1303729
1303729
الاقتصادية

حوارية الشورى تدعو إلى متابعة الأداء عن طريق تقييم منتصف الخطة الخمسية التاسعة

10 أبريل 2018
10 أبريل 2018

تصحيح المسار وفقا للمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية -

كتب: ماجد الهطالي -

ناقشت الجلسة الحوارية التي جاءت بعنوان “تحديات الاقتصاد الوطني في إطار الخطة الخمسية التاسعة” تأثير الأوضاع الراهنة على اتجاهات السياسة النقدية والتحديات والمخاطر خلال الأمدين القصير والمتوسط، والإجراءات المُتخذة للحفاظ على استقرار الأوضاع النقدية وسلامة القطاع المالي، السياسات التنموية طويلة الأجل، والتطورات المالية وتحديات القطاع، والإجراءات التي تم اتخاذها والتي يتعين اتخاذها من أجل الاستدامة المالية، مؤكدة على أهمية متابعة الأداء عن طريق تقييم منتصف خطة التنمية الخمسية التاسعة وذلك بهدف تصحيح المسار وفقا للمتغيرات المحلية والإقليمية والعالمية.

تضمنت الجلسة التي استضافها مجلس الشورى ثلاث أوراق عمل من المجلس الأعلى للتخطيط والبنك المركزي العماني ووزارة المالية ناقشت تنويع مصادر الدخل الخيار الاستراتيجي للسلطنة، والسياسة النقدية في السلطنة تحدياتها وركائز الاستقرار، ومسار المالية العامة في ظل انخفاض أسعار النفط،

ترأس الجلسة سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية وبحضور عدد من الخبراء الاقتصاديين والمتخصصين في الشؤون الاقتصادية ورجال الأعمال والمعنيين في القطاعات الاقتصادية الواعدة.

واستعرضت الجلسة الخطة الخمسية الحالية التي تستهدف تحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال عن طريق إزالة المعوقات التي تؤثر في سهولة ممارسة الأعمال (البيئة التشريعية)، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل برنامج التخصيص، وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وذلك بهدف تعزيز مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الاستثمارات، كما تستهدف الخطة تنمية الموارد البشرية وجذب رؤوس الأموال الأجنبية.

تحديات الوضع المالي

وأشار سعادة محمد بن جواد بن حسن مستشار وزارة المالية في كلمته إلى أن من أهم التحديات التي تواجه الوضع المالي الاعتماد الرئيسي على عائدات النفط علاوة على عدم استقرار أسعار النفط، وضعف قاعدة الإيرادات غير النفطية، ووصول الإنفاق العام إلى مستوى غير قابل للاستدامة، وارتفاع المصروفات الجارية وبالأخص الرواتب والأجور، وارتفاع تكلفة إنتاج النفط والغاز، وارتفاع العجز المالي إلى مستويات عالية مما يشكل مخاطر على الاستقرار المالي، وارتفاع سعر التعادل للنفط ليصل إلى (96) دولارا أمريكيا في عام 2016، ومن ثم انخفض ليصل إلى (79) دولارا أمريكيا في عام 2018، وارتفاع حجم الدين العام خلال عام 2017 (42% من الناتج المحلي)، وتراجع التصنيف الائتماني للسلطنة.

وقال مستشار وزارة المالية: ان الحكومة هدفت لتعزيز مصادر الدخل من خلال تنشيط الإيرادات غير النفطية بمراجعة الضرائب والرسوم أخذا في الاعتبار عدم التأثير على المواطنين متوسطي ومحدودي الدخل، ومن أبرز الإجراءات المتخذة تعديل قانون ضريبة الدخل، وتعديل رسوم استقدام الأيدي العاملة الوافدة، ورفع رسوم الخدمات الجمركية، ورفع سعر بيع الغاز للاستخدامات الصناعية، ورفع رسوم التصديق على المعاملات العقارية، ورفع نسبة رسوم البلدية على عقود الإيجار، ورفع رسوم خدمات شرطة عُمان السلطانية، وتعديل تعرفة الكهرباء والمياه للاستخدام التجاري والصناعي والحكومي، وتعديل بعض رسوم الخدمات الحكومية.

