كلمة عمان

الهمجية الإسرائيلية والضمير العالمي

07 أبريل 2018
07 أبريل 2018

ليس من المبالغة في شيء القول بأن الفعاليات التي يقوم بها الأشقاء الفلسطينيون، في قطاع غزة في إطار « مسيرة العودة الكبرى »، التي تزامنت مع الذكرى الثانية والأربعين ليوم الأرض، وبرغم أن امس الأول كان الجمعة الثانية لها، بدأت تحدث صدى واسع النطاق، ليس فقط في داخل إسرائيل، ولكن أيضا على المستويات الإقليمية والدولية، وعلى نحو يتجه نحو إيقاظ الضمير العالمي، وإعادة القضية الفلسطينية الى مقدمة الاهتمامات الإقليمية والدولية مرة أخرى.

صحيح أن الثمن الذي يدفعه الفلسطينيون هو ثمن فادح، نحو ثلاثة وثلاثين شهيدا وأكثر من ألف وخمسمائة جريح، وهو ثمن يكشف بوضوح الهمجية الإسرائيلية في تعاملها مع الفلسطينيين العزل، الذين يريدون فقط تأكيد تمسكهم بحقهم في العودة الى ديارهم ومدنهم وقراهم التي اغتصبتها إسرائيل، وهو حق اعترفت به الأمم المتحدة في قراراتها منذ عام 1948، ولكن الصحيح أيضا هو أن هذا التحرك الفلسطيني السلمي، سوف تترتب عليه نتائج كثيرة على الأرجح، وبالنسبة لكل الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية.

ومع الوضع في الاعتبار الجدل الذي يجتاح إسرائيل، حول مخاطر التعامل باستخدام القوة المفرطة ضد الفلسطينيين العزل، لمجرد اقترابهم من السياج الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل، وتعبير عدد غير قليل من المؤسسات الإسرائيلية عن استنكارها لذلك السلوك غير القانوني من جانب القوات الإسرائيلية، فإنه من المؤكد أن الإسرائيليين باتوا يرون في هذه المسيرات السلمية نوعا من التهديد الحقيقي لإسرائيل، لسبب بسيط هو أن هذه المسيرات تطالب بحق، يدرك الإسرائيليون قبل غيرهم، انهم هم الذي اغتصبوه، ومن ثم فإنه من الصعوبة بمكان النجاة بسرقتهم للأراضي الفلسطينية، أو الاستمرار في ذلك لسنوات أطول.

من جانب آخر فإن الفعاليات الفلسطينية والاحتجاجات بالقرب من السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، وحرص المنظمين لها على عدم عسكرتها على أي نحو، من شأنها أن تعيد الضمير العالمي الى إدراك حقيقة ما يحدث، ومخاطر ما يمكن أن يترتب على الهمجية والتعنت الإسرائيلي، المتمثل في رفض السلام والاستمرار في الاستيطان والعمل على تهويد القدس الشرقية المحتلة، وتعويق حل الدولتين، اعتمادا على التأييد الأمريكي غير المسبوق لاسرائيل، وهي أمور من شأن استمرارها تهديد السلام والأمن في المنطقة وعلى امتداد العالم دون أي مبالغة.

وإذا كانت الأمم المتحدة قد طالبت إسرائيل، عبر الأمين العام لها انطونيو جوتيريش، بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وهو ما لم تمارسه إسرائيل، بدليل عدد الشهداء والجرحى امس الأول وامس في قطاع غزة، فإن مسؤولية كبيرة تقع على الأمم المتحدة وكل المنظمات العربية والدولية، وعلى الضمير العالمي أيضا، في التعبير عن الإدانة لهذه الهمجية الإسرائيلية، والتعبير في الوقت ذاته عن التأييد القوي للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في العيش في دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، أما الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية فإنها لن تؤدي إلا الى تهديد السلام والأمن الإقليمي والدولي، لأن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن حقوقهم الوطنية المشروعة التي أقرتها القرارات الدولية على امتداد العقود والسنوات الماضية.