أفكار وآراء

القطاع العقاري والحلول الممكنة

24 مارس 2018
24 مارس 2018

سالم بن سيف العبدلي/ كاتب ومحلل اقتصادي -

توفير الأراضي السكنية المناسبة يأتي من أهم أولويات الحكومة فمنذ فجر النهضة المباركة حيث تم توزيع آلاف القطع السكنية في مختلف المحافظات واستحدثت العديد من المخططات إلا أنه بمرور الوقت ونظرا لتزايد عدد السكان أصبح الحصول على ارض سكنية حلما يراود الشباب والذين يبحثون عن الاستقرار الأسري وتبرز المشكلة أكثر في محافظة مسقط والتي تكتظ بالسكان وقد استغل سماسرة العقار الموقف وأخذوا بالمغالاة في الأسعار ليصل سعر قطعة الأرض الى أرقام قياسية بسبب زيادة الطلب مع ثبات العرض وإن كانت الأسعار استقرت خلال الفترة الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية إلا أن هذه مرحلة استثنائية قد لا تطول كثيرا.

وزارة الإسكان نوهت قبل حوالي سنتين بأن توزيع الأراضي في محافظة مسقط يتم وفقا لأولوية تاريخ تقديم الطلب وأن الوزارة المذكورة في حينها كانت تبت في طلبات الأراضي السكنية المسجلة في 12 ديسمبر 2008 ونظن أنه منذ تلك الفترة وحتى الآن لم يتم توزيع ذلك الكم من الأراضي بسبب محدودية المخططات، كما أن الوزارة قد أشارت على لسان أحد المسؤولين إلى أن لديهم أكثر من نصف مليون طلب للحصول على أراض سكنية وحوالي 80% من تلك الطلبات في محافظة مسقط تخص النساء.

في محافظة مسقط أصبح الحصول على قطعة أرض حكومية شبه مستحيل حيث يكاد يكون قد تم توزيع أغلب المخططات شرقا وغربا شمالا وجنوبا بل إن بعض القطع وزعت عشوائيا فوجد أصحابها عند استلام مخططاتها أنها تمر على مجرى وادي وأخرى فوق رابية أو منطقة منخفضة جميع هذه المؤشرات تدعونا الى المطالبة بإعادة النظر في مسألة توزيع الأراضي السكنية وإعادة ترتيب الأولويات وإعادة هيكلة طريقة توزيعها خاصة في محافظة مسقط والمدن الرئيسة ونطرح هنا عددا من المقترحات والأفكار التي يمكن مناقشتها ودراستها وأهمها ما يلي:

أولا: ضرورة إنشاء مجمعات سكنية متكاملة خارج محافظة مسقط توزع على الشباب عن طريق تسهيلات تمويلية تسدد على أقساط ميسرة وبذلك نضمن توفير سكن مناسب للشباب وتوزيع التنمية وتقليل الزحام على المدن الرئيسية.

ثانيا: السماح بالتوسع الرأسي في بعض المدن والمخططات الجديدة وإقامة مبان سكنية اقتصادية تراعي احتياجات الشباب تتوفر فيها سبل العيش الكريم.

ثالثا: تخصيص بعض المخططات في محافظة مسقط لإقامة المباني العالية والأبراج او ما يسمى بناطحات السحاب التي تتسع لعدد كبير من الشقق على أن يوفر لها التسهيلات المناسبة والتي من أهمها مواقف للسيارات والمرافق الأخرى.

رابعا: إعادة النظر في توزيع الأراضي السكنية بحيث تعطى الأولوية للشباب الذين هم في أمسّ الحاجة لتكوين مستقبلهم على ان تخصص نسب من الأراضي للنساء بعد دراسة كل حالة على حده فكما هو معلوم بأن المرأة ليست مطالبة برعاية أسرة ولا تكوين بيت وبالتالي السكن ليس من ضمن أولوياتها بحكم طبيعتها وتكوينها ومهامها التي حددها الشرع الشريف فهناك حالات لنساء من بيت واحد حصلت على أكثر من ثلاث أراض بينما شباب ينتظر دوره أكثر من عشر سنوات فالموضوع يحتاج لدراسة ومراجعة.

مؤتمر التطوير العقاري 2018 الذي عقد مؤخرا أصدر 15 توصية مهمة للغاية من أبرزها أهمية إشهار هيئة مستقلة للقطاع العقاري في السلطنة والسماح وتسهيل الإجراءات للشركات والمستثمرين بتسجيل المشاريع العقارية باسم المؤسسات إضافة الى تسريع الإجراءات اللازمة للحصول على الموافقات المطلوبة لتنفيذ مشاريع التطوير العقاري من خلال تطبيق نظام المحطة الواحدة مع توحيد الرسوم المتعلقة بمشاريع التطوير العقاري. كذلك إصدار وتحديث القوانين والتشريعات المناسبة واللوائح اللازمة لها، بهدف استقطاب الاستثمارات الداخلية والخارجية للقطاع العقاري للوصول إلى بيئة استثمارية جاذبة تضمن حقوق جميع الأطراف بشفافية، وعلى وجه التحديد قانون التطوير العقاري وقانون مزاولة مهنة التثمين العقاري.

ومن ضمن التوصيات ضرورة التوسع في الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص لتنفيذ المشاريع العقارية المختلفة، مع تحفيز شركات التطوير العقاري للاستفادة من التقنيات الحديثة في البناء وترشيد استهلاك الطاقة وترسيخ مفاهيم التنمية المستدامة في المشاريع العقارية من خلال منح إعفاءات جمركية وإعفاءات من الرسوم وأدوات تحفيزية ، مع سرعة اعتماد هذه التقنيات من قبل المؤسسات الحكومية المعنية ، وتشجيع شركات التطوير العقاري على التحالف لتشكيل كيانات عقارية كبيرة لتطوير المشاريع العقارية والاستثمارية في البلد والاستفادة من الفرص الاستثمارية التي تطرحها الحكومة للقطاع الخاص.

إضافة إلى أهمية إتاحة المعلومات والبيانات الدقيقة للمستثمرين وسرعة نشرها وعدالة فرص الاستفادة منها، على أن تعكس هذه المعلومات مؤشرات حقيقية عن واقع القطاع العقاري تتصف بالشفافية والوضوح، مع توفير قاعده بيانات تفصيلية تشمل جميع جوانب العقار والبناء، وإيجاد آلية فعالة وسريعة للتحكيم العقاري تختص بالنظر في النزاعات المتعلقة بالمسائل العقارية، ومراجعة شاملة للرسوم الحكومية التي تم رفعها خلال الفترة السابقة والتي تخص القطاع العقاري، خاصة بعد أن أظهرت الإحصائيات الرسمية التراجع الكبير في حجم التداول العقاري بعد تطبيق تلك الرسوم

وأخيرا نقول إذا ما تم تطبيق توصيات المؤتمر والمقترحات التي ذكرناها في بداية هذا المقال فإن القطاع العقاري سوف ينتعش كثيرا ويكون مساهما رئيسيا في الاقتصاد الوطني والتنويع الاقتصادي والأهم من ذلك سوف يحل أزمة السكن في محافظة مسقط وباقي المحافظات والولايات.