صحافة

تداعيات «تسميم» جاسوس روسي في لندن

12 مارس 2018
12 مارس 2018

يشوب العلاقات البريطانية - الروسية توترا يتصاعد بين الحين والآخر، منذ مقتل الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفنينكو في لندن عام 2006.

الذي أشارت التحقيقات وقتها أن الرئيس الروسي بوتين هو الذي أعطى،على الأرجح، الضوء الأخضر لقتله.

ويجيء حادث تسميم الجاسوس الروسي سيرجي سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) الأسبوع الماضي ليزيد الطينة بلة، بتوسيع حدة هذه التوترات.

هذا الحادث الذي لقي تغطية واسعة في جميع الصحف البريطانية من خلال التقارير التي أشارت في البداية إلى تعرض رجل وامرأة لهجوم باستخدام «مادة غير معروفة» في المركز التجاري The Maltings في مدينة سالزبوري، بحسب تأكيد الشرطة كشفت عن الأسماء لاحقا.

وكشفت صحيفة «آي» أن الجاسوس سكريبال عقيد سابق في الاستخبارات الروسية، وحصل على اللجوء السياسي في بريطانيا في 2010 بعد تبادل الجواسيس بين الجانبين الروسي والبريطاني.

ومن بين ما أشارت إليه التقارير الصحفية أن محكمة عسكرية في موسكو كانت قد أصدرت حكما بالسجن 13 سنة بحق سكريبال عام 2006 بعد توجيه عدة تهم اليه، من بينها «تسريب معلومات لجهاز الاستخبارات البريطانية (MI6)»، و«إفشاء هويات عملاء روسيا في دول أوروبا». وذكرت صحيفتا «ديلي ميل» و«ديلي تلجراف» ان سكريبال كان قد لجأ إلى بريطانيا عقب الإفراج عنه في موسكو عام 2010، كجزء من عملية لمبادلة الجواسيس. وانه أبلغ الشرطة البريطانية مؤخرا بأنه يخشى على حياته، خاصة بعد الوفاة الغامضة لزوجته وابنه عام 2012.

غير انه وعلى الرغم من منح شهادة بان مرض السرطان كان السبب في وفاة زوجة سكريبال، لكن الجيران قالوا إنها قتلت في حادث سيارة.

وفيما نقلت صحيفة «التايمز» عن مصادر حكومية، لم تذكر اسمها، انه يتم النظر حاليا في جميع السيناريوهات المحتملة وراء وقوع هذا الحادث، فإنها نقلت أيضا تعليقا لاحد الخبراء الروس يقول فيه أن موسكو لا يمكن أن تسمح بمثل هذا الهجوم رفيع المستوى قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة بفترة وجيزة.

أما صحيفة «الجارديان» فقد نشرت تحليلا قالت فيه أن عقاب الجاسوس الروسي سكريبال بمحاولة اغتياله بالسم، ربما جاءت بسبب استمرار علاقته بجهاز الاستخبارات البريطانية (MI6) او الاشتباه بوجود هذه العلاقة.

وفي تطور لاحق أفادت التقارير الصحفية ان الجاسوس الروسي وابنته تعرضا لمحاولة قتل عن طريق التسميم بغاز الأعصاب الذي يشل الجهاز العصبي وجميع وظائف الجسم، وان الخبراء حددوا نوع الغاز المستعمل، لكنهم لم يكشفوا عنه في الوقت الحالي، بحسب تصريح مفوض مساعد الشرطة مارك راولي.

وان الشرطي الذي حاول إنقاذ سكريبال وابنته أصيب ويرقد هو أيضا بالمستشفى في حالة حرجة.

وأوضحت صحيفة «فايننشال تايمز» ان غاز الأعصاب تحتفظ به الحكومات في مخازنها العسكرية فقط.

وتقول صحيفة «آي» إنها المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا الغاز للهجوم على الأراضي البريطانية.

وان شرطة مكافحة الإرهاب طلبت مساعدة الجيش. وفي إطار التهديدات وتبادل الاتهامات بين لندن وموسكو، تعهدت رئيسة الحكومة تريزا ماي بالرد بشكل «مناسب» في حال ثبوت الأدلة بالتورط في تسميم الجاسوس المزدوج سكريبال. كما أكدت وزيرة الداخلية امبر رود أمام نواب البرلمان أنها ستبذل أقصى ما بوسعها لجلب الفاعلين للقضاء أياً كانوا وأينما يكونون، واصفة الهجوم بأنه «وقح ومتهور». ونقلت صحيفة «ديلي ميرور» تهديدات بوريس جونسون التي اعلنها أمام نواب البرلمان بأنه اذا ظهرت أدلة على مسؤولية دولة ما، فإن الحكومة سترد بشكل مناسب وقوي..

