fatima
fatima
أعمدة

مركز الأورام السرطانية

31 مارس 2018
31 مارس 2018

د. فاطمة بنت أنور اللواتي -

[email protected] -

قد نكون ممن حبانا الله بأنعمه اللامتناهية أو قد نكون ممن ابتلانا الله لحكمة يراها سبحانه فانشغلنا بها. إلا أننا في جميع تلك الأحوال نعيش معا تحت سماء واحدة. ولكل منا مسارات تتقاطع أحيانا وتتشابه أخرى. وقد لا نعرف الكثير عن مساراتنا المختلفة وما قد يداهمنا، إلا إذا منحنا الله الفرصة أو وفقنا لنعيش -ونحن أصحاء- لدقائق أو لساعات معدودة في وسط من ابتلوا في هذه الحياة الدنيا بأمراضها المختلفة.

بالأمس القريب وفقت مع بعض الخيرين في زيارة الى مركز الأورام السرطانية بالمستشفى السلطاني- قسم الأطفال. فحمدت الله على أن هناك رعاية جيدة من قلوب محبة تشعر الأطفال المصابين بالحب والحنان. فمن عامل التنظيف الأجنبي الذي تعلق الأطفال به لأنه يحيطهم بابتسامته ويلعب معهم في أشد تلك الأوقات التي يحتاجون فيها إلى الشعور بأنهم خارج تلك المعاناة.. إلى عامل التغذية الذي يحاول جاهدا أن يُشبع جوعهم البيولوجي في الوقت الذي يعانون فيه من جوع اجتماعي حاد في التواصل مع أقرانهم.. الى تلك الأيادي العطوفة من الممرضات والأطباء التي تمتد إليهم بحب وحنان، بينما هم معزولون عن عالمهم الطفولي الجميل وعن وسطهم ومحيطهم الاجتماعي الرحب. لكن ماذا يمكننا نحن وقد نجانا الله من مثل ابتلاءاتهم أن نقدم لهم؟

هؤلاء الأطفال لهم حاجات يستطيع عامل التغذية والنظافة أوالممرضات الرحيمات والأطباء المخلصون سدها وذلك بالمتيسر من العطاء الصادق، إلا أن هناك حاجات أخرى لا تستطيع تلك الأيادي العطوفة والقلوب الرحيمة ان تشبعها. فحاجاتهم الطبية متوفرة لكونهم ضمن منظومة صحية داخل الوطن الذي نرجو من الله أن لا يبخسهم حقهم. لكن.. ماذا عن حاجاتهم التعليمية؟

واحدة من التحديات التي لمسناها والتي تواجه المتصدين لأمورهم هي عدم قدرتهم على إتاحة المجال لجميع الأطفال على مواصلة تعليمهم. وهناك من تخلف عن ركب التعلم بسبب عدم توفر الإمكانات لمواصلة الدراسة أو تقديم الاختبارات. وهذا يتطلب توفير الكادر التعليمي الذي يشرف على تقديمهم للاختبارات قد يضيف عبء على مديرية مسقط التي لا تتمكن أحيانا من توفير ذلك الكادر. والنتيجة ان الطالب يخسر سنة دراسية.

إن تشكيل طاقم تعليمي للأطفال الذين يخضعون لعلاجات طويلة الأمد أو أولئك الذين يخضعون للعلاج لفترات مختلفة أمر أساسي لا أظن ان وزارة التربية والتعليم ستتوانى عن إيجاد حل لهذه المسألة المتعلقة بتعليم أبنائها. وان تخصيص مجموعة من المعلمين سواء من المتطوعين أو غيرهم للتواصل مع الطلبة بشكل يومي لمساعدتهم حتى يتمكنوا من إكمال دراستهم لهو أمر في غاية الأهمية. فلا بد من إيجاد وسيلة مناسبة حتى لا تحرم تلك الشريحة المحرومة من نعمة العافية ومن نعمة التعليم أيضا. إن توفير التعليم لأولئك من أولى واجبات الوزارة التي أسند إليها قائد البلاد المفدى مهمة تعليم أبناء هذا الوطن، شأنهم في ذلك شأن الأطفال الأصحاء. وهو أيضا حق مشروع لأولئك الأطفال، فلابد أن تسعى الوزارة لأداء هذا الواجب وتوفير الإمكانات الضرورية والاطلاع على وضع الأطفال في المستشفيات والاطمئنان الدائم على سير أمورهم التعليمية.

إننا دائما نردد: أطفالنا أكبادنا.. والكبد لا يمكن الاستغناء عنه أو التقصير بحق سلامته. لهذا نأمل أن ينال أولئك الأطفال رعاية واهتماما خاصا وبحب وعطاء يوازي -على أقل تقدير- ما يقدمه جميع القائمين على علاج أطفالنا، من مسؤول التنظيف والتغذية والممرضة.. لابد لنا من إعادة النظر!