1279423
1279423
المنوعات

أربع أوراق عمل تبحث في حياة وأدب الشاعر الشيخ سيف الكمياني

17 مارس 2018
17 مارس 2018

خلال ندوة نظّمتها اللجنة الثقافية بنادي نزوى -

تغطية: أحمد الكندي -

شهدت قاعة الداخلية بمركز التدريب التربوي بنزوى تنظيم ندوة حياة وآثار الشيخ الشاعر سيف بن سعيد بن علي الكمياني والتي تأتي ضمن أنشطة اللجنة الثقافية العلمية بنادي نزوى حيث جاء تنظيم هذه الاحتفائية بالشاعر للوقوف على جانب من جوانب حياته العلمية والعملية ودراسة أثر الشيخ في العلم والثقافة بولاية نزوى.

وقد أقيمت الندوة تحت رعاية سعادة الدكتور الشيخ خليفة بن حمد بن هلال السعدي محافظ الداخلية وبحضور عدد من المكرمين وأصحاب السعادة وجمهور كبير حضر للتعرّف عن كثب على حياة الشاعر وآثاره وقد استهلت اللجنة بكلمة ألقاها الدكتور موسى بن محمد السليماني رئيس اللجنة المنظّمة للندوة أوضح فيها أن اللجنة الثقافية العلمية بنادي نزوى دأبت على دعم الكثير من الجوانب العلمية والثقافية معنويا وماديا، وقد قامت بجهود جبارة في هذا الشأن، سواء على صعيد ولاية نزوى أو على مستوى المشاركات داخل السلطنة وخارجها، من إقامة ندوات، ومعارض ثقافية وعلمية، وتشجيع الأدباء والمؤلفين والشعراء والمثقفين والطلبة المجيدين، وما زالت بمشيئة الله ماضية في العمل بكل جد واجتهاد في هذا المضمار وما هذه الندوة اليوم إلا غيض من فيض من عطاء هذه اللجنة المباركة وبفضل الله أنجزت الكثير من الأنشطة خلال الفترة المنصرمة بدعم أهلي لهذه اللجنة وبتضافر جهود الجميع، وتابع القول إن العلماء ورثة الأنبياء، فهم نور الله في أرضه، ونجوم ساطعة في سمائه تتلألأ في سماء عمان لتعكس ضوءها على أرض نزوى الطاهرة العامرة بالعلماء والأدباء منذ غابر الأزمان وأن للشيخ سيف الكمياني الكثير من المآثر والجهود ستتطرق لها الندوة من خلال أربع أوراق عمل وفيلم وثائقي عن حياته ومقابلات مع شخصيات عديدة عاصرته، بعد ذلك تم عرض فيلم وثائقي عن حياة الشيخ وأماكن تعليمه وذكريات من جلساته العلمية بالصوت والصورة.

حياة الشيخ العلمية وتجربته الشعرية

بعد ذلك بدأت أولى جلسات الندوة التي أدارها عبدالله بن محمد العبري رئيس اللجنة الثقافية العلمية بنادي نزوى وتضمنت ورقتين، كانت الورقة الأولى من أوراق العمل الحديث عن حياة الشيخ سيف الكمياني وسيرته العلمية وقدّمها الدكتور موسى بن محمد بن عبدالله السليماني رئيس قسم التربية الإسلامية بمديرية التربية والتعليم بمحافظة الداخلية أوضح في بدايتها أن الاهتمام بالشخصيات العلمية والأدبية وإظهار مكانتها وأدوارها أمر مهم، وقال: تعد عمان عامرة بالكثير من هؤلاء الشخصيات العلمية والأدبية من قديم الزمان على العموم، وهذه المدينة العريقة مدينة نزوى على الخصوص ما زالت تنجب مثل هؤلاء وإلى يومنا هذا، وقال: يتناول هذا البحث شخصية من الشخصيات العمانية في المجتمع النزوي نتحدّث فيه عن الجانب العلمي للشيخ منذ بداية نشأته وحتى وفاته، ورغم المعلومات الشحيحة عن سيرته العلمية إلا أنني حاولت جاهدا الحصول على كل معلومة من أبنائه وأقربائه ومعاصريه، وقد قسمت البحث لعدة مجالات وهي مولده ونشأته، وحياته العلمية، ومؤلفاته، والنشاط العلمي والأدبي ومراسلاته، وفاته وخاتمته، أما الورقة الثانية فقد تناولت تجربة الشيخ الشعرية وقدّمها الدكتور

حافظ بن أحمد بن سالم أمبوسعيدي المحاضر في الكلية التقنية بنزوى وتحدّث فيها عن مكامن الدلالات الخطابية في قصائد الشيخ سيف الكمياني من خلال رصد أبرز الظواهر العامة التي تستغرق الديوان، وتُشكل في الوقت ذاته موجّهات عامة تضطلع بالترابط النّصي للديوان، ولا سيّما في ظل شغل بعض الأغراض مساحة واسعة من الديوان، كشعر الرحلة، والمناسبات، والأسئلة النظمية، وتحاول الدراسة تتبّع الظاهرة اللغوية والبنى المعرفية المكوّنة لتأويليّات الخطاب الشعري في ديوان الشيخ.