وان أي محاولة لقتل الأبرياء على أرض المملكة المتحدة لن تمر دون عقاب.وأضاف «في حال ثبوت الشكوك التي تساورنا، أعتقد أننا يجب أن نجري حوارا جديا حول علاقاتنا مع روسيا». واضاف «من وجهة نظري الشخصية، أعتقد أنه سيكون من الصعب رؤية فريق يمثل المملكة المتحدة في كأس العالم القادم اذا ثبت تورط الدولة الروسية، فكيف سنأمن على أرواح ممثلينا هناك».

وتابع «من الواضح أن روسيا أصبحت قوة مؤذية ومدمرة، في حين تقف بريطانيا في طليعة الدول الساعية إلى إبطال مثل هذه النشاطات». صحيفة «التايمز» نشرت مقالا بعنوان «بريطانيا قد تدعو لمقاطعة جماعية لكأس العالم في روسيا» قالت فيه إن الحكومة البريطانية تدرس الأمر كخيار للرد على محاولة اغتيال الجاسوس الروسي إذا ثبت تورط روسيا في الأمر، ولن تقتصر المقاطعة على لندن فقط بل إنها تتشاور مع الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا للانضمام إليها إذا اتخذت القرار الذي قد يكون جزءا من عقوبات أشد على روسيا تشمل النواحي السياسية والاقتصادية والرياضية.

وقد هاجم لاعب نادي مانشستر يونايتد السابق، غاري نيفيل، وزير الخارجية بوريس جونسون، بسبب التهديد بالانسحاب من كأس العالم عبر تغريدة له على «تويتر» وصف فيها جونسون بانه «غبي ولا فائدة منه»، وتساءل «لماذا يدخل كرة القدم في هذه الأمور؟».

وبالمقابل، ردت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زخاروفا، على تصريحات جونسون واصفة إياها بـ«الجامحة».كما نفت سفارة موسكو في لندن اتهامات وسائل الإعلام البريطانية بتورط الاستخبارات الروسية في تسميم العميل الروسي.

وقالت في بيان لها انها طلبت من السلطات البريطانية معلومات عن الوضع الصحي للعميل وابنته، لكن السلطات لم تمنحها اي معلومات.واعربت سفارة موسكو عن قلقها البالغ إزاء ما حل بالجاسوس وابنته.

ودعت المسؤولين البريطانيين وقوات الأمن للتدخل السريع ضد محاولات إظهار روسيا كشيطان.

مضيفة أنه لا يمكن قبول تحميل الاستخبارات الروسية المسؤولية.وتفيد صحف نهاية الأسبوع ان الاتجاه يصبو نحو معاقبة روسيا.حيث ذكرت صحيفة «صنداي تلجراف» أن المسؤولين الروس المتورطين في الفساد أو انتهاكات حقوق الإنسان سيواجهون نظام عقوبات صارم يمكن أن يشمل حظر التأشيرة وتجميد الأصول، كجزء من «إجراءات انتقامية ضد موسكو» اذا ما تأكد تورطها في قضية الجاسوس الروسي المزدوج سكريبال.وتحت عنوان «المحافظون يحثون ماي على إيقاف تلقي تبرعات من الروس» قالت صحيفة «صنداي تايمز» أن تيريزا ماي تتعرض لضغوط لإعادة التبرعات التي حصل عليها حزب المحافظين من الروس الداعمين للحزب. وفي تقرير حصري لصحيفة «صانداي بيبول» ذكرت ان ثمانية جواسيس روس سابقين حاول بوتين قتلهم، ونقلت الصحيفة عن احدهم قوله انه فر إلى بريطانيا بسبب تعرضه للتسمم. وبالتأكيد ستزداد حدة التوتر بين البلدين اذا ما توفي الجاسوس الروسي الذي يرقد حاليا بالمستشفى في حالة حرجة.وربما تتصاعد الامور الى حد قد يصل الى العلاقات الديبلوماسية.