1278717
1278717
العرب والعالم

ميركل تعارض تصريحات وزير داخليتها الجديد وتؤكد : «الإسلام جزء من ألمانيا»

16 مارس 2018
16 مارس 2018

فرنسا أول محطاتها الخارجية بعد فوزها بولاية رابعة -

باريس - هانوفر - (د ب أ - أ ف ب) - نأت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بنفسها على نحو واضح عن تصريحات وزير داخليتها الجديد هورست زيهوفر في الجدل حول دور الإسلام في ألمانيا.

وقالت ميركل أمس خلال لقائها رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفن في برلين، إن ألمانيا تتميز بشدة بالطابع المسيحي، إلا أن هناك أيضا أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا حاليا.

وأضافت ميركل: «هؤلاء المسلمون جزء من ألمانيا أيضا، وكذلك ديانتهم - الإسلام - جزء أيضا من ألمانيا».

وذكرت ميركل أن بلادها تريد إسلاما قائما على أساس الدستور، وقالت: «يتعين علينا بذل كافة الجهود لصياغة حياة مشتركة على نحو جيد بين الأديان».

وتسبب زيهوفر في إثارة موجة من الانتقادات ضده في بداية توليه منصبه الجديد، وذلك بعدما صرح أنه لا يرى أن الإسلام جزء من ألمانيا.

وقال زيهوفر في تصريحات لصحيفة «بيلد» الألمانية الصادرة أمس: «الإسلام ليس جزءا من ألمانيا. المسيحية تميز ألمانيا، مثل عطلة يوم الأحد وأعياد وطقوس كنسية مثل عيد القيامة وعيد العنصرة وعيد الميلاد (الكريسماس)».

وأضاف زيهوفر الذي يترأس الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الشقيق الأصغر للحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل: «المسلمون الذين يعيشون لدينا جزء من ألمانيا بالطبع.لكن هذا لا يعني بالطبع أننا نتخلى لذلك عن تقاليدنا وعاداتنا المميزة لبلدنا من منطلق مراعاة خاطئ».

يذكر أن الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف استخدم عبارة «الإسلام جزء من ألمانيا» عام 2010، وأيدته في ذلك ميركل، إلا أن ساسة آخرين مثل رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف ميركل المسيحي، فولكر كاودر، عارضوا هذه العبارة.

واتهم ساسة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وحزب «اليسار» زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري زيهوفر بأنه يريد بذلك مداهنة أنصار حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الشعبوي.

ومن جانبها، قالت الرئيسة المحلية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية بافاريا في تصريحات لمحطة «إن تي في» التلفيزيونية: «الدافع على الأرجح هو كسب ناخبات وناخبين أدلوا بأصواتهم لصالح البديل الألماني...التفوه بمثل هذه العبارة يحرض المواطنين ضد بعضهم البعض».

وقال رئيس حكومة ولاية سكسونيا السفلى الألمانية، شتيفان فايل، المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي، أمس في هانوفر: «المسلمون المقيمون في ألمانيا جزء من ألمانيا، وهذا ينطبق أيضا على عقيدتهم...من اللافت أن وزير الداخلية يثير للتو في أول أيام عمله جدلا لا داعي له مطلقا مع رئيسة حكومته».

وقالت الأمينة العامة للحزب المسيحي الديمقراطي، أنجريت كرامب-كارنباور في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ): «تدعيم التكاتف في مجتمعنا هدفنا المشترك المنصوص عليه في اتفاقية الائتلاف الحاكم.

حرية العقيدة على أساس الدستور جزء من ألمانيا بلا جدال، فالمسلمون في ألمانيا بعقيدتهم الإسلام جزء من بلدنا». ومن جانبها اعتبرت خبيرة الشؤون الدينية في الكتلة البرلمانية لحزب «اليسار»، كريستينه بوخهولتس، تصريحات زيهوفر «تنازلا لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا».

وقال رئيس الكتلة البرلمانية للبديل الألماني في برلمان ولاية سكسونيا-أنهالت، أندري بوجنبورج، إن القول بأن «المسلمين المندمجين على نحو جيد والملتزمين بالقانون» جزء من ألمانيا لكن الإسلام ليس كذلك «رسالة جوهرية» لحزبنا، مضيفا أن تبني زيهوفر الآن لهذا القول «يؤكد صحة موقفنا».

ومن جانبها، دافعت وزيرة الزراعة الألمانية يوليا كلوكنر عن زيهوفر في وجه الانتقادات الموجهة إليه، داعية إلى التفريق بين انتماء المسلمين والإسلام لألمانيا، وقالت السياسية المنتمية لحزب ميركل المسيحي الديمقراطي: «التطرف والأصوليون لا ينتمون إلينا في ألمانيا.جذورنا مسيحية-يهودية، لكن بالطبع ينتمي إلينا أفراد من العقيدة الإسلامية».

في سياق مختلف وبعد انتخابها لولاية رابعة مستشارة لألمانيا عقب اشهر من المحادثات السياسية الصعبة، وصلت انجيلا ميركل في أول زيارة رسمية لها إلى الخارج الى باريس حيث استقبلها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للتباحث في إصلاحاته الأوروبية الطموحة.

