1305727
1305727
المنوعات

ندوة بجامعة السلطان قابوس تناقش عراقة وتاريخ فلج «الملكي» بإزكي

12 أبريل 2018
12 أبريل 2018

الرواس: عُمان ينبوع حضاري متجدد وأصيل -

«عمان»: نظمت جامعة السلطان قابوس ممثلة بجماعة التاريخ والآثار وبالتعاون مع اللجنة الرئيسية لملتقى إزكي الثقافي أمس ندوة أعلام ومعالم ولاية إزكي تحت عنوان «أفلاج إزكي فلج الملكي نموذجا» ضمن فعاليات ملتقى إزكي الثقافي الثالث «إزكي.. تراث وحضارة».

وتأتي هذه الندوة التي رعاها معالي عبدالعزيز بن محمد الرواس مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية لتسلط الضوء على فلـج «الملكـي» المـدرج ضـمن الـتراث العـالمي باليونيـسكو متضمنة جلستين وست أوراق عمل قدمها مختصون من خارج الجامعة.

وفي تصريح له قال معالي عبدالعزيز الرواس ان «عمان ينبوع حضاري متجدد وأصيل، وبلاد ضاربة جذورها في أعماق التاريخ، تنتشر في كل الجانب الشرقي من الجزيرة العربية من حضرموت إلى تخوم الكويت والإحساء». مؤكدًا على أن هذا الانتشار التاريخي العميق والآثار الهائلة والمنتشرة في كل أنحاء عُمان بملايين السنين يشهد على عظمة وإبداع الإنسان العماني.

وأضاف معاليه «عُمان دائمًا مزدهرة بشبابها وبخيراتها وثرواتها وبأمنها وأمانها».

وفي حفل افتتاح الندوة قال سعادة يونس بن علي المنذري، عضو مجلس الشورى ممثل ولاية إزكي ورئيس اللجنة المنظمة للملتقى، «إن الندوة العلمية» أعلام ومعالم إزكي «ستكون أولى برامج ملتقى إزكي الثقافي الثالث لتبسط الحديث عن حقائق انطفأت في غفلة الزمن من عقول الأجيال فلم يدركوا من هذا المَعْلَم إلا الاسم والرسم».

وقال الدكتور حمود بن خلفان الحضرمي عميد شؤون الطلبة إنه تقديرا لأهمية فلج الملكي تم إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي في عام ٢٠٠٦م مع أربعة أفلاج أخرى في عمان. مشيرا إلى الروايات التي تذكر أن هذا الفلج كان يمتد عطاؤه إلى ولاية أدم وما تزال بعض سواقيه ماثلة للعيان. وأضاف الدكتور حمود «تعد هذه الندوة ثراءً فكريًا سترفد المكتبة العمانية بما ستقدمه من مطبوعات علمية وأدبية».

وقدم المتحدث الرئيسي للندوة المهندس إسماعيل بن إبراهيم السرحني مدير إدارة الشؤون القانونية بوزارة النفط والغاز ورقة عمل بعنوان «فلج الملكي.. إرث إنساني وتحديات من أجل البقاء» متحدثًا خلالها عن العوامل المؤثرة على الوضع المائي وهي الطقس وما يميزه من حرارة وتبخر، الأمطار، استهلاك المياه واستخداماتها، الميزان المائي، والأفلاج.

وأعطى المهندس السرحني نبذة مختصرة حول الأفلاج أنواعها وتوزيعها، وذكر أن ولاية إزكي وحدها تتضمن 106 أفلاج. كما تحدث بالتفصيل عن «فلج الملكي» وعرض بيانات إحصائية حول الفلج. وكذلك تطرق إلى التحديات التي تواجه الفلج قائلًا «لا يهمنا أن يكون الفلج ضمن سجل التراث العالمي باليونسكو بقدر ما يهمنا أن نحافظ على هذا الفلج وأن يبقى متدفقًا للأبد»، وأخيرًا قدم مقترحات للحد من تلك التحديدات.

وفي الجلسة الأولى عرض هلال بن عامر القاسمي، كاتب وباحث في التاريخ والآثار ونظم الري القديم وعلم الاجتماع دراسته حول «التتبع الجغرافي لفلج الملكي دراسة ميدانية والتي تتبع خلالها مسار فلج الملكي الجغرافي، وكشف الأسلوب الهندسي لعمارة الفلج، وحصر عدد السواعد وطولها وأعماقها، وتحديد منطقة أمهات السواعد الرئيسية. كما قام القاسمي بالبحث عن معالم الفلج والنظام العام المتبع في الري والتوزيع واكتشاف بعض المعلومات والبيانات المعروفة عن الفلج وإثبات حقيقتها مثل عمق الفلج وغير ذلك؛ بواسطة التتبع الميداني الجغرافي وجمع المعلومات من أهل الفلج والعارفين به ووكيل الفلج».

وقدم الدكتور ناصر بن عبد الله الصقري، من وزارة التربية والتعليم ورقة عمل عن بحثه (وثائق الأفلاج العمانية مصدر لدراسة الحياة الاقتصادية والاجتماعية) «وثيقة فلج الملكي نموذجا» مؤكدًا في حديثه على أن وثائق ونسخ الأفلاج العمانية تعد من المصادر المهمة لكتابة التاريخ الحضاري العماني، لا سيما في ظل الشح في المصادر التي تناولت تاريخ عمان الحضاري. وسلط الدكتور الصقري الضوء على وثائق الأفلاج باعتبارها مصدرا للكتابة عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية، متخذًا من وثائق فلج الملكي أنموذجًا لذلك. وتضمنت الورقة عرضا لبعض جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ولاية إزكي من خلال ما تضمنته وثائق فلج الملكي، ففي الجانب الاقتصادي تمدنا هذه الوثائق بالعديد من المواضيع المهمة كطريقة توزيع حصص مياه الفلج، والمصطلحات المستخدمة في ذلك، وأسماء الأراضي الزراعية، ومالكيها. وفي الجانب الاجتماعي، تمدنا الوثائق بإشارات مهمة حول الوقف والجوانب التي يشملها، والجهات المستفيدة منه، كما تعطينا وثائق فلج الملكي معلومات قيمة عما كان يوصي به الأئمة والمشايخ من مياه الفلج والجوانب الاجتماعية التي كانت تصرف فيها كالتعليم، والمعوزين من فقراء المسلمين، وغيرها من وجوه البر والإحسان.

