أفكار وآراء

برلين تتوقع مستقبلا مُقلقا لأفغانستان!!

16 مارس 2018
16 مارس 2018

سمير عواد -

حسب تحليلات الحكومة الألمانية، فقد ساء الوضع الأمني في أفغانستان في الفترة الأخيرة، بصورة تجبر ألمانيا على تمديد وجود جنودها في منطقة الهندكوش لفترة زمنية أطول. ويعبر تقرير الحكومة الألمانية حول تردي الوضع الأمني في أفغانستان، عن فشل الدول المعنية في مساعدة ذلك البلد للعودة إلى الحظيرة الدولية، في تحقيق الأمن والاستقرار في هذا البلد.

وجاء في التقرير الذي تمت تدارسه في مجلس الوزراء الألماني في نهاية الشهر المنصرم، أن ألمانيا بناء على التحليل الواقعي للوضع الأمني في أفغانستان، فإنها تعتقد أن مشاركتها العسكرية هناك سوف تستمر للسنوات المقبلة. وكشف عن وجود تطور إيجابي هو ما أسماه بميثاق استراتيجي بين الجيش الأفغاني وحركة طالبان، حيث إن الجيش انسحب من المناطق الجبلية ويركز على توفير الحماية للمواطنين في المناطق المركزية التي يتواجدون فيها. وأوضح التقرير في هذا الصدد أن الجيش يسيطر على 60 بالمائة فقط من المناطق التي يعيش فيها ثلثا سكان أفغانستان. وأكد التقرير الذي نشر موقع القناة الأولى للتلفزيون الألماني ard مقتطفات منه أن الوضع الأمني مثير للقلق، وأن الصورة السائدة في أفغانستان، والتي تؤكدها التقارير الواردة من هناك، هي عدم قدرة الحكومة الأفغانية على إدارة شؤون أفغانستان، بالإضافة إلى أن مؤسساتها لا تعمل بشكل فعّال، على الرغم من الدعم العسكري الذي قدمته الدول المعنية والمليارات الطائلة التي تم إنفاقها لتحقيق الأمن والسلام في ربوع أفغانستان، بحيث يرى المراقبون أن هذه مهمة مستحيلة. وأفاد تقرير الحكومة الألمانية الذي صدر في شهر فبراير الماضي، أن أبرز أسباب هذا الفشل إضافة إلى فشل العمل الحكومي والمؤسساتي، وسيطرة قوى الأمن على الأوضاع، هي الهجمات المتتالية التي تقوم بها حركة طالبان وما يُسمى «داعش» الذي أوجد موطئ قدم له في أفغانستان مؤخرا، وانتشار الفساد والفقر وتفشي البطالة واضطرار المواطنين الأفغان للفرار والهجرة بسبب فقدانهم الأمل بأن تتحسن الأوضاع في بلدهم.

وأضاف التقرير أن الأمن لا يعتبر متوفرا أيضا في المناطق التي يتواجد فيها الجنود الألمان في شمال أفغانستان، لأنه لم يعد بالوسع تأمين الحماية للخبراء العاملين في إعادة التعمير، وأن الجيش الألماني يؤمن الحماية لنصف عدد برامج إعادة التعمير. وكانت الحكومة الألمانية قد اتخذت قرارا في الفترة الأخيرة بزيادة عدد الجنود الألمان في أفغانستان من 980 جنديا إلى 1300 بسبب التردي الأمني في أفغانستان. وذكرت مجلة «دير شبيجل» الألمانية قالت مؤخرا ، تحت عنوان «الجيش الألماني باق في أفغانستان لزمن غير معروف»، أن الحكومة الألمانية عبرت في تقريرها عن صورة واقعية للوضع الأمني في أفغانستان، رغم أنها صورة تبعث على القلق. فقد تفادت في سياق التقرير تحديد فترة زمنية لسحب الجنود الألمان من هناك، والأسوأ أنها حذرت في تقريرها من خطوة سحب جنودها من أفغانستان، رغم أن المواطنين الألمان لا يؤيدون مشاركة جنودهم هناك ويعتبرون أن الجيش الألماني يقوم بالعمل القذر عوضا عن الولايات المتحدة الأمريكية، التي قامت بغزو ذلك البلد في نهاية عام 2001 ، كرد على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في العام المذكور على نيويورك وواشنطن.

وقالت المجلة إن أفغانستان تحتاج إلى استمرار وجود جنود حلف شمال الأطلسي، الذين يشكلون غالبية جنود القوات الدولية، لهدف تعزيز قدرات الجيش الأفغاني، لكن الحكومة الألمانية تعتقد أن الأمر يحتاج إلى جيل كي يتم تحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان. من جهة أخرى يرى التقرير أن البلدان المعنية في أفغانستان قد أساءت تقدير الوضع الأمني عندما قررت سحب جنودها من هناك في عام 2014 الأمر الذي ساعد حركة طالبان في استغلال انسحاب الجنود الدوليين، وقاموا بالسيطرة على المناطق التي تركها هؤلاء الجنود . وتعتبر الحكومة الألمانية أول حكومة غربية تقدم صورة حقيقية للوضع المزري في أفغانستان وعدم وجود أسباب للشعور بالأمل بأن يتحسن هذا الوضع في المستقبل القريب. وتعلن ألمانيا سنويا عن الوضع في أفغانستان من خلال تقرير سنوي تشترك المخابرات الألمانية bnd في إعداده. ويعتبر هذا التقرير الأسوأ منذ عام 2010 حينما جاء في تقرير ذلك العام أن الوضع الأمني بدأ يتحسن.

من أبرز الاقتراحات التي تعتبر بمثابة تحديات هي:

- تدريب الشرطة والجيش الأفغاني.

- التمهيد لقيام حكومة تعمل بشكل فعال وبشفافية.

- تقوية الاقتصاد المحلي بشكل اكبر وفعال.

- احترام حقوق الإنسان وبناء جهاز قضائي مستقل.

ويأتي التقرير على شرح أسباب الفشل في تلك الدولة الآسيوية، ومنها على سبيل المثال، الفساد في برامج تدريب الشرطة، حيث ضاعت مليارات الدولارات التي قدمتها صناديق الدعم من مختلف أنحاء العالم، في قنوات مجهولة. وبحسب التقرير هناك 24 اسما لأعضاء وهميين في الشرطة والسؤال هو من يحصل على رواتب هؤلاء ومن يتستر عليه؟

وتعتزم برلين في ضوء التقرير وتدهور الوضع الأمني في أفغانستان، زيادة عدد جنودها بأربعمائة جندي ليصل إلى 1700 جندي، والسبب هو ازدياد عدد هجمات طالبان على القنصلية الألمانية العامة منذ 2016 و2017 رغم شكاوى الجنود الألمان من سوء تسليحهم، مما يعرقل جهودهم لمواجهة طالبان وتنظيم «داعش». وتعتقد الحكومة الألمانية أن الانتخابات البرلمانية المقررة هذا العام، سوف تتأجل مجددا، على الأرجح، وكانت مقررة في الخريف الماضي. كما ترى برلين أنها أصبحت تحت مجهر طالبان وتنظيم «داعش»، بسبب دورها في إعادة تعمير أفغانستان، وبعد الهجمات على القنصلية، وتهديد خبراء التعمير، يحذر التقرير من استمرار المحاولات في العام الجاري للقيام بمزيد من الهجمات ضد الجنود والدبلوماسيين وخبراء التعمير الألمان.