1290648
1290648
عمان اليوم

المسح الصحي للتغذية يكشف الحاجة للحد من فقر الدم والسمنة المفرطة بين الأطفال والنساء

28 مارس 2018
28 مارس 2018

وزير الصحة: فرق عمل لتحليل نتائج وتوصيات المسح ووضع التدخلات اللازمة -

كتبت - عهود الجيلانية -

أكد معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي على أهمية نتائج المسح الوطني للتغذية في وضع توصيات مبنية على النتائج التي كشفت عن بعض الجوانب المقلقة وتحديد فرق عمل للنظر بدقة في تحليل النتائج واتخاذ التداخلات والإجراءات المناسبة للحد من الآثار السلبية للأمراض، حيث أوضح المسح ارتفاعا في معدلات الإصابة بفقر الدم وزيادة الوزن لدى النساء والأطفال دون الخامسة والاختلاف الواضح بين محافظات السلطنة.

ومنها نسبة فقر الدم عند الأطفال والنساء، كما ارتفعت نسبة الرضاعة الطبيعية التي كانت أقل من 16% ووصلت في المسح الأخير إلى نسبة 23%، وتكمن أهميتها في أنها تؤمن للأطفال التغذية الطبيعية والحماية من الأمراض والوقاية منها.

وقال: للأسف لوحظ من النتائج ارتفاع نسبة السمنة المفرطة وزيادة الوزن التي وصلت بين النساء ما يقارب 59%، كما ارتفعت بين الأطفال دون سن الخامسة، ومن المقلق تجاوزها نسبة 4% في السلطنة، وهذا يعود إلى وسائل التغذية المتبعة، وتعد مسؤولية التغذية ونتائجها ومؤثرات سوء التغذية سواء من نقص أو زيادة الوزن مسؤولية الجميع؛ لذا لابد من تعاظم وتكاتف أبناء المجتمع من أفراد ومؤسسات للحد من سوء التغذية وما يترتب عليها من نتائج سلبية.

كما توجد في السلطنة ظاهرة كغيرها من دول المنطقة هي النقص الحاد في فيتامين «دال»، ولتفادي الإصابة بالمرض يجب التعرض للشمس حوالي 20 دقيقة لخفض هذه الظاهرة، وهي مقلقة لما لها من أعراض، وهذه الدراسات والمسوحات تساهم في الكشف عن المشاكل وتحليلها وإيجاد الحلول المناسبة بمشاركة المواطن والمؤسسات كافة.

وكشف معاليه عن قرب إعلان نتائج المسح الصحي للأمراض غير المعدية والمتوقع في منتصف العام الجاري، فهو في مرحلة التحليل النهائي، وقد نفذته الوزارة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ونأمل قريبا الانتهاء منه.

وأعلنت أمس وزارة الصحة في حفل تدشين نتائج المسح الوطني للتغذية في عمان لعام 2017م برعاية معالي الدكتور أحمد السعيدي وحضور معالي جييرت كأبيلين المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعدد من أصحاب السعادة وعدد من ممثلي المنظمات العالمية، ومشاركة 250 مشاركا من مختلف المؤسسات الصحية وممثلي المؤسسات الحكومية والخاصة.

وقفة جادة !

واستهل الدكتور سعيد بن حارب اللمكي المدير العام للرعاية الصحية الأولية حفل التدشين بكلمة جاء فيها: كلنا ندرك أهمية إجراء المسوحات الصحية بين حين وآخر؛ لما لها من أهمية في معرفة الوضع الصحي للمجتمع، وقد قامت الوزارة بعمل مسحين وطنيين: المسح الوطني للتغذية والمسح الوطني للأمراض المزمنة غير المعدية. وعلى مدى العقود الماضية أنشأت الوزارة ضمن حزمة برامج الرعاية الصحية الأولية سجلات متابعة لمعرفة مؤشرات تقديم الخدمة وجودتها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر سجل صحة الطفل وصحة الأم وسجل السكري وغيرها، وهي التي بدورها تعين مقدم الخدمة على المستوى الطرفي وعلى مستوى متخذ القرار على عمل تدخلات تصحيحية سواء بمعمل الأدلة العلاجية أو إدخال معايير جديدة تتناسب مع التغير في النمط الوبائي. وأضاف اللمكي: تشير الإحصاءات الخاصة بالتغذية للسنوات الماضية أن هناك بعض المؤشرات التي تحتاج إلى وقفة جادة، فنسبة الأمهات اللاتي يرضعن أولادهن رضاعة خالصة عند سن الـ6 أشهر لا تتعدى العشرة بالمائة، وهذه نسبة متدنية جدا ومقلقة، والحال أسوأ عند الـ18 شهرا، فهي في حدود الـ1.8%.

