الاقتصادية

نزاع عمالي يهدد بالقضاء على النمو الاقتـصـادي فـي الدنـمـارك

23 مارس 2018
23 مارس 2018

توشك الدنمارك على التعرض لإضراب من القطاع العام بوسعه القضاء على معظم النمو الاقتصادي في البلاد. وحذر أصحاب العمل بالفعل من أن حوالي 450 ألف موظف - أي أكثر من نصف العدد الإجمالي - لن يعودوا إلى العمل في أبريل المقبل ما لم يتم حل النزاع المطول حول الأجور.

ويقول هيلجي بيدرسن، كبير الاقتصاديين في نورديا، وهو أكبر بنك في بلدان الشمال الأوروبي، إن مثل هذا السيناريو قد يكلف الدنمارك حوالي 5 مليارات كرونة (أي 830 مليون دولار) في الأسبوع من حيث قيمة الإنتاج المفقودة. ووفقًا لحساباته، فإن الإضراب عن العمل الذي سيستمر من ستة إلى ثمانية أسابيع سيقضي «تقريبًا كل النمو الاقتصادي في الدنمارك في عام 2018» والذي يُقدره بنسبة 1.5 إلى 2 في المائة.

وقال بيدرسن في تعليقات عبر البريد الإلكتروني: «إن عواقب الإغلاق الشامل للقطاع العام كبيرة لدرجة أنه لن يُسمح لهذا القطاع بالعمل على المدى السياسي لفترة طويلة. ويمكن توقع تدخل حكومي في هذا الشأن في غضون بضعة أيام».

صراع الأجور

ووفقًا لصحيفة بوليتيكين المحلية، طالب قادة الاتحاد الذين يمثلون موظفي الحكومة المركزية بزيادة في الأجور بنسبة 8.2 في المائة على مدار ثلاث سنوات، لكن عُرض عليهم 6.7 في المائة. ويقول العمال: إنهم يستحقون هذا التعويض بعد سنوات من ضبط النفس في أعقاب الأزمة المالية العالمية. كما طالب الأطباء والمعلمون الذين تم تعيينهم من قبل السلطات الإقليمية بأجر وظروف عمل أفضل، بما في ذلك استمرار الحصول على استراحة الغداء المدفوعة الأجر.

وتقول دورثي بيدرسن، الأستاذ المساعد في كلية كوبنهاجن لإدارة الأعمال: إن أساس النزاع يمكن إرجاعه إلى عام 2008. ذلك عندما كان عمال القطاع العام قادرين على استئمان زيادة في الأجور تبلغ نحو 13 في المائة (موزعة على 3 سنوات) في مواجهة ارتفاع الأجور في القطاع الخاص.

النموذج الدنماركي

هذا الاتفاق، الذي يراه أصحاب العمل الآن بأنه مبالغ فيه، يضمن أنه في نهاية النزاع سيشكل للمرة الأولى تهديدًا خطيرًا لـ«النموذج الدنماركي» - وهو نظام عمره قرن من الزمن لتأمين الاتفاقات الجماعية دون تدخل سياسي. ويقول اتحاد الصناعات الدنماركية إن النموذج الدنماركي عنصر أساسي في «الحماية المرنة»، وهي طريقة الدنمارك للتوفيق بين حرية الأعمال التجارية في قبول ورفض مطالب العمال من أجل الأمن.

وبموجب هذا النظام، يُفترض أن تكون الحكومة محايدة وأن تعمل فقط كنوع من اللجوء إلى الملاذ الأخير عند حدوث نزاعات الأجور. ولكن بما أن هذا الأمر يتعلق ببيروقراطيي الوزارة وغيرهم من العاملين في الحكومة المركزية، فقد اتُهمت الحكومة بالازدواجية. وكانت آخر مرة تم فيها إغلاق القطاع في عام 2013، عندما تظاهر المدرسون بسبب خصم رواتبهم بما يعادل 25 يومًا.

وتقول بيدرسن، التي ألفت كتابًا عن النموذج الدنماركي: إن النزاع يتعلق بالمبادئ أكثر مما يتعلق بالمال. وتقول: إن الاستراتيجية الحقيقية طويلة الأجل هي إضعاف الاتفاقيات الجماعية لصالح وزارتي الميزانية والمالية.

وأضافت بيدرسن في حوار عبر الهاتف: «للمرة الأولى تقف جميع الاتحادات جنبًا إلى جنب في تضامن». ذلك لأنهم أدركوا أن هذا «نزاع نظامي» يهدد النموذج الدنماركي من داخله.

بلومبيرج