وتطرق خالد بن محمد الرحبي من المديرية العامة لتطوير المناهج بوزارة التربية والتعليم في بحثه «إسهام الأفلاج في تمويل الأوقاف فلج الملكي نموذجا» نحو الأفلاج التي تعد من أبرز المعالم الحضارية العمانية، فهي إلى جانب كونها مصدرا رئيسيا لري المزروعات، تعد دعامة رئيسية لاستقرار المجتمع العماني بما تسهم فيه من تمويل لبعض الخدمات المقدمة للمجتمع في الجوانب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وبحث في ورقته المعروضة موضوع إسهام فلج الملكي في تمويل الأوقاف بإزكي كنموذج للأفلاج التي تعد مصدرا لتمويل مختلف جهات الوقف التي تقدم خدمات مختلفة للمجتمع العماني سواء أكانت هذه الأوقاف خاصة بالمساجد أم المدارس أم غيرها من جهات الأوقاف ذات الأبعاد الثقافية والاجتماعية وغيرها.

أما في الجلسة الثانية فقد اعتمد الرحبي في بحثه المنهج التحليلي في تحليل المعلومات الواردة في المصادر والوثائق التي تتعلق بموضوع الدراسة مثل نسخ الأوقاف بإزكي ونسخة فلج الملكي والوصايا والتقييدات الوقفية في المخطوطات وغيرها، كما اعتمد المنهج الاستقرائي في التعامل مع المصادر الفقهية المطبوعة والمخطوطة والتي تحتوي معلومات عن الأوقاف.

وقدم أحمد بن حمد العامري، شاعر وباحث في التاريخ العُماني ورقة عمل بعنوان (فلج الملكي وحقيقة سقيه أدم) متحدثًا خلالها عن الأفلاج وما تشكله من تاريخ عريق، مشيرًا إلى أنها مكون أساسي من مكونات الوطن وأحد أهم ملامحه الحضارية وجزء لا يتجزأ من الهوية العُمانية، وفلج الملكي الذي يقع في ولاية إزكي العريقة هو أحد أعظم هذه الأفلاج التي شقها الإنسان العُماني.

وأشار العامري إلى أن فلج الملكي ضرب به المثل بعدد سواعده، وطول قنواته التي تحتاج إلى كتاب للحديث عنها، وأن هذه الدراسة تحاول - قدر الإمكان - نفض الغبار عن تلك الوثائق والمصادر التي ذكرت هذه القناة، وجمع ما تداول من التاريخ الشفهي عن حقيقة ساقية فلج الملكي التي تسقي أدم. وطرح الباحث في ورقته أسئلة معينة؛ سعيا لإيجاد حل لها، ومن تلك الأسئلة: ما مدى حقيقة سقي فلج الملكي أدم؟ وما هي القرى والمناطق التي يمر عليها الفلج؟ وما هي المواد المستخدمة في بنائها؟ وإلى أي فترة زمنية تعود هذه القناة؟ وإلى أي منطقة في ولاية أدم كانت تصل القناة بالتحديد؟

وذكر الدكتور حميد بن سيف النوفلي، حاصل على درجة الدكتوراه في «الإدارة والتنمية نموذجاً» من جامعة عبد المالك السعدي بالمملكة المغربية في بحثه (فلج الملكي في قائمة التراث الإنساني باليونسكو) اعترافاً من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بالإرث الحضاري للسلطنة؛ فقد أدرجت عدداً من المواقع الأثرية العمانية على قائمة التراث العالمي باعتبارها جزءاً من التراث المشترك للإنسانية جمعاء، والمواقع هي: قلعة بهلا (١٩٨٧) ، ومقابر بات والخطم والعين (١٩٨٨)، ومواقع أرض اللبان (٢٠٠٠)، وأخيرًا نظام الري بالأفلاج (٢٠٠٥) في عمان ممثلًا في خمسة أفلاج مهمة بالسلطنة وهي: فلج دارس بنزوى وفلج الخطمين ببركة الموز، وفلج الملكي بإزكي، وفلج الميسر بالرستاق، وفلج الجيلة بصور.

وأشار الباحث إلى لجنة التراث العالمي باليونسكو التي تتبع معايير عالمية لإدراج المواقع الأثرية على قائمتها وتخضع لمعايير علمية واشتراطات دقيقة بحيث تتوافر في الموقع المدرج شروط الأصالة والمغزى العالمي والتأثير الروحي للموقع ومكانته التاريخية، بالإضافة إلى القيمة الاستثنائية العالمية.

وفيما يخص فلج الملكي بولاية إزكي قال الباحث انه لا يختلف عن بقية الأفلاج المدرجة من حيث المواصفات الفنية التي يتصف بها بالنظر إلى غزارة مياهها وقوة تدفقها ومنسوبها العالي، وطول المسافة التي يقطعها بالإضافة إلى اتساع الرقعة المستفيدة من مياهه وكذلك عدد السكان المستفيدين والمزروعات التي يرويها والمساحة التي يغطيها.