مرايا

هدفها رفع الظلم عن الناس الإعلامية غادة عيد: جديدي كتابة سيناريو لفيلم سينمائي عن قصة حقيقية ومأساوية

28 مارس 2018
28 مارس 2018

حاورتها- ضحى عبدالرؤوف المل -

تتمتع الإعلامية «غادة عيد» بالإصرار على امتلاك مفاتيح القوانين إعلاميا، للكشف عن أدق الموضوعات حساسية منها الاجتماعي والإنساني والسياسي أحيانا، وحتى تلك التي تعيد الحقوق لأصحابها، ورغم كل التحديات التي واجهتها ما زالت صامدة في وجه مهنتها التي اختارتها، لتكون من ضمن النساء اللواتي جعلن من قضية الحقوق والواجبات الطريق الوعرة التي تسلكها المرأة وتفرض عليها التواجد ضمن المرأة القادرة على الحفاظ على الذات والآخرين من خلال الإرادة الإعلامية التي تمتلكها، وقبل ذلك الإنسانية.

وقد يتبادر إلى الذهن لماذا المرأة تختار خوض الصعوبات الإعلامية تحديدا وهي قادرة على الظهور الإعلامي بصور مختلفة وأكثر سهولة من الوقوع في قضايا قد تقضي عليها وتنهي وجودها الإعلامي؟ فالإعلامية «غادة عيد» أكملت طريقها وكتبت سيناريو «كواليس المدينة» وجديدها كتابة سيناريو فيلم «مكتوم» لتجسد تطلعاتها الإعلامية، وتصبح المحاكاة الدرامية نوعا من استكمال للطريق الذي بدأت به ومعها أجرينا هذا الحوار.

- من كواليس المدينة الى الفساد وبالعكس، هل اعتبره من التناقض أو من معالجة اجتماعية؟ ولماذا هذا التصويب؟

بدأت حياتي المهنية في الصحافة المكتوبة كصحفية، وتخصصت في قضايا الناس، ومن ثم من الصحافة المكتوبة الى الشاشة من خلال برنامج الفساد منذ اكثر من خمسة عشرة سنة، وبعد عدد كبير من كشف قضايا وملفات تحتوي على معالجات قضايا إنسانية واجتماعية، وتختص بإدارة الحكم من الناحية القانونية. مرت معي الكثير من قضايا المعاناة الإنسانية، وهي التي نقف أمامها ولا نصدق أنها حدثت. هذه المعاناة جعلتني افكر بالدراما وأتساءل لو شاهدنا هذه الأحداث الحقيقية عبر الدراما، كالإنسان الذي ظلم من قاضٍ وتم الحكم عليه لسنين قبل ان تظهر براءته، هل يمكن تصديقها؟ وهكذا بدأت كواليس المدينة، فهذا الإنسان المظلوم رفض ان يعطي شهادة حية عبر برنامجي الفساد في وقتها.

سيناريو وحوار كواليس المدينة هو مجموعة من الأمور التي حدثت في فترة من فترات زمنية معينة، وهو تعبير عن الظلم وسوء الإدارة ومعاناة اجتماعية وإنسانية، وأعتبر أن البرنامج المباشر الفساد وكواليس المدينة هما تكملة لبعضهما البعض وهما وسيلتان مختلفتان بالشكل، ولكن بالمضمون متقاربتين للتعبير عن كشف الحقائق المهمة إعلاميا ويحرص عليها لإظهارها وتصحيحها.

- إلى أي مدى تبلغ صعوبة تناول الموضوعات الاجتماعية القاسية إعلاميا على المرأة تحديدا؟

ربما المرأة هي أكثر حنكة من الرجل بتناول هذه الموضوعات القاسية، واحيانا هي اكثر اضطلاعا وإحساسا بهذه الموضوعات، وان لم نشعر بها ونعيشها لا يمكن نقلها بصدق، والمرأة تمتلك الحس المرهف بهذه الأمور، كما ان المرأة بطبيعتها تعاني في مجتمعاتنا العربية، ومن الممكن ان تدرك هذه الموضوعات وتتلقفها وتشعر بها اكثر من الرجل بشكل متقن اكثر لهذا لا أجد صعوبة في هذا أبداً.

- ما هي أبرز الصعوبات الإعلامية التي واجهتها وكيف ذللتها على صعيد وجودك الاجتماعي؟

واجهت صعوبات كثيرة على أصعدة مختلفة، مثلا ضغط عائلي شديد كخوف عائلتي المستمر، لأني واجهت مذكرات توقيف بحقي ونجحت بالانتصار عليها، لأنها لم تكن محقة، وبمراحل كثيرة واجهت الكثير من التحديات لأني كنت أخوض المصاعب وتحديات، وذللتها بالكشف عنها. طبعا واجهت صعوبات ذللتها بإيمان وإصرار على بذل المزيد من كشف الحقيقة وصعوبة كشفها بسهولة، وهذا فرض نوعا من الهيبة على عملي ضمن عدة مستويات.

وزادت الصعوبات كامرأة استطاعت مواجهة الصعاب بالمزيد من الكشف عن الحقائق الصعبة، والتي ذللتها على الصعيد الاجتماعي بإثبات الوجود وبإثبات الشخصية وبالمعرفة المهمة والنزاهة والمثابرة وبالتعالي فوق الأمور الصغيرة. وأحب المعرفة وصقلها أكثر بالتخصص في القانون لأن التخصص القانوني مهم جدا للمواجهة، لهذا اعتبر أني استطعت تذليل الصعوبات.