حياته الأسرية وأدب الرحلات

عقب الجلسة تم تقديم قصيدة وطنية من تأليف الشيخ بعنوان «وطني عمان» تم تلحينها كنشيد وطني ألقاها الشاب المنشد المتألق صهيب بن إبراهيم السليماني مع مجموعة من المنشدين ثم بدأت الجلسة الثانية التي أدارها الدكتور عبدالله بن سعود أمبوسعيدي وتضمّنت ورقتي عمل، كانت الأولى من تقديم المهندس بدر نجل الشيخ وتطرّق فيها إلى حياة الشيخ في الفضاء الأسري حيث أوضح أن الشيخ (رحمه الله) بجانب كونه معلما وله طلابه وحلقات العلم الخاصة بهم، فلم يغفل بالكليةِ أهل بيته وأقربائه بل كان لهم حظ وفير من علمه وتربيته وكان يهتم بمن يأنس فيه من أهله وأقربائه حب القراءة أو الميل إلى فن من فنون العلم فيشجعه ويبذل قصارى جهده ليستثمر هذا الميول مهما بلغ أبناؤه وأقاربه من العمر والفهم في أمور حياته ولا يزال يذكره ويعلمه فهذا من خوفه وحفظه لأهله، كتنبيهه بأمور السلامة في قيادة السيارات والتصرف في السفر ومع الغرباء وقال: بالنسبة للشيخ فإن صلة الرحم قربة إلى الله إلى جانب كونها فرصة لنشر العلم فيستغل تجمع الأهل والأقارب لكي يشرح بصوتٍ عالٍ لكي يسمعه كل الحاضرين وليس فقط السائل، فهذا من إيمانه بأهمية تنبيه أهله وأقاربه استجابة لنداء ربه حين قال جل وعلا «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ»، أما الورقة الرابعة والأخيرة فكانت عن دلالة المكان في رحلات الكمياني النظمية للأستاذ الدكتور عيسى بن محمد بن عبدالله السليماني، أستاذ النقد الأدبي بكلية العلوم التطبيقية بنزوى استعرض فيها أدب الرحلات في محاولة قراءة نظمية الشيخ النحوي لرحلاته التي نظمها حيث قال: إن أدب الرحلات واحد من الأجناس الأدبية التي تحمل بين طياتها أبعادا ذاتية وإنسانية، كما أنه يقوم بدور توثيقي للمكان والزمان، رابطا بين الماضي والحاضر وبذلك دوّن الرحالة كل إثارة ارتبطت بمكانية وزمانية الحدث، وما ارتبط بهما من دول وقال: على هذا الأساس جاءت الورقة - بفضائها الزمني المحدود - محاولة قراءة نظمية الشيخ النحوي، سيف بن سعيد الكمياني، لرحلاته التي نظمها وهي لا تعدو أربع قصائد كما هي مثبتة في ديوانه «اللآلئ المهذبة في الأسئلة والأجوبة»، اثنتان سجلت بعدا دينيا، واثنتان عبرتا عن بعد المرح والتسلية حيث عرّج في ورقته إلى «دلالة المكان وما يرتبط به من أبعاد».

وعقب انتهاء الجلسة الثانية استمع الحضور إلى فقرة لقاءات مع بعض الشخصيات للحديث عن بعض ذكريات الشيخ (رحمه الله) حيث كان المتحدّثان المكرّم عبدالله بن سعيد السيفي الذي رافق الشيخ طوال حياته العلمية وكان زميلا للدراسة بالإضافة إلى علي بن ناصر البوسعيدي الذي كان تلميذًا للشيخ وعاصره قرابة ثلاثين عامًا حيث تحدثا عن ذكرياتهما مع الشيخ وبعض المواقف المتنوعة العالقة في الذاكرة.

وفي ختام الندوة قام سعادة الدكتور الشيخ محافظ الداخلية بتكريم مقدّمي أوراق العمل واللجان المنظمة والمتعاونين في إنجاح فعاليات الندوة.

سيرة ثرية

وتمثل سيرة الشيخ سيف الكمياني مرجعًا خصبًا لطلاب العلم فهو الشيخ الأديب النحوي الفرضي سيف بن سعيد بن علي بن حمد الكمياني الريامي ولد في شهر جمادى الأولى من سنة 1373 هجرية، الذي يوافق 1954م بمدينة نزوى في كنف والده حيث نشأ الشيخ في أسرة ثرية محبة للعلم والمعرفة، فقد كان والده سعيد - رحمه الله - تاجرا ميسورا، وكان يهتم بتعليمه الصلاة والأخلاق ويقوم بتلقينه بعض الأبيات الشعرية لما رأى فيه من حب العلم وسرعة الفهم والحفظ، وهو ابن أربع سنوات وقد رحل الشيخ الجليل في العقد السادس من عُمُره تقريبا في الليالي العشر المباركة من ذي الحجة سنة 1434هـ الموافق 2013م.