورات الحديثة بشأن قضية الخلود الأبدية وعن الشخصيات غريبة الأطوار التي يعج بها هذا المجال.