والدراسات الصحية العالمية أثبتت العلاقة بين عدم إرضاع الطفل وبين الزيادة في احتمالية أن يصاب هذا الطفل بشتى الأمراض وخصوصا الأمراض المزمنة. ولو نظرنا إلى الزيادة في أعداد النساء في سن الإنجاب وما صاحب ذلك من زيادة في عدد الولادات لسنة 2017 فإن هناك علاقة مباشرة بين صحة الأم واهتمامها بحالتها الغذائية وبين صحة طفلها، فمن الطبيعي أن يكون لدينا 54% من الأطفال في سن 9 أشهر لديهم فقر دم، وكذلك هو الحال عند 18 شهر بنسبة 46% إذا كانت الأم تعاني من فقر الدم، فالإحصاءات تشير إلى وجود نسبة 27% من الأمهات لديهم فقر في الدم. هناك عوامل خطورة أخرى مصاحبة لذلك كتعدد الأحمال المتقاربة وأمراض الدم الوراثية وغيرها.

نجاح التصدي لسوء التغذية !

وألقى المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كلمة أكد خلالها أن السلطنة أحرزت تقدما كبيرا في مجال التصدي لمشكلة سوء التغذية، فقال: نرى انخفاض معدل الأنيميا بين النساء في السلطنة؛ ولهذا يجب أن تفتخر البلاد بما تحقق في العقود الماضية، كما أن عمل المسوحات هو عمل رائع نتعلم منه الكثير من الأمور فيمثل سوء التغذية مشكلة مهمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويأتي بأشكال مختلفة منها: نقص التغذية، وفقر الدم ومجاعة الحوامل، إضافة إلى مشكلة الوزن الزائد وهي مشكلة متنامية في جميع أنحاء المنطقة.

كما يجب أن تكون عُمان فخورة جدا؛ لأن قيادتها الحكيمة أخذت على عاتقها الالتزام بإجراء هذا المسح المثير للإعجاب.

وتعتبر عُمان مثالا ليس فقط لدول الخليج وإنما لمنطقة الشرق الأوسط ودول العالم، ويشير المسح إلى أنه لا يزال هناك عمل يجب القيام به، ونرى زيادة سريعة للسمنة بين الأطفال، وهي متفاوتة جدا، كما لا تزال الأنيميا تمثل تحديا.

تضافر الجهود !

وإذا تضافرت جهود الوزارات الأخرى مع وزارة الصحة في القضاء على مشكلة سوء التغذية، فسيكون مستقبل أطفال عُمان أكثر إشراقا، وتضمن الحفل عرضا مرئيا عن أهمية نتائج المسح الوطني للتغذية والجهود المبذولة في الاهتمام بصحة المواطن الذي يعتبر أساس التنمية ومرتكزها الأهم، حيث تلعب التغذية الصحية الدور الرئيسي في تحقيق الصحة بمفهومها الواسع، كما يعتبر برنامج التغذية أحد أهم البرامج الأساسية المعتمدة على التقييم لاحتياجات المجتمع لعلاج حالات سوء التغذية ونقص المغذيات، بالإضافة إلى ارتباطها الوثيق كمسبب وعامل مؤثر كبير لأمراض العصر المزمنة. وتناول العرض أهم التوصيات باستخدام نتائج المسح التي شملت الحد من التقزم والهزال ونقص الوزن لدى الأطفال الصغار باستخدام نظام المسح الوطني للتغذية في السلطنة والمزيد من نتائج الأبحاث من أجل تحديد الأسباب واستهداف المحافظات وولايات السلطنة لتنفيذ التدخلات، كما تركزت التوصيات على أهمية مشاركة جميع القطاعات للقضاء على سوء التغذية لدى الأطفال دون الخمس سنوات، وتركيز الجهود المستقبلية على المحافظات ذات أعلى المعدلات في سوء التغذية، والحاجة إلى تحسين العادات الغذائية للمجتمع واعتماد سياسات وبرامج داعمة لمكافحة نقص المغذيات الدقيقة وتحديد الإجراءات والتشريعات اللازمة للحد من زيادة نسبة السمنة في المجتمع العماني.

كما استعرض الدكتور جيمس وورث من شركة جراوند وورك منهجية عمل المسح وما نفذ في المحافظات والنتائج التي أظهرها المسح.

