أفكار وآراء

الصيرفة الإسلامية تنمو بشكل ملحوظ

07 أبريل 2018
07 أبريل 2018

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

الصيرفة الإسلامية هي نتاج جهد جماعي من المصرفيين والاقتصاديين وعلماء الشريعة الإسلامية على مدى العقود العديدة الماضية والتي تهدف إلى تطوير الحلول المالية التي تلبي الاحتياجات الدينية للمسلمين بطريقة أخلاقية وتواكب التطورات الاقتصادية العالمية المتسارعة بحيث تستمد مبادئها من الشريعة والصيرفة المصرفية الإسلامية تقدر اليوم بأكثر من تريليون دولار، وتتوزع على أكثر من ٤٠٠ مؤسسة مالية داخل وخارج العالم الإسلامي حيث تقدم خدماتها للمسلمين في المجتمعات ذات الغالبية الإسلامية والأقليات المسلمة من البلدان غير الإسلامية.

دخل النظام المصرفي الإسلامي في السلطنة بقوة وأخذ ينمو ويتوسع بشكل ملحوظ خلال وقت قصير لم يتجاوز الأربع سنوات وحسب المسؤولين عن بعض النوافذ والمصارف الإسلامية فإن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين والمقيمين على التعامل مع هذا النوع من البنوك والكل كان متعطشا لوجود النظام المصرفي الإسلامي في السلطنة وإن كان البعض من الزبائن ما زال مترددا في التعامل معها بسبب عدم استطاعته التمييز بينها وبين النظام المصرفي التقليدي.

العديد من البنوك التقليدية اضطرت إلى فتح نوافذ إسلامية تحت مسميات مختلفة خوفا من فقد زبائنها الحاليين الذين قد ينقلون حساباتهم إلى المصارف الإسلامية الجديدة، وعلى الرغم من أن تكاليف خدمة الدين في المصارف الإسلامية قد تبدوا أنها لا تقل عن مثيلاتها في البنوك التقليدية إلا أنها على الأقل تتعامل حسب الشريعة الإسلامية ولديها هيئات ولجان شرعية متخصصة أغلب أعضائها يعتبرون من المراجع الدينية فهم ثقات ولديهم دراية كافية في المعاملات التجارية الإسلامية من بيع وشراء ومرابحة وتقوم هذه الهيئات بمراجعة وإجازة جميع المنتجات التي تقدمها هذه المصارف، وقد عقدت مؤخرا في السلطنة العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية والإقليمية والتي تناقش أهمية الصيرفة الإسلامية ونموها على مستوى العالم.

العديد من الخبراء والاقتصاديين راهنوا على نجاح النظام المصرفي الإسلامي في السلطنة بسبب وجود البيئة المناسبة والرغبة الأكيدة لدى المتعاملين للتحول إلى النظام المصرفي الإسلامي ونستطيع القول إن هذا النظام بدأ يحل تدريجيا محل النظام المصرفي التجاري التقليدي السائد حاليا كما أن الأموال المهاجرة بدأت في العودة بعد أن تأكد أصحابها بنجاح التجربة المصرفية الإسلامية.

تستند جميع المعاملات في مجال الخدمات المصرفية الإسلامية على مبدأ أن الأموال لا تولد الأموال، ما لم تقترن مع أي نشاط أو عمل وتعتمد على مبادئ الشريعة الإسلامية، يوجد تقاسم المخاطر في الصيرفة الإسلامية بين مزود رأس المال (المستثمر) والمستخدم من الأموال (رجل أعمال)، كما تهدف البنوك الإسلامية إلى تعظيم الربح ولكنها تخضع لقيود الشريعة وتسعى إلى تشجيع نشاط أصحاب المشاريع من خلال تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن طريق الشراكات التي تنهي الملكية.

البنوك الإسلامية تسيّر الأموال دون أخذ أو إعطاء الفائدة حيث يتم استثمار الأموال في مجال الخدمات المصرفية الإسلامية فقط في المشاريع القانونية التي تحقق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، كما يتم تجنب الأمور والمصالح التي لا تتوافق مع الشريعة.

تعمل الصيرفة الإسلامية وفقا لمبدأ المشاركة في الربح والخسارة، وتعطي مزيدا من التركيز على جدوى المشاريع كما إن البنوك الإسلامية تهدف فيما يتعلق بزبائنها إلى أمن الشركاء والمستثمرين والتجار والمشترين والبائعين، على أساس المضاربة .

عقدت مؤخرا ندوة متخصصة حول الصيرفة الإسلامية شارك فيها عدد من الهيئات والمنظمات المتخصصة حيث ناقشت التطورات في قطاع الصيرفة الإسلامية ودورها في تعزيز عجلة النمو الاقتصادي بالسلطنة وتمويل المشاريع الكبيرة باستخدام الهياكل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إضافة إلى التحضير للمستقبل فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية وغيرها من القضايا المتعلقة بهذا القطاع المهم.عقد مثل هذه الندوات مهم للغاية في هذه المرحلة من أجل تسليط الضوء على مزايا وإيجابيات النظام المصرفي الإسلامي والذي بدأت تنتشر في أمريكا وأوروبا بل أصبحت العديد من الجامعات وكليات الاقتصاد تدرس الصيرفة الإسلامية وفوائدها.

ولابد من تركيز التمويل على المشاريع التنموية والاقتصادية التي يكون لها مردود على الاقتصاد الوطني والابتعاد عن التمويل الاستهلاكي والذي لا يخدم الاقتصاد ولا يحقق الهدف الأساسي الذي يسعى إليه التمويل الإسلامي وقد لاحظنا خلال الفترة الأخيرة أن بعض النوافذ والمصاريف الإسلامية تركز في إعلاناتها على تمويل شراء سيارات وأمور شخصية وهذا الجانب ينبغي عدم التوسع فيه كثيرا لكي لا تفقد هذه المصارف الهدف الأسمى من وجودها.