1299265
1299265
تقارير

الحراك الإسرائيلي الرافض للقمع بغزة.. أداء متواضع مقابل هجمة يمينية

05 أبريل 2018
05 أبريل 2018

القدس- (الأناضول): أثار قتل القوات الإسرائيلية 19 فلسطينيا وإصابة أكثر من 1400 بجروح خلال الأيام الماضية، ردود فعل لدى ناشطين إسرائيليين يرفضون سياسات إسرائيل كقوة احتلال، حيث نظمت تظاهرة ووقفات احتجاجية، كما طالب آخرون بالتحقيق في عمليات القتل التي وقعت على الحدود مع غزة.

وكان مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة «بتسيلم»، وهو منظمة حقوقية مستقلة، قد استبق أحداث الجمعة بالتحذير من قتل المدنيين الفلسطينيين.

وقال في بيان نشره الخميس على موقعه الإلكتروني إن تعليمات الجيش للجنود بـ«إطلاق النار على كلّ من يقترب إلى مسافة 300 متر، أو أكثر من الشريط الحدوديّ وقنص من يلامسون الجدار واستخدام النيران الحيّة»، هو «إطلاق للنار بهدف القتل على فلسطينيّين عزّل ممّن سيشاركون في المظاهرات».

وبعد قتل الجنود الإسرائيليين المتظاهرين الفلسطينيين في اليوم التالي، اعتبر «بتسيلم» في بيان نشره على موقعه الإلكتروني أن «تعليمات إطلاق النار المخالفة للقانون، والانصياع لها، هما ما أدّى إلى هذا العدد الكبير من الإصابات في قطاع غزة».

وأضاف: إن تعامل إسرائيل مع موقع المظاهرة على أنّه ساحة حرب، واستهداف المتظاهرين بالنيران الحيّة، أمران محظوران قانونًا..لكن هذه الانتقادات لم تؤثر على الموقف الرسمي في إسرائيل، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه لن يغير سياسة «إطلاق النار»، التي نفذها، كما ذكرت مصادر إعلامية إسرائيلية.

ونقلت صحيفة هاآرتس عن قادة في الجيش الإسرائيلي الأحد الماضي، قولهم إن آلية العمل التي اعتمدت في المواجهات الأخيرة ستبقى قائمة، وسيبقى القناصون منتشرين لاستهداف المتظاهرين.

وذكر متحدثون في الجيش الإسرائيلي أن الهدف الرئيسي هو «منع اختراق السياج المحيط بغزة.. حتى لو كان الثمن حياة الكثيرين من الفلسطينيين»، كما قال مصدر كبير للصحيفة. وأضاف: «هذا ثمن، إسرائيل مستعدة لدفعه».

من ناحيتها، دعت زعيمة حزب «ميرتس» اليساري الإسرائيلي المعارض، تمار زاندبرغ للتحقيق في الأحداث. لكنها جوبهت بهجوم من قبل مسؤولين إسرائيليين وزعماء في الائتلاف الحاكم في إسرائيل أبرزهم وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان.

وذكرت صحيفة معاريف أن ليبرمان هاجم «ميرتس»، وقال إنها حركة تمثل الفلسطينيين ويجب أن يكون مقرها في رام الله.

وتساءل: «ماذا تفعل ميرتس والقائمة المشتركة في الكنيست.. يجب أن تكونا في برلمان رام الله».

وعلى خلفية أحداث الجمعة، نُظّمت مسيرة دعا إليها عدة أحزاب وحركات في إسرائيل للاحتجاج مقابل مقر حزب الليكود في تل أبيب.

وذكر موقع «التلفزيون المجتمعي الإسرائيلي»، الذي يعرّف نفسه بأنه منصة إعلامية لليسار الإسرائيلي، أن المئات شاركوا في التظاهرة مساء الأحد الماضي احتجاجا على التصعيد في غزة، تحت عنوان «لنصنع الأمل، لنوقف الحرب القادمة».

وتجمع عدد من الإسرائيليين اليمينين في الجهة المقابلة للتظاهرة للتعبير عن رفضهم لها ودعما لقمع المسيرة الفلسطينية في غزة.