وحول الإجراءات في مجال ترشيد الإنفاق قال سعادة مستشار وزارة المالية: ان الإجراءات المتبعة تضمنت تخفيض الإنفاق الجاري المعتمد بنسبة (3%) في عام 2015 وبنسبة (10%) في عام 2016 وبنسبة (5%) في عام 2017 وبنسبة (1%) في عام 2018، وإلغاء الدعم الحكومي على الوقود، والحث على ترشيد الإنفاق ورفع كفاءته، والبدء في تطبيق موازنة البرامج والأداء في بعض الجهات الحكومية وبشكل مرحلي.

الاستدامة المالية

وبيّن سعادة مستشار وزارة المالية أن من ضمن الإجراءات التي يتعين اتخاذها من أجل الاستدامة المالية تعزيز الإيرادات غير النفطية من خلال توسيع قاعدة الضرائب والرسوم، واستخدام الفوائض التي قد تتحقق من ارتفاع أسعار النفط لسداد جزء من أقساط القروض، وتشجيع الشراكة الاستثمارية بين القطاع العام والقطاع الخاص ، وتخصيص بعض الشركات الحكومية، مراجعة وترشيد الدعم الحكومي (دعم الكهرباء والمياه)، وإسناد بعض الأعمال التي تقوم بها الحكومة حاليا إلى شركات ومؤسسات القطاع الخاص بحيث تدار على أسس تجارية وتفرض عليها رسوم، وإعادة النظر في حجم الجهاز الإداري للدولة لتخفيض التكلفة وتحسين الأداء، ووضع خطة متوسطة وطويلة المدى لاستيعاب وتشغيل الباحثين عن عمل ومواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وتكثيف جهود التنويع الاقتصادي وتعزيز مصادر الدخل بهدف التقليل من الاعتماد على المصدر الحالي (النفط) لكونه ثروة غير متجددة وقابلة للنضوب فضلا عن تذبذب أسعاره، وتوفير الاعتمادات المالية للبرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ) لتحقيق الأهداف المرجوة، وتحفيز الأنشطة الاقتصادية لتحقيق نمو إيجابي وإيجاد فرص عمل في الاقتصاد، وتعزيز استثمارات القطاع الخاص (المحلية والأجنبية) وإيجاد بيئة استثمارية محفزة وجاذبة، وتعزيز دور السياسة النقدية لتدعيم وخدمة متطلبات المرحلة الاقتصادية الراهنة.

خطة شاملة

وقال سعادة طلال بن سليمان الرحبي نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط: إن الخطة الخمسية الحالية ليست خطة اقتصادية فقط وإنما تتعلق بالتنمية الشاملة وتشمل جميع الاستثمارات المتوقعة خلال فترة الخطة .. موضحا أن الخطة شملت كافة القطاعات سواء كانت الواعدة في التنويع الاقتصادي أو الداعمة وكذلك القطاعات الاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية .

وأضاف سعادته: ان برنامج “تنفيذ” جاء لتمكين القطاعات المختلفة وزيادة إسهاماتها في الناتج المحلي .. مؤكدا على أن تم تخصيص الاعتمادات المالية لقطاع الموارد البشرية وهي واضحة في الخطة... واصفا الخطة الخمسية الحالية بأنها اقتصادية واجتماعية شاملة.

وحول فرض الرسوم قال الرحبي: إنه مع فرض الرسوم مع مراعاة من يتم تطبيقها عليه ومتى ستفرض وكيف ؟.. مؤكدا على ضرورة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع لمواجهة الأوضاع الراهنة .

السياسة النقدية

من جانبه قال الدكتور محمد بن راشد الجهوري مدير الاستقرار المالي بالبنك المركزي العماني: إن السياسة النقدية المتبعة تسعى للمواءمة بين الحد من تأثير المتغيرات الخارجية وتلبية متطلبات الاقتصاد المحلي .. موضحا أن الاتجاه التقييدي للسياسة النقدية الأمريكية وانكماش مستوى السيولة المتوفرة في النظام المصرفي المحلي سيدفع بأسعار الفائدة على الإقراض بالريال العُماني للارتفاع، وتشير مختلف مؤشرات السيولة في السوق المحلية إلى استمرارها في نطاق مستقر.