وعلق سيباستيان مايار مدير معهد الأبحاث الأوروبي جاك دولور انه «يوم ينتظره ماكرون منذ زمن». اذ لا يمكن «للمحرك الألماني الفرنسي» ان يتوقف اذا كان لا يزال يريد المضي قدما في مشروعه الأوروبي في أوروبا بعد بريكست وفوز معادي المؤسسات في إيطاليا وبينما إسبانيا لا تزال غارقة في أزمة كاتالونيا.

وتابع مايار «هناك شعور بالإلحاح» لإعطاء بريق جديد الى أوروبا من الجانبين الألماني والفرنسي قبل عام تقريبا على انتخابات أوروبية يمكن أن تشهد دخولا قويا لتشكيلات مشككة في البرلمان الأوروبي.

وكان ماكرون صرح في سبتمبر في كلمة بجامعة السوربون «نشعر بالعجلة والجرأة هي ردنا الوحيد لإخراج أوروبا من العصر الجليدي».

وهو ينتظر منذ ذلك الحين ان تشكل ميركل التي أُضعفت سياسيا وخسرت غالبيتها، ائتلافها الحكومي وهو ما تم رسميا منذ الأربعاء الماضي.

وعلقت خبيرة السياسة في جامعة برلين الحرة سابين فون اوبلن ان «ميركل مدركة تماما ان ماكرون ينتظر منذ فترة ردا من ألمانيا حول مشاريعه لإصلاح الاتحاد الأوروبي وخصوصا منطقة اليورو.

حتى الآن لم يكن بوسع ميركل الرد بسبب العرقلة السياسية، وتوجهها على الفور الى فرنسا إشارة بأنها تأخذ مقترحات ماكرون على محمل الجد».

وأضافت فان اوبلن أن بعض المواضيع ستكون أسهل وأكثر توافقية من سواها.

وإن الزعيمين وفي مسعى لتوجيه رسالة محركة سيحاولان إيجاد «العديد من نقاط الإجماع بين البلدين». ويقول مايار أن هناك ثلاثة مواضيع يمكن ان يتفق حولها الزعيمان وهي أزمة الهجرة وفرض ضرائب على عمالقة الإنترنت والدفاع عن دولة القانون.

في المقابل، فإن إصلاح المؤسسات في منطقة اليورو (موازنة مشتركة واتحاد مصرفي...) وأوروبا الدفاعية اكثر حساسية بشكل واضح.

ويضيف انه وفي ما يتعلق بالهجرة، فالبلدان «مدركان بأن الموضوع سيكون في صلب الانتخابات الأوروبية المقبلة...وهي أرضية يمكنها التلاقي فيها لإثبات ان الوضع يمكن أن يكون تحت السيطرة».

ويتابع مايار أن الأمر كذلك بالنسبة إلى الضرائب على كبرى مجموعات الانترنت، خصوصا وان المفوضية الأوروبية ستعرض مشروعها حول الملف في 21 مارس، وبالنسبة إلى دولة القانون الموضوع التوافقي نسبيا بينهما إزاء الميول المعادية لليبرالية في المجر وفي بولندا.

في المقابل، تشير فان اوبلن إلى أن «الأمور يمكن أن تتعقد حول إصلاح منطقة اليورو لأن البلدين لديهما ثقافات اقتصادية مختلفة لا تتفقان دائما».

ويأمل ماكرون خصوصا تشكيل وزارة وميزانية لمنطقة اليورو، ويعقد وزير الاقتصاد الفرنسي بورنو لومير ونظيره الألماني اولاف شولتس اجتماعا حول هذا الموضوع المعقد.

وتقول فان اوبلن ان «المسألة الكبرى تبقى لمعرفة قيمة الأموال التي سيتم استثمارها في منطقة اليورو، ويمكن ان تتقارب الآراء لكن سيكون من الصعب تحديد رقم ، دون ان ننسى مسألة تشكيل وزارة أوروبية لمنطقة اليورو والتي يمكن ألا تلقى ترحيبا من الجانب الألماني».

ومساء الأربعاء حذرت ميركل التي تشعر بأنها تحت المراقبة من قبل قسم من ائتلافها الحاكم حول هذا الملف، في مقابلة مع تلفزيون «زد دي اف» الألماني «نحن مستعدون لتقديم مبالغ أكبر للميزانية المستقبلية للاتحاد الأوروبي لكن لا نريد التشارك في الديون دون (ان يصبح الاتحاد الأوروبي) اكثر تنافسية».

الموضوع الحساس الآخر هو أوروبا الدفاعية التي يريد البلدان إعادة إطلاقها سواء حول مواضيع صناعية مشتركة مثل بناء مقاتلة أوروبية مستقبلية وتعزيز التعاون العسكري.

وفي هذا الصدد، يجب ان تتحلى ميركل بقدرة على الإقناع لتجاوز التحفظ الألماني التقليدي إزاء الالتزامات العسكرية.