- من هي غادة عيد؟ وكيف بدأت؟ وإلى أين تريد أن تصل؟ وماذا بعد؟

بدأت منذ صغري أحب الكتابة وأتلمس معاناة الناس من حولي، وكان إصراري الركض نحو المعاناة أو المشكلة بحد ذاتها لأتكلم عنها، وخاصة أني كنت افكر بالأشخاص أصحاب الظروف الصعبة، وأشعر كأني أتولى التعبير عنهم، من هنا بدأت رغبتي بأن أكون صحفية بعمر مبكر، كما أني تزوجت بعمر مبكر ودرست الماجستير فيما بعد، وعدت للتخصص بالقانون الإداري، ولم اختر الموضوعات السياسية، بل بدأت بموضوعات اجتماعية وإنسانية وقانونية.

لا أعرف بالوقت الحالي الى أين سأصل، لكني احمل الهدف الإصلاحي لتصحيح حقوق الناس ورفع الظلم عنهم ان عبر الإعلام والبرامج التلفزيونية والكتابات والمقالات وكل وسائل التعبير، أو من أي مكان آخر، طموحي هو هذا الهدف رفع الظلم عن الناس.

- برزت المرأة بقوة في كتابة السيناريو، ماذا تخبرينا عن هذه التجربة؟ وهل من جديد؟

أحب الكتابة أكثر مما أحب أن أكون معدة ومقدمة لبرنامج تلفزيوني، واشتغلت بالكتابة فترة طويلة قبل الانتقال الى الشاشة. كتابة السيناريو تميزت بالسهولة لأني اشتغلت بالمجال القضائي، وكنت أكتب محاكمات تجرى أمامي بالمجالس العدلية، وهي بحد ذاتها سيناريو وقصص، غالبا اكتب مباشرة اكثر من ستين صفحة، خاصة الحوار بين القاضي والمتهمين ومحامي الدفاع، وكنت أدونها بشكل سيناريو خاصة أن الجلسة طويلة جدا، وهذا جعلني أتمرس.

تتميز كتابة السيناريو بالأفق الأوسع، وبالتعبير وانتقاء الكلمات بشرح المعاناة بطريقة تلامس القلب تلامس العقل والوجدان والضمير، ونخاطب كل شرائح الناس من خلال السيناريو، ونستطيع دغدغة المشاعر والعواطف بالسيناريو، وأن نستنفر همم الناس وكل شجاعتهم ونزاهتهم وإنسانيتهم الدفينة من خلال كتابة السيناريو.

جديدي هو كتابة سيناريو لفيلم سينمائي عن قصة حقيقية ومأساوية من ضمن ملفاتي، وهي عدم قدرة المرأة على منح الجنسية لولدها أو ابنتها، وعنوانه «مكتوم» عن مكتومي القيد، وهو الشخص الذي ينتمي لأم من لبنان والأب من جنسية أخرى وحدث طلاق مثلا، وهذه أول مرة أتحدث عن هذا الفيلم لـ«مرايا».

- ما الهدف من هذا النضال الإعلامي؟ ولماذا هذا الاختيار الإعلامي الصعب؟

هذا النضال الإعلامي بدأ منذ صغري، والاختيار الإعلامي الصعب لا نختاره بل يولد معنا وينضج معنا ويقوى معنا ويكبر معنا، بالتحدي أحيانا اشعر أني ولدت لاكون إعلامية تسعى الى كشف معاناة الناس ولأكون معهم، واحيانا اشعر بالإحباط او أريد العزلة أو ان أنكفئ ومن ثم أتراجع، فيحدث شيئا ما يدخلني الى هذا النضال واكمل بعد أن تشتعل إرادتي لاكون ضمن هذا النضال الإعلامي من جديد.

- المرأة تمتلك حساسية مرهفة ولا يمكن إنكارها حتى اجتماعيا وقد يطال عائلتها، الم يشكل لك ذلك المزيد من المخاوف؟

طبعا المرأة تمتلك حساسية مرهفة وهي قد تكون قائدة جيدة، لأن القائد أو الرئيس أو المدير المسؤول، ان لم يستطع إدارة شؤون البلد او بالعقل والعاطفة والإحساس يفتقد الى النجاح. المرأة تمتلك حساسية مرهفة وهذا سر نجاحها أن أرادت لا يمكن إنكارها اجتماعيا حتى بموضوع هذه الحساسية، المرأة هي التي تبني وتربي وتكبر الأجيال من خلال المرأة وتنجب الرجل وتكون له الأم الصالحة والزوجة الوفية والأخت المساندة، فهل يتصور الرجل حياته دون امرأة. من المؤكد ان المخاوف تكبر عندما يكون للمرأة عائلة تخاف عليها، ولكن هناك الكثير من القدرات الدفينة عند المرأة في الكثير من الأحيان وتكون أقوى من أي شيء حتى أقوى من نفسها، أقوى من كل شيء حولها، وأنا شخصيا تخطيت الكثير من المخاوف بالإيمان.

- كلمة للمرأة من الإعلامية غادة عيد؟

أقول للمرأة ألا تطالب بحقوقها، بل بإثبات وجودها دون المطالبة من أحد بإعطاء حقك، على المرأة أن تثابر للوصول الى حقوقها وحقوق الرجل معا، ومن خلال تجربتي أقول التمييز العنصري عند النساء يبدأ من بعض النساء، وأقول للمرأة انت أقوى من أن تكوني مميزة، انت المميزة وانت أقوى من المطالبة بحقوقك فقط، بل بالمطالبة للحصول على حقوق عائلتك ومجتمعك.