صحافة

فـضـيحة تـهـز عـرش «فيـسـبـوك»

26 مارس 2018
26 مارس 2018

تعرض موقع (فيسبوك) الشهير لفضيحة مدوية خلال الأسبوع الماضي بعد تقارير أفادت بأن الموقع منح بيانات 50 مليون مشترك فيه لشركة تحليل البيانات والاستشارات السياسية البريطانية «كامبردج أناليتيكا» التي بدورها أساءت استخدام هذه البيانات، حيث كشفت تقارير صحفية أن مستشارين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفذوا عملية اختراق غير مسبوقة لشركة فيسبوك لدعم الحملة الانتخابية لترامب عام 2016.

وكانت صحيفة «الجارديان» وشقيقتها الأسبوعية «الاوبزيرفر» أول من كشف عن هذه الفضيحة المدوية، عندما أشارت الصحيفتان إلى أن شركة «كامبريدج أناليتيكا» تفاخرت باستخدام أخبار مزيفة، وتنفيذ عمليات مع جواسيس سابقين لتغيير مسار الحملات الانتخابية حول العالم، من بينها الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، والاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) في العام نفسه.

وفي تفاصيل القضية ذكرت صحيفة «الجارديان» أن شركة «كامبريدج اناليتيكا» متهمة بأنها عملت على التأثير في قرارات الناخبين عن طريق الحصول على معلوماتهم وبياناتهم وتفضيلاتهم الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيسبوك»، باختراقها حسابات 50 مليون عميل أثناء الانتخابات الأمريكية في عام 2016، والحصول على بياناتهم وتسريبها لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقابل 16 مليون دولار.

وتشير الصحيفة إلى أن تسريب بيانات المستخدمين تم عن طريق الحصول على رخصة دخول إلى بياناتهم الشخصية في موقع فيسبوك؛ ولذلك تعتبر هذه الفضيحة هي الأكبر في تاريخ موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» منذ تأسيسه.

وفي تقرير آخر قالت صحيفة «الجارديان»: إنه لن يستطيع أحد بعد اليوم الزعم بأن ما تقدمه فيسبوك لا يعدو كونه متعة غير ضارة، وطالبت بإخضاع المعايير القانونية لحرية التعبير لهيئات قضائية غير منحازة، قائلة: إن ما كشفته حول كيفية استخدام بيانات فيسبوك بواسطة شركة «كامبريدج أناليتيكا» من شأنه زعزعة الديمقراطية.

وعبرت الحكومة البريطانية عن استيائها من خلال ما صرح به متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، من أن بريطانيا قلقة للغاية بسب مزاعم استغلال شركة «كمبردج أناليتيكا» البريطانية لبيانات الملايين من مستخدمي فيسبوك في حملات انتخابية دون تصريح منهم.

وقال داميان كولينز رئيس لجنة البيانات الرقمية والإعلام والرياضة في البرلمان البريطاني إن ألكسندر نيكس الرئيس التنفيذي لشركة «كمبردج أناليتكيا» ربما تعمد تضليل لجنة البرلمان أثناء شهادته أمامها قبل نحو أسبوعين بشأن استخدام شركته لبيانات فيسبوك.

وتقول التقارير الصحفية إن شخصا يدعى كريستوفر وإيلي (28 عاما) هو أول من أثار الجدل بإعلانه استخدام الشركة البريطانية «كامبريدج أناليتيكا» للبيانات الشخصية لحوالي 50 مليون مستخدما من بين 2.13 مليار شخص يملكون حسابات على «فيسبوك». ثم أكد ادوارد سنودن الذي عمل سابقا في المخابرات الأمريكية، وصاحب تسريبات «ويكلكيس» الشهيرة على ما ذكره كريستوفر وإيلي.

وفي الوقت نفسه أكد وإيلي أن شركة «كامبريدج اناليتيكا» جمعت البيانات الشخصية لمستخدمي فيسبوك دون علمهم، مما يعني أنها انتهكت شروط خدمة واستخدام موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. وقام موقع فيسبوك فورا بإغلاق حساب وإيلي الشخصي، في الوقت الذي قامت فيه شركة «كامبريدج أناليتيكا» بنفي انتهاكها لشروط استخدام فيسبوك.

