hamda
hamda
أعمدة

معلمون ومرشدون

08 أبريل 2018
08 أبريل 2018

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

توقعت أن يكون برنامج الرحلة التدريبية حافلا بالمحاضرات والدروس لذا خاب ظني عندما وجدت أنه لا يتضمن أكثر من درس واحد في اليوم ويأتي آخر المساء بينما كنا نقضي طوال اليوم في تجوال ونقاشات. إلا أنني بدأت أستمتع بالرفقة الطيبة التي مَنَّ بها المولى عليَّ، مما أتاح لي أن آخذ دورات مختلفة ومكثفة منهم، شيئا فشيئا بدأت دائرة المعلمين تتسع لتشمل كل من حولي، ليس البشر فقط وإنما جميع المخلوقات من حولي، فالنهر المتدفق بكل سلاسة أجده ينحرف عن مساره عندما اعترضت صخرة كبيرة مجراه، وعوضا عن التراجع أو التوقف وجد من مرونته سلاحا للتغلب على تلك العقبة، جاء هذا الدرس من النهر بعيد أمسية حول (التسليم) مباشرة، والمذهل أن زيارة النهر لم تكن في الخطة أصلا، وإنما جاءت صدفة في تلك الساعة لتتيح لي ذلك الدرس. معلمي الثلج الذي بدأت الشمس تذيبه بحرارتها، فيتدفق بحيرات و أنهار، في استسلام عجيب، يغذي دورة الحياة عن رضا، وهو يتخلى عن صلابته وبياضه الناصع ليتحول إلى تدفق دائم من الحياة، شاهدا على قدرة الخالق. لقد أتاح لي وقت الفراغ ذاك مجالا للتواصل مع المشاركين، وكنت أنهل منهم بشراهة من المعرفة التي عصيت علي، وأستفهم ما لم أفهم من المدرب ذاته، كنت فعلا مذهولة وأنا أجد إجابات أسئلتي ليس في المحاضرات بقدر ما كانت عند المشاركين الذين كانوا يغلفون الدروس بتجارب شخصية، جعلت الفهم أسرع وأعمق، وكأن المدرب شعر بما كان يدور في رأسي فعلق في إحدى الأمسيات بأن بعض البشر يعقدون أن المعرفة تأتي من الكتب والمحاضرات فقط في حين أن كل ما حولنا وجد ليعلمنا لو انتبهنا. حتى وحدتي وأنا أغلق علي باب غرفتي، كانت تعلمني الكثير، وبالأخص عن ذاتي التي أصبحت قليلا ما اجلس إليها، في خضم المسؤوليات والمشاغل، ولعل هذا كان أهم الدروس والاكتشافات على الإطلاق. كل إنسان يمر في طريقك يأتي ليعلمك درسا فعلا.