1276557
1276557
الاقتصادية

يباع بسعر أقل 10% عن المنتج العماني - الإسمنت المستورد .. التحدي الأكبر أمام مصانع الأسمنت المحلية

14 مارس 2018
14 مارس 2018

كتب - زكريا فكري -

ترتفع معدلات الطلب على الإسمنت لمواكبة الامتداد العمراني وتعدد مشاريع الطرق والبنية الأساسية، ورغم وجود 3 شركات كبرى لإنتاج الإسمنت في السلطنة إلا أنها لم تكن تلبي الطلب المتزايد الذي يفوق قدراتها الإنتاجية والذي وصل حاليا إلى 9 ملايين طن سنويا، بينما حجم الإنتاج المحلي قريب 5 ملايين طن. هذا ما حدى بالجهات المعنية بالدولة إلى فتح باب استيراد الإسمنت لمواكبة الطلب المتزايد عليه، حيث يحتاج السوق المحلي الى 5 ملايين طن سنويا .. لكن مع الوقت بدأ الإسمنت المستورد يأكل من حصة الإسمنت العماني شيئا فشيئا، خاصة في ظل الأسعار التنافسية التي يتمتع بها المستور كونه يباع بسعر أقل 10% من سعر الأسمنت المحلي.. وتشبع المنطقة بالإسمنت وكثرة مصانع الإنتاج وبالتالي بدأ تصديره الى السلطنة بكميات كبيرة وسعر أقل. هذا بالطبع يشكل تحديا جديدا يواجه هذه الصناعة التي نجحت منذ ثمانينات القرن الماضي في مواكبة متطلبات النهضة العمانية المباركة وحققت قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والمجتمع كما أنها تحقق نسب تعمين عالية.

في محاولة لإلقاء الضوء على هذا الموضوع وغيره من الموضوعات الأخرى المتعلقة بهذه الصناعة المهمة التقينا مع المهندس هلال بن سيف الضامري مدير عام التصنيع بشركة إسمنت عمان والتي تملك فيها الحكومة 51% من أسهمها.

يقول المهندس هلال الضامري: إن شركة إسمنت عمان أنشئت في عام 1977 بموجب مرسوم سلطاني، وكانت بواكير إنتاجها في عام 1988 عبر خط إنتاج ألماني وحيد، وكانت البلاد وقتها تعتمد على الإسمنت المستورد ولكننا عندما دخلنا السوق أخذنا على عاتقنا تطوير الخطوط باستمرار لمواكبة الطلب المتزايد، ففي عام 1998 أضفنا خط إنتاج ثانيا لتصبح الطاقة الإنتاجية 1.2 مليون طن إسمنت سنويا. وفي عام 2011 افتتحنا الخط الثالث لتصل السعة الإنتاج الى 2.6 طن سنويا.. إضافة إلى زيادة طاحونة ليصبح لدينا 5 طواحين فارتفعت الطاقة الإنتاجية الى 3.6 طن من الأسمنت سنويا.

نسبة التعمين في شركة أسمنت عمان تصل إلى 71% بداية بالإدارة العليا والوسطى والفنيين وخطتنا وهدفنا هو الوصول بالتعمين إلى 80% بما في ذلك رؤساء الأقسام ومديرو العموم. حيث يبلغ عدد الموظفين 690 موظفا في الخطوط جميعا بداية من المحاجر الى التكييس وحتى البيع.

وفيما يتعلق بالتدريب يقول المهندس هلال الضامري: نهتم بالتدريب بشكل كبير، فصناعة الإسمنت تحتاج الى جهد كبير وبها كافة تخصصات الهندسة من أقسام مثل الكيمياء والجيولوجيا والكهرباء وغيرها من الأقسام، ونغطي هذه الجوانب بالتدريب المهاري والتقني ذي المستوى الجيد.

المواد الخام والبيئة

يقول مدير عام التصنيع بإسمنت عمان: في السابق كنا نستورد بعض المواد الخام من الخارج مثل مادة “البوكسيد” لكن وبعد مجموعة من الأبحاث التي أجريناها، وجدنا أن هذه المادة متوفرة في السلطنة والآن تستخرج من المحاجر، وبالتالي وفرنا حوالي مليون ريال عماني سنويا قيمة استيرادها من الخارج منذ عام 2010 وحتى الآن.

