أفكار وآراء

تقرير: الرد المتسرع من ترامب تجاه الصين سيفاقم الخلاف التجاري بين البلدين

07 أبريل 2018
07 أبريل 2018

فانكوفر ـ بكين ـ وكالات ـ “عمان”:-

قال خبيرا تجارة كنديان إن رد الفعل المتسرع وغير الحكيم في النزاع التجاري المتوتر بين الصين والولايات المتحدة، سوف يتسبب في تفاقم المواجهة. وازداد التوتر بين الصين والولايات المتحدة بعد أن أكدت الصين أنها مستعدة لدفع “أي ثمن” في حرب تجارية محتملة مع الولايات المتحدة وذلك بعد أن حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من أنه يدرس فرض رسوم جمركية إضافية على سلع بقيمة 100 مليار دولار.

وقال مايك مانجوريس، الخبير التجاري في جامعة رايرسون بتورونتو “إن المشكلة هي إن مثل هذه الرسوم الجمركية العقابية على الواردات، لا تعمل في محاولة تطويق السلوك الذي تريد كل من الولايات المتحدة والصين المضي به”. وأضاف في حديث مع ((شينخوا)) أن قواعد اللعبة لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أنها تتبع العقاب بدلا من المحادثات، مشيرا إلى أن ذلك “يمكن اعتباره رد فعل متسرع غير حكيم من الإدارة (الأمريكية)، ولاسيما الرئيس”.

وقال إنه يتعين على كلا الحزبين انتهاج الطرق الدبلوماسية على المدى القصير، ووضع تشريع للمدى الطويل، من أجل حل أي خلافات تجارية ثنائية معينة، بدون الإضرار بالتدفق الكلي للمنتجات بين أكبر اقتصادين في العالم.

وفي أمس الأول الجمعة، أعلنت الصين أنها ستدافع بأي ثمن، إذا استمرت الولايات المتحدة في طريق فرض الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية. وجاء ذلك بعد وقت قصير من تهديد ترامب بفرض تعريفات جمركية إضافية على منتجات صينية بقيمة 100 مليار دولار أمريكي، في تصعيد عن تهديد سابق بأنه سيفرض رسوما متنوعة على ما قيمته 50 مليار دولار أمريكي على سلع صينية.

وفي يوم الأربعاء، ردت الصين على التهديد الترامبي الأولي، بإعلانها قائمة من 106 أنواع من المنتجات الأمريكية التي ستكون هدفا لتعريفات جمركية انتقامية، من بينها فول الصويا والويسكي ولحوم البقر والطائرات.

وقال مانجوريس “إن الولايات المتحدة تحاول الإضرار بالصين في ... قطاعات التكنولوجيا، وهي مجالات تسعى الصين إلى المزيد من تطويرها، وهي هدفها الأول.” وأضاف أن الرسوم العقابية على الواردات لن تقود إلا إلى تصاعد “الفعل ورد الفعل” في الحرب التجارية. “وإذا حدث ذلك، فسيكون ضارا للجميع.” وإذا استمرت ردود الفعل “غير الحكيمة” هذه، فسيعني ذلك أن عموم الاقتصاد العالمي سيتضرر، حسب قوله.

من جانبه، قال جيمس براندر، الخبير التجاري في جامعة بريتش كولومبيا، في فانكوفر، إنه من السابق لأوانه تسمية هذه الأوضاع بالحرب التجارية، لأن الرسوم الجمركية لم تصبح نافذة المفعول وربما لن تصبح.

وأضاف “أعتقد أن الواقع هو صورة نموذجية لترامب، فهو يستعرض ويطلق التهديدات ثم يسحبها. ومن الواضح أن كل جزء من استراتيجية التفاوض التي كان يستخدمها في نشاطاته بالقطاع الخاص، قد نقلها معه إلى البيت الأبيض”.

وأعرب براندير عن تفاؤله بأن النزاع سيعالج بدون فرض أية رسوم. ومضى يقول “إذا كانت هناك فعلا حرب تجارية كبيرة بين الولايات المتحدة والصين، فسيكون لها تأثير كلي على النمو الاقتصادي العالمي، وبالتأكيد ستكون ضارة لكل من الصين والولايات المتحدة. ولكن، لا أعتقد أنها ستحدث.”

وباتت التهديدات شبه يومية هذا الأسبوع على ضفتي الأطلسي. وتشهد أسواق المال العالمية تقلبات وفقا لهذه التصريحات والتصريحات المضادة. وبعد أن حدت من انخفاضها صباحا واصلت بورصة وول ستريت تراجعها عند قرابة الساعة 14,50 ت غ في آخر جلسة تداول في الأسبوع بـ1,60% حتى وان حدت البورصات الأوروبية خسائرها قبيل الإغلاق.

وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني “إذا تجاهل الجانب الأمريكي معارضة الصين والمجتمع الدولي وأصر على تطبيق الأحادية والحمائية التجارية، فإن الجانب الصيني سيذهب حتى النهاية بأي ثمن”. وأضافت “لا نريد حربا تجارية، لكننا لسنا خائفين من خوض حرب”.