وقام موقع فيسبوك بإيقاف الحساب الخاص بشركة «كامبريدج اناليتيكا». وتبادل الطرفان الاتهامات فيما بينهما، حيث حاول كل منهما تحميل الطرف الآخر مسؤولية ما حدث. فشركة «اناليتيكا» أكدت أنها حصلت على البيانات الشخصية للمستخدمين من «فيسبوك» بطريق قانوني، بينما دافعت الأخيرة عن نفسها مؤكدة أنها طلبت من الشركة البريطانية تدمير البيانات لديها منذ عام 2015، إلا أن الأخيرة استمرت في تخزينها لحين الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ومن ناحية أخرى أشارت الصحف في معرض اعتذار مؤسس فيسبوك، مارك زوكربيرغ إلى قوله إن هناك طرفا ثالثا هو أستاذ علم النفس في جامعة كامبريدج أليكساندر كوغان الذي قام عام 2015 بمساعدة تطبيقه بتسليم الحجم الأكبر من المعلومات الشخصية عن المستخدمين لشركة كمبريدج اناليتيكا. وأضاف مارك في اعتذاره يقول: «لقد كان ذلك خرقا لثقتكم وأعتذر لأننا لم نعمل أكثر آنذاك».

وكان كوغان قد أمد شركة «كامبريدج اناليتيكا» بعدد من وسائل وأدوات التحليل السلوكي لمستخدمي فيسبوك، وid التي على أساسها عملت على التأثير على سلوك المواطنين في التصويت بالانتخابات الأمريكية عام 2016.

ويواجه «كوجان» اتهامات بسوء استخدام البيانات؛ حيث سمحت له شركة فيسبوك بتجميع بيانات ملايين المستخدمين الشخصية، إلا أنه خان الأمانة، وقام بتقديمها إلى الشركة البريطانية، ليقوم بذلك بانتهاك شروط استخدام موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك.

وظل زوكربيرج صامتا لفترة دون الإدلاء بأي تصريحات آو تعليقات حول هذه القضية، مما أثار تساؤلا لدى صحيفة «الجارديان» التي نشرت تقريرا بعنوان «أين زوكربيرج» استنكرت فيه صمته تجاه تلك القضية الحساسة التي أثارت الرأي العام في دولتين من أكبر دول العالم هما الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، فضلا عن بقية دول العالم.

وتقول صحيفة «فايننشيال تايمز»: إن مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ طلب منه توضيح كيفية جمع شركة «كامبريدج أناليتيكا» بيانات 50 مليون مستخدم -أغلبهم أمريكيون- لمساعدة ترامب في الفوز بالانتخابات الرئاسية.

أما صحيفة «ديلي ميل» فأشارت إلى اعتراف مارك زوكربيرغ بأن شبكة فيسبوك ارتكبت أخطاء بسبب فضيحة «كمبريدج أناليتيكا»، كما اعترف بحدوث «خرق للثقة» بينها وبين مستخدميها. واضطر  للاعتذار بعد فترة صمت طويلة. وكرر مارك زوكربيرغ اعتذاره في صحف نهاية الأسبوع عن خرق الثقة في بيان نشرته الصحف جاء فيه «إننا نتحمل المسؤولية عن حماية معلوماتكم، وإذا لم نتمكن من ذلك فنحن لا نستحق ثقتكم».

ومما لا شك فيه أن هذه الفضيحة عرضت شركة فيسبوك لخسائر فادحة وصلت إلى 58 مليار دولار من قيمتها السوقية في أسواق المال الأمريكية بنهاية تعاملات الأسبوع الماضي. وهبطت أسعار أسهم شركة فيسبوك بصورة هائلة لتتراجع من 176.80 دولار في بداية الأسبوع إلى 159.30 دولار في نهاية الأسبوع، وذلك بعد اعتراف زوكربيرغ بارتكاب أخطاء أدت إلى اختراق بيانات المستخدمين، بحسب صحف نهاية الأسبوع البريطانية.

وبطبيعة الحال لم يفلت مؤسس فيسبوك من المساءلة حيث طلب منه الكونجرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي ومجلس العموم البريطاني التعليق والرد على الاتهامات الموجهة لـ«فيسبوك». كما طلب منه عرض توضحيات بشأن تسريب بيانات مستخدمي الموقع. وطالب رئيس البرلمان الأوروبي بإجراء تحقيق عاجل في ظل تورط الشركة بالتأثير على المستخدمين في التصويت على تحديد مستقبل بريطانيا من الخروج أو البقاء في الاتحاد الأوروبي عام 2016.

وفي هذا السياق منحت المحكمة العليا البريطانية هيئة تنظيم الإعلام إذنا بتفتيش مكاتب شركة «كامبريدج اناليتيكا» لتحليل البيانات في لندن، بناء على سعي اليزابيث دينام، مفوضة مكتب المعلومات وحماية الخصوصية في بريطانيا. وبالفعل قامت هيئة تنظيم الإعلام بتفتيش مكاتب شركة «كامبريدج اناليتيكا» وخرجوا منها محملين بالأدلة التي عثروا عليها. وما زالت القضية قيد البحث والتحقيقات.