وأشار الجهوري إلى أن نظام سعر الصرف الثابت للريال العُماني مقابل الدولار الأمريكي يظل الأكثر ملاءمة للسلطنة من أجل تعزيز مصداقية السياسة النقدية وتضخم محدود، ومستوى مقبول من تغطية الاحتياطيات .. مبيّنا أن هناك حاجة لمزيد من إجراءات ضبط المالية العامة مع اجتذاب الاستثمارات الأجنبية على الأمد المتوسط لمعالجة الفجوة الحالية ودعم سعر الصرف الثابت.

التوجيهات المستحدثة

وحول أحدث التوجيهات المستحدثة من قبل البنك المركزي العُماني للحفاظ على استقرار الأوضاع النقدية وسلامة القطاع المالي قال محمد الجهوري: إن للبنك توجها نحو خفض نسبة كفاية رأس المال من 12% من إجمالي الأصول إلى 11%، مع بقاء نسب الاحتياطيات المخففة للصدمات والتقلبات دون تغير، وتعديل قوانين الاستثمار في الأصول السيادية للدول والبنوك المركزية خارج السلطنة لإعطاء المزيد من المرونة في الاستثمار الخارجي، مع إعطاء الأولوية للاستثمارات المحلية، وتعديل نسب الانكشاف على تمويل غير المقيمين وودائع البنوك الخارجية لتوفير المزيد من الكفاءة في العمليات النقدية، وتعديل نسب الإقراض ما بين البنوك وإيجاد المزيد من مصادر التمويل الداخلية لزيادة كفاءة إدارة السيولة.

وأوضح الجهوري أن البنك المركزي العماني يعمل على تطبيق الإجراءات التالية، والتي أغلبها في مراحل مختلفة من التنفيذ في الوقت الراهن استحداث إطار واضح لتوفير المساعدة للمؤسسات المصرفية في حالات الطوارئ، واستمرارية عمل اختبارات ضغط الأداء لمختلف سيناريوهات الصدمات المالية والاقتصادية، والعمل على وضع إطار لإعادة هيكلة البنوك أو تصفيتها في حالة التعثر.

وأضاف الجهوري ان مستويات التعمين في القطاع المصرفي تفوق نسبة 90%، حيث بلغ عدد المشتغلين بنهاية 2016 عدد 11,373 موظفا وموظفة يشتغلون في هذا القطاع. وخلال عام 2017 استطاع القطاع المصرفي إضافة ما يربو عن 200 وظيفة جديدة للخريجين الجدد، وارتفعت نسب التعمين في جميع المستويات الوظيفية لدى البنوك التجارية بنهاية عام 2017. وبلغت نسبة التعمين في الإدارة العليا 77.2%.

المعيار الرئيسي

وقالت انتصار بنت عبدالله الوهيبية المديرة العامة للتخطيط التنموي بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط: ان هناك إجماعا على أن التنفيذ هو المعيار الرئيسي لنجاح استراتيجية التنويع الاقتصادي، حيث تم استحداث مديرية عامة للتقييم والمتابعة بالأمانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط، واستحداث منهجية الخطة الدوارة والموازنة الصفرية وتطوير مؤشرات قياس الأداء، وسيتم تقييم منتصف فترة الخطة بهدف تعديل المسار ان تطلب الأمر، وتم تحديد نحو (90) مبادرة أو مشروع بتكلفة تقدر بنحو 14 مليار ريال منها نحو 13 مليار ريال استثمارات يتم تنفيذها من قبل القطاع الخاص.

