كلمة عمان

مكتبة البيروني صرح ثقافي رفيع

14 مارس 2018
14 مارس 2018

على مدى العقود والسنوات الماضية ، وتقديرا لأهمية العلم والثقافة، ولدور هما في تعميق وتعزيز التواصل الحضاري بين الشعوب، شكل الاهتمام السامي بالجوانب التعليمية والثقافية والتراثية ملمحا أساسيا في رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- لدور السلطنة ولإسهامها الحضاري، ولعلاقاتها التاريخية والممتدة والمتسعة أيضا مع العديد من الشعوب الشقيقة والصديقة في المنطقة وعلى امتداد العالم.

ومن ثم فانه ليس من المصادفة أن يحظى هذا الجانب باهتمام وعناية سامية، كبيرة ومتواصلة، لتعزيز وتعميق سبل ووسائل التواصل الحضاري بين الشعب العماني والشعوب الشقيقة والصديقة.

ومن مسقط إلى طشقند، ومن موسكو إلى واشنطن، ومن بيروت إلى سيدني، ومن هارفارد إلى كمبريدج إلى الأزهر إلى العديد من أشهر جامعات العالم امتد الاهتمام الثقافي لجلالة السلطان المعظم، ليتيح سبلا ومجالات لتحقيق مزيد من التفاهم والفهم الأفضل للثقافة العربية والإسلامية، وللإسهام أيضا في الحفاظ على كنوز ثقافية ذات قيمة تاريخية عالية، لتستفيد منها الأجيال المتعاقبة، وهو ما تزداد أهميته على نحو شديد، خاصة في ظل ما تتعرض له الثقافة العربية والإسلامية من تشويه، حتى من جانب بعض أبنائها، ومن اتهامات باطلة من جانب مناهضيها، على اختلاف ألوانهم ومشاربهم ودوافعهم الظاهرة والمستترة.

واليوم (الخميس) تشهد العاصمة الأوزبكية طشقند حفل افتتاح المبنى الجديد لمكتبة «أبي الريحان البيروني» ، والذي تم تشييده بأوامر سامية، تقديرا من جلالته - حفظه الله ورعاه - لدور العلم والعلماء على الصعيد الحضاري الإنساني، وتعزيزا للعلاقات الطيبة بين السلطنة وجمهورية أوزبكستان، وحفاظا على تراث إنساني وإسلامي عريق تضمه هذه المكتبة العريقة، وتستفيد منه الإنسانية جمعاء. وبناء على الأوامر السامية، يشارك صاحب السمو السيد هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة في افتتاح المبني الجديد لمكتبة «أبي الريحان البيروني»، وهي في الواقع أكبر بكثير من كونها مكتبة، حيث شيدت على مساحة 7227 مترا مربعا، وتضم مختبرات للأبحاث، وغرفا لحفظ المخطوطات، ومعامل لترميمها وحمايتها من التلف ومكاتب للتوثيق، وأجهزة للتحول إلى النظام الرقمي، وهو ما يجعل منها صرحا ثقافيا رفيعا، قادرا على خدمة الثقافة العربية والإسلامية والإنسانية ككل أيضا، خاصة وأن المكتبة تضم ما يزيد على خمسين ألف مجلد من المخطوطات والمطبوعات الإسلامية التاريخية والنقوش الحجرية النادرة، وذات القيمة الثقافية والتراثية والتاريخية الرفيعة. جدير بالذكر أن العناية السامية بالتراث والثقافة، وبالحفاظ على ما تركه العلماء الأجلاء من إسهامات طيبة ومفيدة في مختلف مجالات العلم والمعرفة، في السلطنة وعلى امتداد العالم أيضا، هي في الواقع عناية بأفضل ما يملكه الإنسان من ملكات عقلية وفكرية، والعمل على تيسير استفادة البشرية والتراث الإنساني بها، بقدر الإمكان، من أجل الدفع نحو عالم افضل يسوده السلام والأمن والاستقرار والتواصل الحضاري بين شعوبه.