وتطرقت الدكتورة سليمة المعمري اختصاصي أول صحة العائلة بدائرة التغذية بوزارة الصحة ومنسقة المسح في محاضرتها عن هدف الوزارة في معالجة قضايا التغذية فقال: من أجل أولويات القضايا المتعلقة بالتغذية والتخطيط للتدخلات المستقبلية تم تنفيذ المسح الوطني للتغذية في عام 2017 لتحقيق الأهداف الرئيسية وهي: تقييم النمط الغذائي للنساء في سن الإنجاب والحوامل والأطفال دون سن الخامسة، ومعرفة معدل انتشار فقر الدم (الأنيميا) لدى الأطفال دون سن الخامسة والنساء دون سن الإنجاب والحوامل وتقييم معدلات انتشار نقص فيتامين B12 والفولات وفيتامين أ وفيتامين د للنساء في سن الإنجاب، وكذلك تقييم معدل انتشار نقص الوزن وزيادة الوزن والسمنة لدى النساء في سن الإنجاب ونقص الوزن للنساء الحوامل.

أنيميا وهزال !

وتناولت الدكتورة سليمة في المحاضرة نتائج المسح، فقالت: تفاوتت معدلات الاستجابة الأسرية من 76,1% في شمال الباطنة إلى 94,8% في الداخلية، وبشكل عام تم جمع بيانات المقابلات والقياسات الجسمانية من 92,7% من الأطفال المؤهلين و78,1% من النساء المؤهلات المختارات، وكانت معدلات استجابة قياس الهيموجلوبين أقل بكثير للأطفال والنساء غير الحوامل في سن الإنجاب، وبشكل عام بخصوص الإنجاب تم جمع بعض البيانات على الأقل من 3304 أسر معيشية و3129 طفلا دون سن الخامسة و4298 امرأة في سن الإنجاب وغير حامل تتراوح أعمارهن بين 15-49 سنة و362 امرأة حامل.

ومن النتائج أيضا الكشف عن أن معدل البدء المبكر بالرضاعة الطبيعية جيدا إلى حد معقول، ولكن المؤشرات الأخرى حول تغذية الرضع والأطفال هي دون المستوى المطلوب، كما أن معدلي الهزال والتقزم مرتفعان نوعا ما بالنظر إلى المستوى الاجتماعي والاقتصادي للسكان العمانيين. أما بالنسبة إلى فقر الدم فهو مشكلة صحية متوسطة لدى الأطفال.

ومن ناحية أخرى فحاملو الأنيميا المنجلية والثلاسيميا نسبتهم ليست كبيرة.

وكذلك نقص فيتامين (أ) ليس شائعا، ولكن نقص فيتامين (د) يعتبر مرتفعا بشكل ملحوظ، وحول النتائج المتعلقة بالمؤشرات الرئيسية للوضع التغذوي والسلوكيات أوضحت المعمرية أن أغلب الأسر تستخدم زيت الطبخ ودقيق الطحين المدعم بالمغذيات الدقيقة أثناء إجراء مقابلة المسح.

مواجهة زيادة الوزن !

وذكرت الدكتورة سليمة أهم التوصيات التي يجب اتباعها وهي الحد من انتشار زيادة الوزن والسمنة (البدانة) عند النساء في سن الإنجاب والحد من انتشار نقص الفولات ونقص فيتامين B12 عند النساء في سن الإنجاب والحد من انتشار التقزم والهزال عند الأطفال دون سن الخامسة، وكذلك الحد من نقص فيتامين (د) عند النساء في سن الإنجاب والأطفال دون سن الخامسة وقياس كمية دعم المغذيات الدقيقة في الطحين والخبز والزيت ومنع أي ارتفاع إضافي في انتشار زيادة الوزن والسمنة (البدانة) عند الأطفال دون سن الخامسة. وفي ختام حفل التدشين قام معالي الدكتور أحمد السعيدي وزير الصحة بتكريم المؤسسات الداعمة التي ساهمت في إنجاح المسح، كما قام معاليه والحضور بالتجوال في المعرض المصاحب الذي سلط الضوء على الجهود المبذولة لإبراز هذه النتائج التي تعزز جهود البرامج والخدمات الصحية الموجهة للمجتمع.

نتائج متقدمة

على مدار العقود الأربعة الماضية شهدت السلطنة تقدما اجتماعيا واقتصاديا وفقا لتقارير الأمم المتحدة، فقد تم تصنيف السلطنة من أكثر الدول المتحسنة في العالم من حيث التنمية بين عامي 1970 و2010 على سبيل المثال انخفاض معدل انتشار مختلف أشكال سوء التغذية بسرعة، حيث تمكنت السلطنة من خفض معدل وفيات الأطفال بنسبة 70% منذ عام 1990، كما أن النظام الصحي يتركز على البرامج الفاعلة والخطط المنهجية المركزة على البيانات والدراسات العلمية من ضمنها مسح سوء التغذية الأول في عام 1999 ثم المسح الثاني 2009 وبعدها المسح الوطني للتغذية في عام 2017.