1275849
1275849
تقارير

هل يتجه المغرب إلى انتخابات مبكرة؟

13 مارس 2018
13 مارس 2018

الرباط-(الأناضول): ككرة ثلج تحول الحديث عن احتمال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في المغرب إلى المادة الإعلامية الأبرز في الإعلام المغربي.

القصة بدأت بخبر على موقع «ماروك انتيليجونس» الإخباري الفرنسي يتحدث عن «ترقب انتخابات مبكرة في المغرب»، قال: إنها يمكن أن تجرى في أبريل المقبل لتتناسل بعدها أخبار وتحليلات عن هذه الانتخابات المحتملة، وما يعتبره البعض «مؤشرات» في هذا الاتجاه أو «مؤشرات» في الاتجاه المضاد.

«المبشرون» بانتخابات مبكرة يستشهدون بحالة من «الحركية الاستثنائية» يشهدها حزب «التجمع الوطني للأحرار»، (وسط- مشارك في الحكومة) بقيادة عزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري الذي صنفته مجلة «فوربس» في أحدث تصنيف لها بأنه أغنى رجل في المملكة.

فمنذ أشهر يقوم أخنوش مصحوبا بقيادة الحزب بجولات وتجمعات ومؤتمرات بأرجاء المغرب، معبرا خلالها عن رغبة حزبه في تصدر الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2021.

وحل الحزب رابعا في الانتخابات الأخيرة أكتوبر 2016، بـ37 مقعدا من أصل 395 مقعدا بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، بينما تصدرها حزب «العدالة والتنمية» (إسلامي) بـ125 مقعدا.

المراقبون يرون أن تولي أخنوش رئاسة حزب «التجمع الوطني للأحرار» بعد شهر من انتخابات 2016م في فترة مشاورات عبد الإله بنكيران لتشكيل حكومته الثانية كان الهدف منه هو إعطاء دور أكبر للحزب في المشهد السياسي المغربي.

واضطر بنكيران أمين عام حزب «العدالة والتنمية» آنذاك إلى انتظار حزب «التجمع الوطني للأحرار» أكثر من شهر حتى عقده مؤتمرا استثنائيا، وانتخاب أخنوش رئيسا له؛ كي يبدأ مشاوراته لتشكيل الحكومة.

وكان أخنوش ابتعد عن الحزب، وأعلن قبلها بحوالي أربعة أشهر أنه لن يعود إلى «التجمع الوطني للأحرار» ولا إلى أي حزب آخر. لم تتشكل حكومة بنكيران رغم مرور ستة أشهر من مشاورات كان لحزب أخنوش دور كبير فيها يتجاوز وزنه الانتخابي.

وفي مارس 2017 عين العاهل المغربي الملك محمد السادس سعد الدين العثماني رئيسا للحكومة خلفا لبنكيران، وبعد ثلاثة أسابيع تشكلت حكومة العثماني بمشاركة حزب أخنوش بوزارات اعتبرت «استراتيجية»، ضمت: الفلاحة والمالية والاقتصاد والصناعة والتجارة والاستثمار والسياحة.

«احتجاجات الريف وجرادة»

مع تنصيب حكومة العثماني وصل «حراك (احتجاجات) الريف» شمالي المملكة إلى أوجه، ويطالب المحتجون بالتنمية وإنهاء التهميش ومحاسبة الفادسين، وكان هذا الحراك قد انطلق في أواخر حكومة بنكيران، وشكل تحديا حقيقيا للحكومة، وسقط بسببه أربعة وزراء ومسؤولين رفيعي المستوى في الدولة، ولا تزال تداعياته مستمرة.

ثم انطلقت احتجاجات أخرى في مدينة جرادة (شرق)، ولا تزال متواصلة بشكل متقطع؛ للمطالبة أيضا بالتنمية وإنهاء التهميش وفق المحتجين، وتعرضت الحكومة لانتقادات كبيرة بشأن أسلوب تعاملها مع هذه الاحتجاجات.

بموازاة ذلك كان «العدالة والتنمية» يشهد أزمة غير مسبوقة في تاريخه؛ بسبب خلافات قيادته حول تقييم ما جرى بعد إعفاء بنكيران وتعيين العثماني على رأس الحكومة وظروف تشكيل الحكومة.

وتلا ذلك خلاف كبير شهده الحزب على خلفية استقطاب حاد داخله بين من يدعو إلى تغيير قانون الحزب للسماح لبنكيران بالترشح لولاية ثالثة على رأس الحزب وبين الرافضين لها.

وهو ما انتهى بالتصويت ضد المقترح قبل أن يعقد الحزب مؤتمره في ديسمبر الماضي، وينتخب العثماني أمينا عاما خلفا لبنكيران. وحتى الآن لم «يبرأ» حزب «العدالة والتنمية» من أزمته، ولا يزال يعول على إجراء «حوار داخلي» يرمم به صفوفه المتصدعة.

على الجانب الآخر منذ أشهر يشهد حزب «التجمع الوطني للأحرار» حركية غير اعتيادية، عبر عقد العشرات من المؤتمرات في محافظات عديدة.

يترافق ذلك مع حملة تواصل كبيرة لاستقطاب عشرات الآلاف من المنخرطين مرفوقة بحملة تسويق إعلامي كبيرةـ، ترتكز على أخنوش، الذي يعبر فيها عن طموح حزبه لترأس الحكومة في 2021.

مع نهاية فبراير الماضي بلغت حركية حزب «الأحرار» ذروتها بإعلانه عن فتح باب الترشيحات للانتخابات المقبلة، والكشف عن المشروع الجديد للحزب الذي أعلن فيه عن تصوره للمغرب في أفق 2025، وضمنه في كتاب بعنوان «مسار الثقة».