وذكر «التلفزيون المجتمعي الإسرائيلي» أن من بين الداعين للتظاهرة المناهضة للقمع في غزة، حراك «نقف معا» وحركة «السلام الآن»، وحركة «ميرتس»، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، و«منتدى العائلات الثكلى»، ومنظمة «نكسر الصمت»، وغيرها.

حراك محدود

وحول حجم الحراك وأثره في المجتمع الإسرائيلي، قال خالد عنبتاوي عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني الديمقراطي داخل إسرائيل (قومي عربي): إن الحراك الاحتجاجي في إسرائيل شمل عدة وقفات على بعض مفترقات الطرق، ووقفة أخرى على الجانب الإسرائيلي لمعبر بيت حانون، (معبر إيرز حسب التسمية الإسرائيلية)، المؤدي إلى قطاع غزة.

لكن عنبتاوي وصف الفعاليات بأنها «لا ترتقي إلى حجم ما جرى في غزة، إذ كانت أعداد المشاركين فيها بالعشرات فقط».

وعن أسباب ذلك قال عنبتاوي: إن الوضع السياسي العام والحرب الدعائية التي شنتها وسائل إعلام إسرائيلية ساهما في ضعف المشاركة في الفعاليات.

وقال: إن الإعلام الإسرائيلي اليميني تحديدا، عمل على نشر الرواية الإسرائيلية الرسمية التي ركزت على أن معظم القتلى الفلسطينيين هم من عناصر الأذرع العسكرية لبعض الفصائل في غزة، وهذا ربما خلق حالة تردد في المشاركة في هذه الفعاليات، فيما كان عدد الذي انتقدوا السلوك الإسرائيلي قليلا جدا، وانحصر في بضع مقالات في صحيفة هاآرتس، رغم أن تغطيتها الإخبارية لم تكن في الاتجاه ذاته.

بالمقابل أكد عنبتاوي أن إسرائيل فشلت في محاولة نزع الشرعية عن التظاهرات التي سببت لها إحراجا كبيرا، وأفشلت «محاولة تسويق إسرائيل للمجزرة على أنها كانت للدفاع عن حدود إسرائيل كما ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان نشره على صفحته على فيس بوك».

وتوقع عنبتاوي أن تكون ذروة الأحداث في الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية منتصف شهر مايو المقبل، لكن ذلك يعتمد حسب وجهة نظره على مدى تفاعل القوى السياسية في إسرائيل والإرادة السياسية والشعبية في الضفة الغربية أيضا.

بدوره، يتفق أكرم عطا الله، المحلل السياسي والكاتب، من غزة، مع عنبتاوي، في أن الحراك الإسرائيلي «محدود»، وإن كان قد «أثار جدلا داخليا».

وقال عطا الله: من المستبعد زيادة حجم الحراك الشعبي المعارض داخل إسرائيل، لكنّه من المرجّح أن يستمر كونه فتح جدلا واسعا في الشارع الإسرائيلي، وهذا هو الأهم».

كما يستبعد أن يتحوّل ذلك الحراك الشعبي العفوي، إلى عمل منظّم، لافتا إلى وجود «هيمنة للمناخات اليمينية على الدولة بكل فئاتها، وعلى الشارع الإسرائيلي أيضا».

وعلى الرغم من ظهور أصوات صحفية معارضة للسلوك الإسرائيلي، إلا أن عطا الله، يرى أن الصحفيين المؤيدين كانوا «أكثر جرأة في التعبير عن ذاتهم، وأكثر حدّة ووضوح فيما نشروه».

ويعتقد عطا الله أن للمنظمات الحقوقية في إسرائيل، مثل «بتسيلم» تأثير محدود لتحريك الشارع. وأضاف: «تقارير بتسيلم، ذات مصداقية عالية على مستوى العالم، لكن لم يكن لها دور في إشعال فتيل الحراك».

ويتوقع عطا الله أن يكون تعامل الحكومة الإسرائيلية مع الحراك، وفق خيارين اثنين، الأول، يتمثل في استمرار الحكومة في البطش بالفلسطينيين متجاهلة كل الانتقادات الحقوقية والشعبية، والثاني، أن تقدّم الحكومة تنازلات كافية للتنفيس عن ذلك الحراك وضمان عدم استمراريته أو تحوله لحراك مؤثر في الداخل يدفع الرأي العام للخروج.