من ناحية أخرى كانت عندنا مشاكل بيئية كثيرة بحكم التوسع العمراني، بدأت تظهر هذه المشاكل نتيجة الزحف العمراني ليقترب من منطقة التصنيع. وقبل ذلك لم نتمكن من عمل تحسينات بيئية في وقته بسبب الضغط على طلب الأسمنت. في عام 2014 عملنا خطة متكاملة للوصول بالمصنع الى استيفاء المتطلبات البيئية، وحاليا نعمل وفق هذه المتطلبات بل واكثر. قمنا بتركيب وتوصيل كاميرات مراقبة لمراقبة الانبعاثات وتم توصيل هذه الكاميرات بوزارة البيئة ليشاهدوا ويسجلوا في التو واللحظة أي ملاحظات أو انبعاثات ضارة بالبيئة. إضافة الى ذلك قمنا بتركيب وحدة مراقبة التلوث البيئي وتم تركيبها بالمصنع بالتعاون مع وزارة البيئة وقد استوردناها من الولايات المتحدة الأمريكية وهى وحدة دقيقة جدا تقيس جميع الملوثات من أتربة وغبار وغازات ضارة تقيسها وتعطيك بيانات دقيقة. اليوم لدينا منتج جيد وبيئة صحية ولكننا لا نتوقف ونطمح للمزيد من التطوير والنمو المستدام.

تصدير أسمنت آبار النفط

يقول الضامري إن حوالي 97% من الإنتاج الإجمالي للمصنع يطرح في السوق المحلي، ولدينا واجب وطني وهو أن نلبي الاحتياجات المحلية أولا ثم بعد ذلك نتجه للأسواق الخارجية .. فقط نحن نصدر فقط ما يسمى بإسمنت آبار النفط، وتشكل الكمية حوالي 3 أو 4% من الإنتاج لدول الإمارات الكويت والعراق وشمال إفريقيا، فنحن متميزون في الإنتاج بجودة عالية، كما أن بعض شركات النفط المحلية تحصل على هذا النوع من الأسمنت ولدينا عقود مع شركات النفط العمانية .. لكن غالبية الإنتاج تذهب لأعمال الإنشاءات والبناء والتشييد وأعمال البنية الأساسية.

تحديات الأسمنت المستورد

عندنا تحديات بالفعل تتمثل في الإسمنت المستورد .. فالسلطنة من الدول التي بها طفرة عمرانية كبيرة وهناك 3 مصانع لإنتاج الإسمنت، ولكنها لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد وبالتالي يفتح باب الاستيراد لتوفير احتياجات السوق.

لدينا شركة ريسوت للإسمنت وشركة المدينة في البريمي الى جانب إسمنت عمان جميعنا نعمل على توفير احتياجات السوق. احتياجات السوق المحلية من الإسمنت تتراوح ما بين 8 إلى 9 ملايين طن سنويا والشركات الثلاثة مجتمعة تنتج كميات تزيد قليلا على 4 ملايين طن سنويا، وبالتالي هناك قريب الـ 5 ملايين طن من الإسمنت يحتاجها السوق المحلي يتم استيرادها من الخارج سنويا.

الاستيراد بلا شك ضرورة لضمان تلبية الطلب المتزايد ولكن هذا الاستيراد بدأ يأكل من حصصنا الثابتة وذلك نتيجة طرحه بأسعار تقل حوالي 10% عن أسعار الأسمنت العماني وهذا في حد ذاته يؤثر على الإنتاج المحلي.

هل سياسة إغراق

وعندما سألت المهندس هلال: هل يمكن أن نطلق على المستورد انه يتبع سياسة إغراق؟ أجاب : هو يمثل تحديا كبيرا للمنتج العماني من الإسمنت ولا استطيع أن أقول انه يندرج تحت بند الإغراق ولكنه يشكل بالنسبة لنا تحديا لأنه صارت هناك مصانع كثيرة حولنا في المنطقة ودول العالم، وبالتالي صار هناك تشبع في الأسواق المحيطة ويتم توريد كميات كبيرة إلى السلطنة بأسعار مغرية تنافس الإسمنت العماني. فالمنتجون بالخارج يريدون في النهاية بيع فوائضهم بعد تغطية تكاليفها وبفرق سعر في حدود 10% أقل من أسعار الإسمنت العماني.

طبعا نحن ندعو المؤسسات الحكومية والخاصة أن تدعم المنتج المحلي لأنه يتصف بالجودة إضافة الى انه يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والمجتمع، فندعو الجميع خاصة المشاريع الحكومية أن تراقب هذا الأمر وأن تكون حريصة على استخدام المنتج العماني. وقال الضامري في نهاية حديثه: يمكننا تلبية حتى 35% من احتياجات السوق ولكن نظرا لمنافسة المستورد نلبي فقط 25% وذلك بسبب التوسع في الاستيراد.