تحركات حزب «التجمع الوطني للأحرار» تستهدف إصلاح قطاع التعليم، وتوفير الخدمات الصحة، وإيجاد فرص العمل، وهي الأولويات التي تعمل عليها حكومة العثماني بمشاركة حزب أخنوش.

تلك التحركات اعتبر البعض أنها لا تراهن فقط على انتخابات 2021، بل على أقرب من ذلك، الأمر الذي رأى فيه مراقبون استعدادا من الحزب لانتخابات مبكرة، يمكن أن يُعلن عنها في أي وقت.

«الأحرار» محل «العدالة»

وفق المحلل السياسي بلال التيلدي فإن «المؤشرات تؤكد أن جهات مؤثرة داخل الدولة تريد إنهاء تجربة حزب العدالة والتنمية، وإحلال حزب التجمع الوطني للأحرار محله، في قيادة الحكومة».

التليدي ذهب في حديث إلى أن «سيناريو الانتخابات المبكرة كان يُجري الترتيب له في المغرب، ولكن ظهور صعوبات بملف الصحراء (المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو) واتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي جعل الوضع ليس في صالح تغيير سياسي بالمغرب مما أربك هذا السيناريو، وأجله».

وتابع: «هذه التحديات لم تؤجل الهدف الاستراتيجي، وهو الاشتغال على حزب التجمع الوطني للأحرار، وإبرازه وإعداده للمرحلة القادمة».

وبحسب الدستور المغربي فإنه للملك بعد استشارة رئيس المحكمة الدستورية، وإبلاغ رؤساء الحكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) أن يحل مجلسي البرلمان أو أحدكما بعد خطاب يوجهه الملك إلى الأمة. وينص الدستور على أن يتم انتخاب البرلمان الجديد أو المجلس الجديد خلال شهرين من حله.

كما يمكن اللجوء إلى انتخابات مبكرة عند استقالة رئيس الحكومة، ما يترتب عليه إعفاء الملك للحكومة بكاملها.

في أول ظهور له بقناة عامة قال أخنوش في برنامج «حديث مع الصحافة» على القناة الثانية المغربية (حكومية) في 4 مارس الحالي: إن إعلان حزبه فتح الترشيحات للانتخابات «غير مرتبط بانتخابات سابقة لأوانها».

ومضى موضحا: «لا يمكن أن ننتظر إلى غاية الانتخابات لفتح باب الترشح؛ لذلك قلنا إنه لا بد من فتح المجال خلال الثلاث سنوات القادمة».

وأضاف أن «وزراء الحزب مرتاحون للاشتغال إلى جانب العُثماني»، وأن حزبه «مستعد لأن تذهب الحكومة إلى آخر المطاف، وسيتعاون على ذلك»، وحول طموح حزبه لرئاسة الحكومة، أجاب: «إذا كان معروفا منذ الآن من سيحل الأول أو الثاني في الانتخابات، فلا داعي لإجرائها».

وأردف: «نريد أن ننجح في الانتخابات، وإذا كنا نستحق أن نكون في المقدمة، فهو استحقاق؛ لأننا نشتغل في الميدان، وهدفنا هو أن نتجاوز ما حصلنا عليه في الانتخابات السابقة».

وفي ظل الربيع العربي عام 2011م تصدر حزب «العدالة والتنمية» للمرة الأولى في تاريخه، الانتخابات البرلمانية، في العام نفسه، وترأس الحكومة بين نوفمبر 2011 وأبريل 2017، ثم تصدر انتخابات 2016، وما يزال يترأس الحكومة.

«العثماني ينفي ويتهم»

خلال لقاء حزبي قال العثماني رئيس الحكومة الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» (قائد الائتلاف الحكومي): إن «الحديث عن انتخابات سابقة لأوانها لا أساس له من الصحة .. هذا الأمر يوجد فقط في منصات التواصل الاجتماعية»، وأضاف أن «هناك أطرافا (لم يسمها) لا تريد أن يكون العدالة والتنمية على رأس الحكومة».

واعتبر أن «الحديث عن انتخابات سابقة لأوانها خلال هذه الفترة هو استمرار للإشاعات التي أثيرت على حكومات العدالة والتنمية، منذ سنة 2011»، وفي ذلك العام ذهبت تحليلات في الصحافة المغربية المحلية إلى أن الحكومة لن تستمر أكثر من عام.

بدوره قال عضو في الأمانة العامة (أعلى هيئة تنفيذية) لحزب «العدالة والتنمية»: إن «الأمانة العامة في أحدث اجتماع لها، يوم 5 مارس الحالي برئاسة العثماني، ناقشت ما يروج حول الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها، وخلصت إلى أنه ليس هناك معطيات أو مؤشرات على أن هناك اتجاها نحو إجراء انتخابات مبكرة».

وأضاف المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه أن «أعضاء الأمانة العامة ناقشوا سبل التعامل مع تحركات حزب التجمع الوطني للأحرار، وتوقفوا عند حديث وثيقة الحزب (التجمع الوطني للأحرار) عن (العمل من 2018 في أفق 2025)، ما يعني أن مشروعهم المعبر عنه ينطلق من الآن حتى 2025».

وتابع أن «هذه الفترة تشمل المرحلة الحالية التي يوجدون بها (حزب الأحرار) في الحكومة»، وختم بأنه «بعد استغرابهم (أعضاء الأمانة العامة) الانتقادات التي وجهتها وثيقة الأحرار لعمل الحكومة في بعض القطاعات، انقسموا إلى رأيين: الأول يقول بمواجهة حزب الأحرار، والثاني يقول إن الجواب يجب أن يكون من خلال العمل في الميدان».