صحافة

الأيام:المسؤول عن الجريمة هو المستفيد

16 مارس 2018
16 مارس 2018

في زاوية آراء كتب طلال عوكل مقالا بعنوان: المسؤول عن الجريمة هو المستفيد، جاء فيه: تشعّبت واتّسعت ردود الفعل، على المحاولة المجرمة التي استهدفت موكب رئيس الحكومة الدكتور رامي الحمدالله، والوفد المرافق له، بعد مسافة قصيرة من حاجز بيت حانون فيما كان متجها إلى غزة.

لست أدري ما هي قيمة التصريحات التي لا تكتفي بإدانة الفعل الإجرامي، وهو أمر لا بأس به، فتذهب إلى شروحات وتحليلات تنطوي على تحريض، أو تشكيك أو توجيه اتهامات في غير محلها.

لماذا لا يصبح المسؤول مسؤولا إلاّ حين تستفيض في النفاق، وإظهار حرص زائد، والخروج عن الأصول في مثل هذه الحالات.

كان لا بد أن يتقيد الناس، بالتصريحات الرسمية المخولة بالتعبير عن المواقف. بازار واسع شهدته ردود الفعل على المحاولة الإجرامية، فالبعض اتهم حماس بالتورط، وآخرون نفوا ذلك، والبعض الآخر، فسر الأمر على أنه يندرج في إطار العمل من أجل، قيادة بديلة، وترتيبات ما بعد الرئيس.

اللواء توفيق أبو نعيم، أعلن أن الأجهزة الأمنية باشرت فورا بالتحقيق وأنها أمسكت بطرف خيط قوي، ورحب بمن يرغب المشاركة في التحقيق.

خلط الأوراق على النحو الذي ظهر في التصريحات الواسعة، لا يدل فقط عن ضعف الشعور بالمسؤولية من قبل البعض الذي يعترف من حيث لا يعرف وإنما يثير علامات استفهام، ويدفع الأمور نحو زوايا خطرة في البحث عن الجهة المسؤولة.

بالتأكيد مثل هذا العمل الجبان لا يمكن أن يكون فرديا من شخص غاضب، لديه دوافعه الخاصة للثأر والاحتجاج، وإنما هو عمل منظم تقف وراءه جهات معادية.

عند التحقيق في مثل هذه الجرائم، يبدأ المعنيون بسؤال حول صاحب المصلحة الحقيقية في ارتكاب الجريمة، ومن هناك يبدأ التحقيق ضمن دوائر محدودة.

الإجابة عن السؤال ستشير إلى إسرائيل أولا لكونها صاحب المصلحة الحقيقية عن استمرار الانقسام لفرض مخططاتها المتوافقة تماما مع المخططات الأمريكية التي تحمل عنوان «صفقة القرن». ممنوع على الفلسطينيين أن يستعيدوا وحدتهم، حتى تتهيأ الظروف المناسبة لفرض دولة غزة، كمفصل أساسي في مخطط تصفية القضية الفلسطينية وشطب المشروع والحقوق الوطنية الفلسطينية.

ثمة جهات أخرى يمكن أن تكون وراء الجريمة لأسبابها الخاصة وإن كانت في النهاية تصب في مصلحة إسرائيل.

الكل يعرف أن الجماعات التكفيرية الإرهابية، موجودة في قطاع غزة، وأنها على حالة عداء مع حماس ومع الكل الفلسطيني، وهناك، أيضا، جماعات المصالح، تلك الجماعات المستفيدة من الانقسام واستمراره، لكن الاحتمالات

لا تقف عند هذا الحد، ولكنها أضعف من الاحتمالات السابقة، فثمة من يسعى لإفشال الدور المصري مثلا.

يستدعي الأمر الصبر، وانتظار نتائج التحقيق، التي نفترض أن تكون سريعة، وتقدم الحقائق أمام الجميع، وإلى ذلك الحين، من غير المعقول أن تنشب معركة إعلامية تتسم بعدم الموضوعية والتسرع وإطلاق الاتهامات الجزافية، الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق أزمة الثقة، التي تسمم العلاقات الوطنية.

على الخط ذاته نتمنى أن لا يسرف المسؤولون في التصريحات المتفائلة بشأن المصالحة، فلقد ملّ الجمهور الفلسطيني من كثرة خيبات الأمل.

لا تعني شيئا بالنسبة للمواطن الفلسطيني كثرة الحديث عن الالتزام بالمصالحة، والحرص على إنجازها، وتوجيه الاتهامات بشأن تعطلها كل للطرف الآخر، تصبح مثل هذه التصريحات وكأنها محاولة فقط لتبرئة الذمم، طالما أن المصالحة متعطلة، وتتعرض للمزيد من النكسات.

السؤال الأهم هو إذا كان الجميع يتحدث عن أن الهدف من وراء ارتكاب هذه الجريمة هو إفشال المصالحة، وأن هذا الهدف يندرج في سياق محاولات تصفية القضية الفلسطينية فإن ذلك يعني بالضرورة المبادرة لاتخاذ إجراءات ومواقف عملية في اتجاه دفع المصالحة من أجل إفشال تلك المخططات.

غير أن الواقع يشير إلى أن الحركة تدور في الاتجاه المعاكس، نحو تعطيل المصالحة ولا نقول إفشالها لأن

لا مصلحة لأحد في إفشالها.

في الأخير فإن المواطن الفلسطيني يحتار في أمر قياداته وحساباتها السياسية، في ضوء مراقبته للمزيد من الخطوات العملية التي تصب في اتجاه تصفية القضية، أم أن الزمن يفقد قيمته إذا لم يتطابق مع حسابات هذا الطرف أو ذاك؟ .