ونشرت الولايات المتحدة الثلاثاء الماضي قائمة بسلع بقيمة 50 مليار دولار من الواردات الصينية التي تواجه فرض رسوم جمركية أمريكية، ردا على ما تقول إنه سرقة لحقوق الملكية الفكرية والتكنولوجية من قبل الصين. وقال الرئيس الأمريكي “طلبت من وزارة التجارة دراسة ما إذا كانت الرسوم الجمركية بقيمة 100 مليار دولار إضافية مناسبة تطبيقا للمادة 301 (في قانون الملكية الفكرية) وفي هذه الحالة تحديد السلع التي يمكن فرضها عليها”. وأمس الأول أعلن لاري كودلو مستشار ترامب الاقتصادي “لم يطبق شيئا بعد” مؤكدا “سوف نرى. نأمل في أن تنتهي الأمور على خير”. وأكد في تصريحات صحفية في البيت الأبيض “إننا جادون في الموضوع” وانه “يجب اتهام الصين وليس ترامب” موضحا أن “باقي العالم إلى جانبنا”. وردت الصين الأربعاء باقتراح فرض رسوم على وارداتها الأمريكية من فول الصويا، والسيارات والطائرات الصغيرة، والتي وصلت قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار العام الماضي. ورفعت الصين شكوى لدى منظمة التجارة العالمية تتعلق بـ”إجراءات جمركية تتعلق بسلع صينية” تنوي واشنطن تطبيقها.

لكن ترامب أكد الجمعة أن “منظمة التجارة غير منصفة مع الولايات المتحدة” وأن الصين تعامل بأفضلية بسبب وضعها ك”دولة نامية”. وهدد ترامب الخميس بفرض رسوم جمركية إضافية على سلع مستوردة من بكين بقيمة 100 مليار دولار، في آخر حلقة من الخلاف التجاري المتصاعد. وقال ترامب في بيان “عوضا عن معالجة سوء تصرفها، اختارت الصين أن تؤذي المزارعين والمصنعين” الأمريكيين. وفي خطاب الخميس، قال ترامب انه “في ضوء رد الصين غير العادل” وجه تعليمات لمسؤولي التجارة “للنظر في ما إذا كانت الرسوم الإضافية على ما قيمته مئة مليار دولار ستكون مناسبة”. وأكد ترامب انه ما زال منفتحا على إجراء محادثات من أجل التوصل إلى “تجارة حرة ونزيهة وتبادلية”.

وفي وقت سابق، قدّمت بكين شكوى إلى منظمة التجارة العالمية ضد خطة واشنطن فرض رسوم جمركية على سلع بقيمة خمسين مليار دولار تستوردها الولايات المتحدة من الصين.

وبحسب النص الذي نشرته منظمة التجارة العالمية، طلب وفد الصين إجراء “مشاورات” مع واشنطن “في ما يتعلق بالرسوم المقترحة وإجراءات ستطبّقها الولايات المتحدة على بضائع معينة في مختلف القطاعات ومنها الآلات والإلكترونيات الخ المصنّعة في الصين”. و”طلب إجراء مشاورات” هو الخطوة الأولى على طريق رفع شكوى قضائية شاملة لدى هيئة البت في النزاعات في المنظمة.

وإذا رفضت الولايات المتحدة الطلب الصيني، يرجح عندها أن تعمد بكين إلى التقدم به للمرة الثانية، وهي خطوة كفيلة بتحويل الملف تلقائيا إلى قضية تحكيم، لتبدأ بذلك أمام المحكمة الداخلية لمنظمة التجارة العالمية معركة قضائية طويلة بين أكبر اقتصادين في العالم.

الطريق الأصعب

لم تدخل أي من هذه الرسوم الجمركية حيز التنفيذ بعد. لكن أكبر اقتصادين في العالم دخلا في حرب كلامية يمكن أن تؤدي إلى أضرار جماعية في الاقتصاد العالمي. وأدى احتمال اندلاع حرب تجارية إلى إثارة قلق بالغ في الأسواق العالمية، وجعل رجال الأعمال غير قادرين على تحديد ما إذا كان التهديد حقيقيا.

وأدت الحلقة الجديدة من تهديدات ترامب إلى صدمة في عالم الأعمال، إذ تأثر أداء مؤشر داو جونز الصناعي. وهذا الخلاف، وهو ظاهريا بسبب اتهام الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية والتكنولوجية الأمريكية، يعد واجهة واحدة فقط للصراع التجاري الجاري.

وهدد ترامب أيضا بفرض رسوم كبيرة على واردات الولايات المتحدة من الصلب والألمنيوم، وهو ما يمكن أن يشمل الصين.

وعلى الفور ردت الصين بالتهديد بفرض رسوم على وارداتها الأمريكية مثل الفاكهة الطازجة ولحم الخنزير والألمنيوم المدوّر والتي وصلت قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار العام الماضي. وهيمنت الولايات المتحدة معظم القرن الماضي على الاقتصاد العالمي. لكن هذا النزاع نشب مع الصين التي يبلغ سكانها نحو 1,4 مليار نسمة وبدأت تتحدى الهيمنة الأمريكية.

ولدى الصين النظير الاقتصادي لقنبلة نووية، إذ تملك ما يعادل أكثر من تريليون دولار من الدين الأمريكي. والمطالبة بجزء من هذا الدين قد يؤدي إلى تفكيك أسواق السندات ورفع تكلفة الاقتراض الأمريكية بشكل كبير. وقال ترامب مرارا أثناء حملته الانتخابية إنه سيكون قاسيا مع الصين، لكن إعلان الخميس قوبل برعب خفي في بعض الدوائر، حتى في أروقة حزبه الجمهوري. وقال السناتور الجمهوري بن ساس “آمل أن يكون الرئيس ينفس عن غضبه مجددا، لكن إذا كان حتى نصف جاد، فإن ذلك سيكون جنونا”. وتابع أن “الصين مذنبة بأشياء عديدة، لكن الرئيس ليس لديه خطة واقعية للفوز في الوقت الراهن. إنه يهدد بإشعال النار في الزراعة الأمريكية”.