وأوضحت أن الأزمة الخارجية (الناجمة عن انهيار سعر النفط بحوالي 70% من منتصف 2014 وحتى 2017) مثلت تحديا كبيرا لأداء الاقتصاد في السلطنة – مثلها مثل بقية دول مجلس التعاون. وكانت بمثابة حلقة في سلسلة من الصدمات الخارجية التي تكررت منذ ثمانينات القرن الماضي، وقد أدت إلى تراجع معدلات النمو، وتقليص قدرة الدولة على الحفاظ على الإنفاق العام، وصاحب ذلك تفاقم عجز الموازنة العامة والميزان التجاري والدين العام.

وأشارت إلى أن السمة الغالبة على أسواق النفط العالمية هي تقلبات الأسعار، ورغم التعافي الذي بدأ في منتصف 2017م، إلا أن التوقعات تشير إلى صعوبة الوصول إلى مستوى الأسعار التي كانت سائدة قبل 2014، حيث تتراوح حول مستوى 60 دولارا للبرميل حتى 2020.

بوادر التعافي

وبيّنت الوهيبية أن بوادر تعافي الاقتصاد العماني بدأت بحلول 2018م، ويتوقع استمرار معدل نمو يفوق 3% حتى 2020م، وتوقع تقرير صندوق النقد الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أكتوبر 2017 بداية تعافي الاقتصاد الوطني بوصول معدل النمو الحقيقي إلى 3.7% في العام الجاري.

وأشارت إلى أن استجابة السلطنة انعكست لهذا التحدي في أن يكون التوجه الرئيسي لخطة التنمية الخمسية التاسعة (2016-2020م) هو التنويع الاقتصادي كخيار استراتيجي، وتم اختيار خمسة قطاعات واعدة لتساهم في مصادر النمو، دون الاعتماد على مصدر واحد وهو النفط... مضيفة أن مفهوم التنويع اتسع ليشمل –إلى جانب استهداف القطاعات الخمسة الواعدة – إطلاق أربعة تحولات داعمة لعملية التنويع كالتحول على المستوى الكلي والحفاظ على السلامة المالية، والتغير الهيكلي بإعطاء الأولوية للقطاعات الواعدة وتعزيز القطاع الخاص، والتحولات في سوق العمل حتى يصبح التشغيل في القطاع الخاص هو الخيار الأول للمواطن العماني، والتحول نحو استراتيجية وطنية للطاقة.

التنمية المستدامة

وحول تجربة السلطنة في التنويع الاقتصادي قالت انتصار الوهيبية: إن التنويع الاقتصادي يعتبر ركيزة أساسية من ركائز التنمية الاقتصادية، بحكم انه يسعى لتحقيق التنمية المستدامة والنمو الشامل المستدام في المدى المتوسط والبعيد .. موضحة أن السلطنة قطعت شوطا كبيرا في التنويع الاقتصادي حيث تراجع نصيب الأنشطة النفطية من 66% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2000 إلى 41% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، كما أن الأنشطة غير نفطية ما زالت تعتمد إلى حد كبير على منتجات النفط والغاز.

وعن التحديات التي واجهت التنويع الاقتصادي قالت الوهيبية: إن صعوبة تحقيق الأهداف المنشودة المتعلقة بالاحتياطات المالية وصعوبة استدامة الأوضاع المالية والارتكاز على تنمية الصناعات المعتمدة على الغاز الطبيعي والبتروكيماويات والقطاعات المعتمدة على الإنفاق الحكومي والزيادة في الصادرات غير النفطية تمثلت بشكل رئيسي في صادرات الغاز الطبيعي المسال والنفط المصفى والبتروكيماويات، وعدم الاتساق ما بين سياسات التنويع الاقتصادي وسياسات التشغيل.

حجم الاستثمارات المتوقعة

وعن الاستثمارات المتوقعة في القطاعات الواعدة خلال فترة الخطة الخمسية الحالية قالت: إن حوالي 6.1 مليار ريال حجم الاستثمار في قطاع النقل والخدمات اللوجستية و2.6 مليار ريال لقطاع الصناعات التحويلية، و1.6 مليار ريال لقطاع السياحة، و1.1 لقطاع الثروة السمكية، و739 مليون ريال لقطاع التعدين.